أربع سنوات مضت منذ فرض الغرب عقوباته علي روسيا - بسبب ضمها شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا- لم تكن بالضرورة عجافًا للدب الروسي. لكن العقوبات الأمريكية الأخيرة و"العقوبات الروسية المضادة" قد تجعل حرب العقوبات تلك أكثر كلفة. يوضح معظم الخبراء أن عقوبات 2014 خفضت الناتج القومي الإجمالي بنسبة من 1% إلي 2%. وحرمت روسيا من التكنولوجيا الغربية المتقدمة. وأضرت الصناعة وأسواق المال الروسية. يقول مدير "معهد التحليل الإستراتيجي" في موسكو التابع لشركة "إف بي كي" المتخصصة في الاستشارات المالية إن الاقتصاد الروسي نجا من عقوبات 2014 رغم الأضرار التي ما زالت آثارها قائمة حتي يومنا هذا. لكن إدارة ترامب فرضت في السادس من أبريل الماضي عقوبات جديدة علي سبعة من أغني أثرياء روسيا و17 مسئولاً حكوميًا بارزًا بموسكو. وذلك ردًا علي ما أسمته واشنطن اعتداءات روسية وأبرزها التدخل المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016. والقتل المزعوم للعميل المزدوج "سيرجي سكريبال" في الرابع من مارس الماضي. علي عكس عقوبات 2014. تبدو عقوبات 2018 غير محددة الملامح. فبجانب أنها موجهة لاتهامات لم تثبت قطعًا بعد. وتقول الولاياتالمتحدة إنها تردع بها موسكو عن "أنشطتها الخبيثة". وتلك عبارة بالغة العموم. وعلي أي حال فليس أمام المُجمع الرئاسي الروسي "الكرملين" والبرلمان الروسي سوي الاستعداد لشتاء طويل جديد من العقوبات الباردة. بدت بالفعل مظاهر فشل موسكو في مواجهة العقوبات حيث يحاول المجلس الأدني بالبرلمان الروسي "الدوما" تكييف الوضع الروسي وفقًا للعقوبات الجديدة كأمر دائم. بعد أن تبددت آماله في الاندماج بصفة أكبر مع الغرب. أقر مجلس الدوما الثلاثاء 22 مايو الماضي النص النهائي لقانون "العقوبات المضادة" ضد الولاياتالمتحدة والدول المعادية والمؤسسات التابعة لهم ومسئوليهم ومواطنيهم. ليُطبق علي المدي الطويل. يتضمن قانون "العقوبات المضادة" إجراءات انتقامية مثل منع صادرات التيتانيوم ومحركات الصواريخ والمواد النووية وكذلك حظر المنتجات الأمريكية الحيوية مثل المستحضرات الطبية. ويضر ذلك كثيرًا بالصناعة الأمريكية» فشركة "بوينج" الأمريكية. علي سبيل المثال. تعتمد علي التيتانيوم الروسي بنسبة تقارب 40%. كما أن الدوما يناقش مشروع قانون آخر يُجرّم التزام البنوك والشركات الروسية بالعقوبات الغربية ويجبرها علي الانحياز إلي مصلحة الاتحاد الروسي رغم أن ذلك يعرض تلك البنوك والشركات بدورها للعقوبات الأمريكية حينما لا تلتزم هي بتطبيقها. ويحظر القانون علي الشركات الروسية رفض تقديم السلع والخدمات للمؤسسات الروسية التي تشملها العقوبات. وتتضمن لائحة العقوبات الأمريكية 400 شركة روسية و200 مواطن روسي. وهذان الرقمان مرشحان للزيادة. ويقول مدير الفرع الروسي لمنظمة الشفافية العالمية. أنتون بومينو. إن مخالفة المؤسسات الروسية للعقوبات الأمريكية يضعها تحت طائلة مقاضاة الحكومة الروسية لها. التأثيرات الاقتصادية للعقوبات ليست فقط ما يخيف. فقد أظهر استطلاع للرأي أن نسبة 56% من الروس يعتقدون أن بلدهم منعزلة عن العالم. بزيادة قدرها 10% عن العام الماضي. ويوضح الاستطلاع الذي أجراه "مركز ليفادا المستقل" في موسكو منذ أسبوعين أن نسبة 37% من الروس قلقون من العزلة المتزايدة. بزيادة 12% عن العام الماضي. وتلوح في الآفاق معركة أشمل للعقوبات وخاصة أن العقوبات الأمريكية الجديدة يبدو أنها غير مدروسة جيدًا علي النقيض من العقوبات القديمة. وأنه من الوارد أن تُحدث العقوبات الجديدة أضرارًا جانبية غير مقصودة. وللتوضيح. فقد تراجعت الولاياتالمتحدة في 23 أبريل الماضي عن التطبيق الفوري للعقوبات علي شركة "روسال". عملاق صناعة الألومنيوم في روسيا. المملوكة للملياردير الروسي. أوليج دريباسكا. وهو علي علاقة وثيقة الكرملين.