أسعد أوقاتي الرياضية أعيشها عندما أجلس مع الأسطورة العالمية دييجو مارادونا. وهي أوقات كثيرة وطويلة. بحكم العلاقة والصداقة المتينة التي تجمعني معه منذ 7 سنوات. وعندما يستفيض مارادونا في الكلام عن الماضي تشعر أنك أمام إنسان مصري الطباع عاشق لبلده بشكل لا يتخيله انسان. ولعل في قصتي هذه ما يؤكد ذلك. يحكي الاسطورة أنه قبل مونديال عام "ألف وتسعمائة وستة وثمانون" تم تعيين بيلاردو مدربا للمنتخب بدلا من سيزار مينوتي. وقام المدرب الجديد بزيارة مارادونا في مدينة برشلونة باسبانيا. وطلب بيلاردو من مارادونا طلبا غريبا قائلا له: "أنا جاهز لأن أمنحك المال الذي تريده من أجل الانضمام للمنتخب في هذه الفترة". كان العرض غريبا من وجه نظر مارادونا. حيث قال لي ضاحكا: "ظننت أن بيلاردو به جنون. أو أنه يمزح. ولكنني وجدت كلامه صادق وصارم. فأردت أن أخفف من وقع السؤال الصادم فقلت له: "لا أحتاج إلي المال بقدر ما أتمني أن أري علم بلادي يرفرف علي صدري. وأنا جاهز للعب في أي زمان ومكان". وكان الاغراء الاكبر من بيلاردو وقتها لمارادونا أن عرض عليه حمل شارة "كابتن المنتخب". وفي تلك اللحظة يقول لي مارادونا لم أتمالك نفسي حيث انهمرت الدموع من عيني. ولأنه الحُلم الذي كنت أبحث عنه منذ أن كنت ألعب في ذلك الشارع الترابي الضيق بالقرب من منزلي. ورغم حالات الغضب الكبيرة التي وجدتها في عيون الكثيرين بأنني صاحب ال 24 ربيعا سأكون قائدا لمنتخب الارجنتين. وجدت نفسي أنا الفتي الذي يقولون عني طائش. أمام تحديات كبيرة نجحت أنا وزملائي الموهوبين في مقارعة نجوم أوروبا أصحاب العضلات المفتولة وتقديم بطولة استثنائية. إنه حب الوطن الذي لا يقارن بأي شيء لنعود إلي بلادنا حاملين لقب كأس العالم من المكسيك. ومع ابتسامة عريضة قال مارادونا لم أكن أعلم أن الجماهير المكسيكية لا تريد فوزنا إلا مع صافرة نهاية مباراتنا مع المانيا. فعندما أطلق الحكم صافرة النهاية بفوزنا بثلاثة أهداف لهدفين ساد الصمت العاصمة مكسيكو سيتي وتحديدا ملعب أزتيكا في التاسع والعشرين من يونيوأمام مائة وخمسة عشر ألفاً في المدرجات لكن صوتنا مع جماهير التانجو تعالت لأقول للعالم: "الفتي الطائش قاد بلاده للمجد".