يحاول دائماً المتاجرون بالآم الشعوب وانكسارها من جماعة الاخوان الإرهابية وكذلك من الدول التي تتشدق بالوطنية والدفاع عن الإسلام ان يتزعموا مشاهد النضال المصطنعة والبعيدة كل البعد عن حقيقة نواياهم التي تستهدف في واقعها احداث قلاقل واضطرابات داخل الدول التي لا يجدون أنفسهم بها الا من خلال تلك الاحداث التي تقع اما داخلها او في الدول المجاورة تحت أي ذريعة او عنوان... عندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب تسليم القدس الي إسرائيل توقعت ان تقوم جماعة الاخوان والتنظيمات الإرهابية الأخري التي خرجت من عباءتها مثل حركة حماس والقاعدة وداعش ان يهبوا لنصرة الأقصي والقدس وان يعلنوا نفير الجهاد ويحشدون الملايين من عناصرهم الا ان هذا كما رأينا لم يحدث. ثم انتظرت ردود فعل الجمهورية الإيرانية الإسلامية ورجال حزب الله التابعين لها من منطلق انهم يمثلون ذراع إيران في المنطقة العربية وتساءلت اين الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني ومتي سوف يستخدم الأسلحة المتطورة التي يمتلكها حزبه لمواجهة ما تعرضت له القدسوفلسطين من انتهاكات أمريكية وصهيونية... ثم جاء الدور علي تركيا حيث كان رئيسها قد قام بتوقيع معاهدة مع إسرائيل في نهاية عام 2016 من ضمن بنودها الاعتراف بالقدس عاصمة ابدية لإسرائيل... وهي المعاهدة التي سربتها وسائل الاعلام الإسرائيليةللعالم اجمع. وقد رأيت الرئيس التركي يدعو الأطراف ان تكون ردود افعالهم هادئة ومنظمة حتي تلقي صدي ايجابياً لدي دول العالم... ثم يقوم بعقد مؤتمر للدول الإسلامية غاب عنه العديد من رؤسائها أسفر عنه "لا شيء" سوي دعوة الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين الي الاعتراف بها وبان القدسالشرقية عاصمة لها... ولم يدعو الي سحب السفراء من أمريكا او مقاطعة المنتجات الامريكية مثلاً... بل كانت الكلمات التي القيت لا طائل من ورائها... واعتقد ان الرجل استطاع ان يكتسب المزيد من الثقة لدي إسرائيل وامريكا لسعيه الي احتواء غضب الشارع الإسلامي ونفس المنحي انتهجه امير قطر والمفتي الدموي يوسف القرضاوي الذي قال نصاً : ان الجهاد الحقيقي ليس في فلسطين ولكنه في سورية ضد بشار الأسد وفي ليبيا ضد القذافي وفي مصر ضد الجيش المصري. يأتي كل هذا الغش والخداع من مدعي القومية العربية والبطولة الإسلامية... في حين ان هناك العديد من الدول الأوروبية التي تربطها علاقات قوية بكل من إسرائيل والولايات المتحدةالامريكية تعلن رفضها القاطع لهذا القرار وعدم تأييده. وايضاً يأتي في ظل رفض كل من فضيلة شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب والبابا تاوضروس لقاء نائب الرئيس الأمريكي عند زيارته للبلاد في الوقت الذي يتمني دعاه الوطنية الزائفة مقابلته عندما يزور المنطقة العربية. نحن لا نعترض علي ان نعبر في مصر عن رفضنا لهذا القرار ولعل وزارة الخارجية قد أعلنت انه اصلاً قرار باطل لتعارضه مع المعاهدات والمواثيق الدولية وان مصر سوف تسير في هذا الاتجاه الموضوعي والمنطقي... لأنها استوعبت الدرس تماماً ولن تحارب مرة أخري بالنيابة عن دول بعيدة كل البعد عن القضية الفلسطينية... بل عن جحافل من مدعي الثورية والوطنية من الفلسطينيين المأجورين الذين يعملون لحساب اجندات عربية وتركية وايرانية. هناك مجموعة من الأطر والدعائم القانونية تستند مصر عليها ولا يمكن لاحد ان يتجاهلها او يعترض عليها لأنها تمثل في مجملها تنفيذاً لإرادة الشرعية الدولية طوال السنوات الماضية والتي علي أساسها بدأت المفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني منذ مباحثات أوسلو حتي اليوم. كانت مصر... ومازالت هي الدولة العربية الوحيدة المهمومة بالشأن الفلسطيني... ومازالت حتي الان تتحمل في سبيل ذلك الكثير من التضحيات وياليت أبناء الشعب الفلسطيني الحقيقي لا ينساق وراء من يحاول تشويه صورة مصر عندهم وياليت شبابنا في مصر يفخرون بما تقوم به بلادهم من عطاء وتضحيات من اجل القضية الفلسطينية. وتحيا مصر.