استقبل 8.2 مليون طالب وطالبة العام الدراسي الجديد.. فهل يحمل الطلاب فكرا تنويريا بعيدا عن التطرف والصراع السياسي الذي ساد طوال سنوات عجاف؟ لقد استطاع الإخوان والسلفيون إستقطاب آلاف الطلاب خلال السنوات الماضية لدعم أفكارهم الظلامية تنفيذاً لخططهم الهدامة للأمن القومي.. لذا فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف نحمي عقول أبنائنا من التطرف والانحراف الفكري الذي يطاردهم سواء تجاه التطرف في الدين أو التطرف ضد الدين؟ البداية مع الطلاب الذين أكدوا أن عودة الأنشطة الطلابية والندوات ومشاركة الإتحادات مع زيادة التواصل بين إدارة الجامعات والطلاب يمكن أن تمنع وصول سموم الجماعات المتطرفة لعقول شبابنا . شاهندة محمد أبو العز طالبة جامعية تقول: كل طالب له توجه سياسي قبل دخوله الجامعة ويحاول بشتي الطرق الدفاع عنه وتوصيل بالإجبار..لذا انتشر العنف خلال الثورة بالجامعات علما بأن هناك أساتذة ترفض الكلام في السياسة والانخراط فيها حتي لا تكون الجامعة مسرحا للشغب الحزبي والصراعات السياسية علي حساب العلم..وهي تري أن التوعية خير وسيلة لتجنب الإرهاب والتطرف بالجامعات . رغدة إبراهيم طالبة بجامعة حلوان تري ضرورة أن يكون للطلاب القدامي دور توعوي وتوجيهي للطلاب الجدد وتحذيرهم من مساوئ الإنسياق وراء الجماعات المتطرفة والانحراط في الفكر الظلامي وبالتالي نمنع دخول عناصر جديدة لهذه التنظيمات أو تكوينها من جديد مع عقد الندوات الثقافية بكثافة لحماية أفكارنا من التطرف والإرهاب. بينما تري ريهام النديم طالبة أنه يجب ابتعاد أعضاء هيئة التدريس عن الكلام والحوارات السياسية الموجهة داخل الحرم الجامعي لأنه ممكن أن يستقطب طلاب بلا فكر لأهوائهم وتوجهاتهم المتطرفة وهنا علي رؤساء الأقسام متابعة شكوي الطلاب مما يحدث من خروج عن النص من جانب بعض الأساتذة أثناء المحاضرات. أما هدير محمد طالبة بفنون جميلة تؤكد أن حرية التعبير عن الرأي وتبادل الآراء خير وسيلة لمناقشة الأفكار حتي تتضح الأفكار الظلامية ونتفادي الصدام والصراع من خلال ممارسة الأنشطة الطلابية المختلفة والتي تحد من انتشار هذه السموم الفكرية داخل الحرم الجامعي. مصطفي إسماعيل طالب بكلية الإعلام جامعة حلوان يري أن الجامعة ليست مكانا للسياسة والمظاهرات فهي مكان للعلم وممارسة الأنشطة وأي محاولة من جانب بعض أساتذة الجامعة لاستقطاب الشباب وإفساد عقولهم بأفكار التطرف والإرهاب يجب محاسبته ومنعه من التدريس بالجامعات كلها. متابعة الطلاب تتفق معه في الرأي منار الهواري طالبة حيث تري ضرورة وجود رقابة علي الطلاب حتي لا يقعوا في براثن أساتذة الضلال والإرهاب خاصة وأن معظم شبابنا بلا ثقافة فكرية ودينية جيدة. ومعلوماتهم الدينية ضعيفة لذا التوعية هي الحل . أما شاهندة أيمن طالبة بكلية تجارة جامعة حلوان تؤكد أنه أعقاب ثورة يناير نما لدي الشباب قناعة بأن الجامعة مسرحا للصراع السياسي وأن من حق كل طالب أن يعتقد ما يشاء ويفعل ما يشاء وهو الأمر الذي يشكل خطرا علي الأمن القومي.. لذا يجب عقد ندوات لتوعية الطلاب وممارسة الأنشطة المختلفة لشغل فراغهم مع نشر الثقافة ومعلومات تحصن الشباب ضد التطرف والإرهاب والجماعات الداعمة له.. وهنا يجب علي الجامعة رعاية الطلاب غير القادرين لأنه يسهل استقطابهم عن طريق مشاكلهم الإقتصادية والإجتماعية بتقديم الرعاية الكاملة لهم ولأسرهم . نفس الكلام تقوله رُبا عبد الوهاب طالبة بحقوق جامعة القاهرة حيث إن هناك طلابا تنساق وراء من يقدم لهم الدعم المالي ويرعي أسرهم وينشر أفكار من يمد له يد العون دون النظر لأي مخاطر أو تهديد الأمن القومي لوطنا . الجامعة.. للعلم فقط الدكتور عاطف العوام رئيس جامعة عين شمس الأسبق يقول: الجامعة كانت خلال فترة زمنية معينة شهدت صراعات استغلها أصحابها لنشر أفكارهم. فكانت الغالبية للشيوعيين وفي وقت أخر كان الإسلام السياسي مسيطرا وكان هناك تنازع في نشر الأفكار بين الطلاب بإعتبار أن الجامعة تحت شعار أن الجامعة منبرا حرا.. ولكن من المفترض أن تكون مكانا لمناقشة الأفكار من خلال المحاضرات والندوات بحيث يكون لدي الطالب الوعي السياسي العام ومع دخول الأحزاب بفكر سياسي معين داخل الجامعة تتحول الجامعة لساحة للصراعات والخلافات وهذا مرفوض. ويرحب د.العوام بتنوع الأفكار والثقافة فالجامعة منبر حر للثقافة والإبداع ودور أعضاء هيئة التدريس عدم وصول أفكار تلك الجماعات لعقولهم وإستخدام الطلاب كأداة للتخريب وتدمير البلد وهذا يتأتي بالعودة للشكل الصحيح للجامعة مكان للعلم والبحث والأنشطة الطلابية بأنواعها المختلفة لخلق حياة كاملة للطلاب تجعلهم ينفتحوا علي العالم الخارجي ويبتعدوا عن الصراع السياسي الظلامي. افتقار الأنشطة بالكليات العلمية الدكتور جمال شقرة مستشار جامعة عين شمس للشئون السياسية والإستراتيجية ومدير مركز الشرق الأوسط يؤكد أن الجامعات تم غزوها من قبل التيارات الأصولية والسلفية " جماعة الإخوان والسلفيين "نتيجة لإنتماء عدد من الأساتذة لهذه التيارات داخل الجامعة بجميع التخصصات كما أن طريقة التدريس بالجامعة والإعتماد علي الكتاب الجامعي وعدم إهتمام الأساتذة بتدريب الطالب علي التفكير العلمي الناقد والإكتفاء بتلقين المعارف والمعلومات مما لعب دوراً مهماً في إنتشار الفكر المتطرف بالجامعة علاوة علي نجاح جماعة الإخوان خلال حكم مبارك في التغلغل في مؤسسات الدولة المختلفة وإستقطاب شبابنا. مع وجود خلل في البرامج التي يدرسها أولادنا في الكليات العلمية وبالتالي لا يدرسون برامج في العلوم الإنسانية ويكتفون بدراسة برامج تجريبية فقط دون أن تسلح عقولهم بمهارات التفكير النقدي من خلال دراسات نظرية مثل التربية الوطنية والتاريخ كل هذا ساعد في انتشار الفكر المتطرف.. ناهيك عن إصرار الإخوان المسلمين علي التغلغل داخل أهم مؤسسات الدولة وهي الجامعات لأنها قاطرة المجتمعات وبالتالي كسبوا عددا كبيرا جداً ونجحوا في تشكيل عقول بعض شبابنا بإسلامهم وليس الإسلام المعتدل. وهناك عامل مهم لا يمكن إغفاله وهو التنشئة الإجتماعية بمؤسسات الدولة المختلفة خارج الجامعة فخبراته الأولي تلقها في المنزل وللآسف كثير من الأسر فقدت دورها بخروج المرأة للعمل علاوة علي إصابة المؤسسات الإجتماعية الأخري بالعطب والتخلف فالمدرسة والمسجد والكنيسة لم تعد تلعب دورها كما ينبغي مما جعل أبناؤنا لقمة سائغة للتفكير المنحرف والتجنيد للعمل في صفوف مثل هذه الجماعات وهذا تجلي بوضوح قبيل وبعد 25 يناير 2011 وخلال السنة السوداء التي حكم فيها الإخوان واتضح أن هناك أساتذة وطلاب خلايا نائمة وهنا يجب إعداد برامج داخل الجامعات لمواجهة هذا التيار بتكثيف المؤاتمرات والندوات التي تعري أفكار الإخوان والتيارات الأخري وهذا ما نجحت فيه جامعة عين شمس من خلال مركز بحوث الشرق الأوسط بتعريفهم ألف باء سياسة وغير ذلك من مؤتمرات تهدف تفعيل القيم الإنسانية في مواجهة الإرهاب ومقاصد الأديان تجعل الإنسان يتسامح مع أخيه ولا ينخرط وراء الأفكار الظلامية الهدامة . ممارسة الأنشطة بكفاءة يوضح الدكتورعادل عبد الغفار مستشار وزير التعليم العالي والعميد الأسبق لكلية الإعلام فرع بني سويف جامعة القاهرة أن المجلس الأعلي للجامعات أكد خلال إجتماعه الأخير قبيل بدء الدراسة بأنه من الضروري الاهتمام بمنظومة الأنشطة بكافة أنواعها داخل الجامعة. فالجامعة مكان لتلقي العلم والخبرات وتنمية القدرات الذهنية والجسدية ومهارات الشباب ولذلك لابد من ممارسة النشاط الذي يسهم في البناء الفكري والعقل والوجدان للطالب وهذه الأنشطة تشمل جميع أنواع الفنون والعلوم والثقافة والآداب بكافة أشكالها مع إستمرار المسابقات للأنشطة علي مدار العام بين الجامعات المختلفة حتي تعود الأنشطة الطلابية لكفاءتها وكثافتها مما يعود بحب الطالب للجامعة وتعود الجامعة منارة للعلم والإبداع مثلما كانت بالسابق " دراسة وموهبة " حتي يحب الطالب الجامعة والحياة مشيراً إلي أن هذا لابد أن يتم أثناء متابعة الطالب لجهود الدولة من مشروعات تنفيذية حتي يلمس علي أرض الواقع مجهود الدولة.. لذلك يجب الاهتمام بإقامة الندوات داخل كل كلية بشكل جديد واضح فهي سبيل من سبل التنوير بإستضافة المسئولين وكبار المثقفين والخبراء علماً بأن عودة عمل معهد إعداد القادة بحلوان سيسهم في تجميع مؤثرات شبابية من تثقيف ورياضة وفنون وآداب.. كل هذا الهدف منه خلق توازن فكري للأجيال القادمة و إعطاء الفرصة لهؤلاء الشباب للظهور عبر وسائل الإعلام وبالتالي تعود الجامعة مرة أخري مورد الفنان والمبدع والعالم والمنتج وتقديمهم للمجتمع وهذا أفضل مواجهة حقيقية للإرهاب والتطرف . ويؤكد عبد الغفار أن أفضل أمن للمجتمع هو الأمن الفكري عندما يعتنق الطالب أفكاراً معتدلة بحب وطنه وبيئته وعمله لا يقبل القيام بسلوك متطرف . وقود سهل الاشتعال يري الدكتور أشرف عبد الباسط نائب رئيس جامعة المنصورة لشئون الطلاب أن الجامعة جزء من المجتمع وإنعكاس له فهي وقود سهل الإشتعال لذا لابد من السماح للطلاب بالتعبير عن ما بعقولهم عن طريق سماع الرأي والرأي الآخر داخل الحرم الجامعي من خلال الأنشطة الطلابية وهناك إهتمام غير مسبوق بها حالياً لملئ فراغ الطلاب وعقد الندوات ومزيد من التواصل بين إدارة الجامعة والطلاب للتقارب الفكري للحد من التطرف الفكري والإنزلاق في الفكر الظلامي علماً بأن أمن الجامعة يقوم بدوره ولكن الأمن الفكري أهم. الحوار والتفاهم الدكتورة سهيرة عبد السلام عميد كلية الآداب جامعة حلوان وأستاذ الفلسفة السياسية تقول: من المفترض أن تكون الجامعة مؤسسة تعليمية ثقافية تربوية وليست مؤسسة إيدلوجية حتي لا تحمل صراعات تخل بالعملية التعليمية وتحدث صدمات داخل الجامعة فتخرج عن وظيفتها المنوطة بها. وجاءت نتيجة وجود تيار إيدلوجي ديني بعينه بالسلطة وبالتالي إنتقال تلك الإيدلوجية للجامعة تحت ظل بعض القيادات التي تتبني تلك الأفكار وهناك نشطت تيارات دينية داخل الجامعة وكانت مسيطرة علي الإتحادات الطلابية ما قبل 30 يونيو مما خلق مناخا خصبا للتوتر والخلافات والمظاهرات والصراعات داخل الجامعة.. لذا فإن عودة الأنشطة الطلابية التي تثري الفكر والوجدان وتنمي ثقافتهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية وتستثمر طاقتهم في جو تنافسي بالعمل الجماعي دون توجه العقل نحو فكر أو إيدلوجية معينة مع منع ممارسة الأنشطة الحزبية داخل الحرم الجامعي حتي لا تزلق الجامعة في توجهات الانتخابات واختيار مرشحين بعينهم وإنما يكون التثقيف في إتجاه القنوات الشرعية في ممارسة الحق السياسي وكيفية التعامل مع الآخر واحتوائه والحوار البناء دون توجيه لفكر معين أو تجاه معين بروح من الديمقراطية والروح الرياضية. فالحوار والتفاهم دون القمع الأمني أفضل الطرق لمخاطبة عقول الشباب. مركزإشعاع تنويري ويرفض الدكتور إكرام بدر الدين رئيس قسم العلوم السياسية جامعة القاهرة أن تكون الجامعة مركزا للصراعات السياسية والتطرف فهي لكونها مكان للعلم فهي منبر للبحث وتبادل الآراء والأفكار بين التخصصات المختلفة في الكلية الواحدة وليست منبرا لأي فكر سياسي وهذا لا يعني عدم إهتمام الطلاب والأساتذة بقضايا المجتمع بحيث يكون العلم والفكر في خدمة المجتمع وحل مشاكله لدفعه نحو مزيد من النهضة والتقدم دون أن ينطوي ذلك علي صراعات سياسية وحزبية بإستضافة شخصيات عامة للحديث في شأن من شئون المجتمع علي أن تقوم الجامعة بدور تنويري للطلاب والمجتمع بالإهتمام بالفنون الراقية والأدب والشعر الصراعات والخلافات الحزبية إلي داخل الجامعة.. فالخلط بينهم أمر مرفوض نهائياً. الدكتور رشاد عبد اللطيف نائب رئيس جامعة حلون لشئون التعليم والطلاب سابقاً يشير إلي تجلي السياسة وحدوث صراعات بالمجتمع في أعقاب ثورة يناير وكانت موجهه ضد الدولة بأفكار ضبابية ولكن خلال العامين الماضيين استطاعت الجامعات سحب البساط والعودة مرة أخري للعلم التنويري بالأنشطة الرياضية ومشاركة البنات في شتي الفنون وتناول القضايا العامة بالدولة بعقد ندوات هادفة ومن خلال ذلك نستطيع حماية شبابنا الشباب مع مشاركة الأسر الطلابية التي للآسف لا تقوم بدورها إتجاه الطلاب حيث إنها تضم الآلاف من الطلاب والآن آن الأوان للقيام بدورها بالتعاون مع الإتحادات الطلابية التي تشكل لخدمة الطلبة وتستطيع قتل فراغهم بالعمل والموهبة .حتي ينصرفوا عن السياسة الهدامة . خلط الدين بالسياسة ويري الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة أن الجامعة والسياسة مرتبطين ببعض منذ الملكية وليس البداية مع ثورة يناير حيث كانت موجودة الحركة الطلابية منذ نشأة الجامعة والمظاهرات الطلابية في ذلك الوقت خير دليل ولكن الإخوان احتكروا واختطفوا العمل السياسي وخلطوه بالدين وكان هناك قوي وتيارات كثيرة لدرجة جعلوا الطلاب يعتقدون أن العمل السياسي عبادة ودين مؤكداً أن حماية طلابنا سهل جداً من خلال تقديم تعليم راقي بإعتماده النمط التعليمي علي الرأي والرأي الآخر حتي لا يتعود الطالب علي التلقين والحفظ والسمع والطاعة في ظل وجود أنشطة تنمية المهارات وثقافية لتدعيم وتوعية للطلاب . السياسة والتطرف أما الدكتور محمد فتحي أستاذ الإعلام جامعة حلوان فيرجع انتشار التطرف داخل الجامعات أعقاب ثورة يناير لزيادة الإقبال علي السياسة وكان في ذلك الوقت الإخوان والسلفيين أكثر الجماعات والتنظيمات تنظيماً لذا استطاعوا السيطرة علي مقاليد الأمور داخل الجامعات ولكن بعد ثورة 30 يونيو حدث أمر آخر وهو موت السياسة لأولويات الأمن القومي المصري لذا لجأ الشباب للتطرف فلم يعد هناك أنشطة بديلة لتعويض الطالب الجامعي عن عدم خوضه لممارسة العمل السياسي الحقيقي هذا بالإضافة لعدم وجود قنوات بين الطلاب وأصحاب العمل ويجد من ينتظره ويقوم بعملية غسيل مخ له ويوجهه ناهيك عن عدم المشاركة الفعلية في بناء الوطن وهنا يجب حماية شبابنا بالجامعات من خلال الخطاب التنويري بواسطة أساتذة الجامعات الموسوعي حامل مشاعل العلم وليس التخصصي المقلد مع عودة الأنشطة الحقيقية داخل الجامعة التي تفرز الفنان والشاعر والأديب وخير دليل أن أكبر الفنانين المحترمين هم نتاج فرق التمثيل بالجامعة وكذلك الثقافة لأن غياب الثقافة والفن يجعل الطالب فريسة سهلة للفكر الظلامي واستقطاب طلابنا وسيظهر التطرف مرة أخري. فالمتطرفين أشد تنظيماً وترتيباً لأوراقهم أكثر من الفنانين.