تنجح المواجهة الأمنية في تقويض البؤر الشيطانية.. وتجريد الأشرار من عتادهم وأسلحتهم.. لكن لن تنجح وحدها في اقتلاع جذور الإرهاب ودحر مموليه وداعميه.. وتجريد منفذيه من الأفكار الهدامة والمبادئ المتطرفة. لذلك لابد أن تتعدد الوسائل. وتتنوع الأدوات.. وتتطور الأساليب.. وتتسع جبهات التصدي.. ويستلزم "التحدي" أن تتحد كافة المؤسسات. وتتلاحم جميع القوي والتيارات.. وتنضم بأقصي سرعة إلي المعركة الحاسمة.. حتي يتحقق الهدف الأسمي. لقد قدم القطاع الأمني.. أغلي التضحيات.. وروت دماء أبنائه الزكية تراب الوطن.. دفاعاً عن أمنه واستقراره.. ومازال يناضل ويقاتل.. بمنتهي القوة والمنعة.. إلا أنه ليس من الواجب أن يظل وحده في ساحة المعركة.. يسدد الثمن من أرواح وأجساد البواسل.. دون مساندة ودعم وعطاء كل المؤسسات في مختلف المجالات.. تربوياً. دينياً. إعلامياً. حزبياً. ثقافياً. البداية تنطلق من المؤسسات التربوية والثقافية والتعليمية.. بوضع برامج تهتم بالتنشئة والرعاية. وتبث في عروق الصغار المبادئ النبيلة والعلوم الرفيعة.. وتُنمي داخلهم روح الولاء والانتماء.. وتعرفهم قيمة السماحة والوسطية.. وتلقنهم دعائم الدين الحنيف.. الذي لا يعرف تطرفاً.. ولا يُقر عنفاً. بحَّت الأصوات بضرورة تعديل الخطاب الديني.. وتطوير المناهج بما يتفق مع صحيح الدين.. ومازال الأمل قائماً في أن يتحسن الأداء.. ويخترق الدُعاة عقول المتطرفين.. ويواجهون الفكر الضال بالفكر المستنير. والحجج الواهية بالحجج الدامغة.. ويقتلعون الأفكار الهدامة.. بالنصوص التي لا اجتهاد فيها. واجب الأحزاب.. الكف عن "التنظير".. والمشاركة في تجفيف منابع الإرهاب.. باحتضان الشباب. واستثمار طاقاته في أوجه البناء والنماء.. وتنظيم ندوات التوعية.. والنزول إلي القري والنجوع وتعريف ناسها بخطورة الانزلاق وراء دعاوي الضلال.. خاصة أن الجهل بالقضية يصنع بيئة حاضنة للمتطرفين.. ويدفع الجهلاء إلي إيوائهم وحمايتهم بلا وعي أو إدراك. دور النائب.. أهم وأفيد.. كل داخل دائرته.. فلا يترك أهله وناسه فريسة سهلة لتيارات الهوي والغرض.. بل يسعي لإقامة حائط صد منيع ضد المبادئ المتطرفة.. بتنظيم لقاءات النُصح والإرشاد.. وندوات التثقيف.. والتواصل المباشر والتعامل علي أرض الواقع.. وفتح "منافذ" فنية ورياضية واجتماعية.. تلم شمل الشباب.. وتصقل مواهبهم. وتثمن العمل البناء والواجب الوطني. حان للإعلام أن يتحول إلي "إعلام وطن".. يرفع من حصانة الشعب المعنوية. ويتفادي التهويل والتخويف.. ويحذر من الانسياق للإرهاب النفسي والمعنوي.. ويقدم المعلومة الصحيحة.. ويتجنب ترويج الشائعات والبيانات الكاذبة.. ويؤكد لمشاهديه أن الحرب ضد الإرهاب معركة حياة.. الانتصار فيها للأطول نفساً. والأكثر عزماً. والأقوي إرادة. أكبر خطر.. أن تخلو الساحة لكتائب الإرهاب الإلكترونية.. دون تصد حاسم.. ويستوجب الأمر إنشاء "كتائب مضادة".. تواجه التنظير وتفند المزاعم. وتدحض الأكاذيب وتفضح الأساليب الرخيصة للطابور الخامس. إن المعركة ضد قوي الشر.. طويلة وشرسة.. وهي مهمة شعب بكامل فئاته وتياراته.. والانتصار فيها يحتاج إلي عمل جماعي.. وتشابك أياد. وتفاعل عقول.. واصطفاف كل المخلصين والعطائين والبنائين خلف قياداتهم وجيشهم وشرطتهم.. وبالتالي يزهق الباطل.. ويسود الحق.. وتنتشر مظلات الأمن والاستقرار في كافة أرجاء الوطن.