لا أعرف من اخترع الريموت كنترول. لكنه بالتأكيد يستحق جائزة نوبل. خصوصاً في هذه الأيام الباردة التي تجعل من المستحيل الخروج من تحت البطانية لإدارة مؤشر التليفزيون. الريموت كونترول أحببته الآن أكثر من أي وقت مضي. وأتنقل بين المحطات الفضائية باحثاً عن قناة واحدة لا تتحدث عن القدس. حتي برامج الطبخ والقنوات الرياضية تتحدث في السياسة. وكل المذيعين يتبارون في استخدام عبارات رنانة للتنديد والشجب والإدانة. أُمسك الريموت كنترول وأبتسم بمرارة وأنا أبحث عن قناة لا تتحدث عن القدس.. مللت من عبارات سمعتها ملايين المرات.. زهقت من شعارات حفروها في عقولنا. واكتشفنا أنها أوهام. أمسكت الريموت كنترول لأتابع مباراة في كرة القدم.. الكرة تعانق الشباك والحكم يطلق صافرته معلناً تسجيل الهدف.. عيون تلمع من الفرحة. وعيون تبكي من الحسرة.. أصحاب الهدف يتعانقون.. الخاسرون يتبادلون عبارات اللوم. الخاسر يتهم الحكم بأنه ظالم ومنحاز. وخالف القوانين.. الخاسر نسي أن شباكه مزقتها قذائف الإرهاب. وأن حارس المرمي مشغول بتدبير مكيدة لخط الدفاع. وأن المدافعين مطحونون في حروب داخلية. وأن خط الوسط يتلقي التمويل والتعليمات من الخارج. وأن المهاجمين سكاري ويبحثون عن الغنائم والسبايا. المشجعون وقد اقترب عددهم من 300 مليون نسمة. مهمومون بأي شيء إلا التشجيع. بعضهم ترك الأرض الزراعية تبور. وذهب بحثاً عن مراكب الموت المهاجرة إلي أوروبا.. بعضهم اختار الجهاد فوق جثة شقيقه.. بعضهم يفكر في سوق النخاسة ومتاجر العبيد.. بعضهم يفتش عن قصيدة نفاق للوالي.. بعضهم يفكر في مصاريف المدارس وملابس الأطفال. الكل انشغل بنفسه. وترك الفريق الآخر يسجل.. الحاكم القابع في البيت الأبيض. والذي ارتضيناه حكماً يطلق صافرته. معلناً تسجيل الهدف.