ملامح تحسين أحوال أئمة الأوقاف المعينين في عهد الرئيس السيسي    بسبب سياسة الهجرة.. بدء عزل وزير الأمن الداخلي الأمريكي    العراق يتسلم قطعة أثرية تعود للعصر السومري من متحف المتروبوليتان بنيويورك الأمريكية    مصرع مبيض محارة انهارت عليه حفرة أثرية بسوهاج    ارتفاع كبير في درجات الحرارة وتدهور الرؤية الأفقية.. الأرصاد تصدر تحذيرا عاجلًا    الفنان أحمد ماهر ينهار باكيًا على الهواء مع لميس الحديدي.. اعرف السبب    هند عاكف ل صدى البلد: شيرين سيف النصر كانت محبوبة من الكل    في مشروع القانون الذي أقره " النواب " .. تعرف علي تفاصيل حقوق كبار السن فى الرعاية حتى بحالات حدوث كارثة طبيعية    حزب الله اللبناني يوقع قتلى وجرحى باستهداف آلية إسرائيلية على الحدود (تفاصيل)    تحذير عاجل من الأرصاد بشأن طقس الساعات المقبلة.. أحمد موسى: الكهرباء والدقيق محور حديث الشارع المصري| أخبار التوك شو    القسام تعلن قنص جندي إسرائيلي ببيت حانون    ريمونتادا باريس سان جيرمان أمام برشلونة بدورى الأبطال على تليفزيون اليوم السابع    أول رد من نادي الزمالك على عقوبات رابطة الأندية بعد فوزه على الأهلي| اعرف الحكاية    على مسئولية شبانة، مروان عطية لن يسافر مع الأهلي في رحلة الكونغو    تذبذب أسعار الذهب اليوم.. وهذه قيمة عيار 21 الان    هتركب عربية.. أرخص 5 سيارات تحت ال 50 ألف جنيه بسوق المستعمل    عشرات المحاضر والمخلفات.. المحافظ يقود حملة مسائية لإزالة التعديات ومستوى النظافة بشبرا    السجن المؤبد لعاطلين والمشدد 15 سنة لآخرين بتهمة سرقة توك توك بالإكراه فى سوهاج    وزير المالية: القطاع الخاص يجب أن يقود 70% على الأقل من الاقتصاد المصري    القمص بطرس بسطوروس يهنئ رئيس مدينة دسوق بكفر الشيخ بعيد الفطر المبارك|صور    غادة عبدالرازق: نجاح مسلسل صيد العقارب كسر «نحس» نجاحات كبيرة أردت تجاوزها    مستشار بمركز الأهرام للدرسات السياسية: العالم يعيش مرحلة من السيولة    مدير مركز «استدامة» للتدريب بكفر الشيخ يحصل على الماجستير في إدارة الأعمال|صور    حدث بالفن | إقامة عزاء شيرين سيف النصر ومعلومات جديدة عن فيلم "السرب" ومحمد رمضان "يحلق ذقنه" داخل ا    وليد فواز: استمتع بأدوار الشر وسعيد بردود الأفعال على شخصيتي سالم ورباح    غادة عبد الرازق: أخويا كان سبب في موت أبويا وأهلي قالولي هتفضحينا بسبب التمثيل (فيديو)    أبرز أدعية شفاء المريض.. تعرف عليها    فتاوى تشغل الأذهان.. حكم الدعاء الجماعي عقب الصلاة.. هل تجوز سجدة التلاوة في الصلاة السرية؟ دار الإفتاء تجيب    سفارة اليونان بالقاهرة تحتفل بالعيد الوطني وسط حضور دبلوماسي كبير    مواصفات وسعر سيارة إم جي ZS موديل 2024 الجديدة كليًا    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: مقترح ببيع الفينو بالكيلو.. و11 غطاسًا يواصلون البحث عن جثمان غريق الساحل الشمالي    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل في بني سويف    حجازي يوجه بتشكيل لجنة للتحقيق في ترويج إحدى المدارس الدولية لقيم وأخلاقيات مرفوضة    نوران جوهر تتوج بلقب «بلاك بول» للإسكواش    النيابة العامة تنشر فيديو مرافعتها في قضية حبيبة الشماع (فيديو)    بالفيديو.. خالد الجندي: الأئمة والعلماء بذلوا مجهودا كبيرًا من أجل الدعوة في رمضان    إحالة 5 من العاملين بوحدة تزمنت الصحية في بني سويف للتحقيق لتغيبهم عن العمل    لجنة متابعة إجراءات عوامل الأمن والسلامة لحمامات السباحة تزور نادي كفر الشيخ الرياضي    "من 4 إلى 9 سنين".. تعرف على سن التقدم للمدارس اليابانية والشروط الواجب توافرها (تفاصيل)    محافظ دمياط تناقش استعدادات مدينة رأس البر لاستقبال شم النسيم وموسم صيف 2024    وزارة النقل العراقية توضح حقيقة فيديو الكلاب الشاردة في مطار بغداد الدولي    هانى سرى الدين: نحتاج وضع خطة ترويجية لتحسين المنتج العقاري ليكون قابلًا للتصدير    روشتة صحية لمواجهة رياح الخماسين غدا.. وهؤلاء ممنوعون من الخروج للشارع    خبير تغذية يحذر من هذه العادات: تزيد الوزن "فيديو"    شولتس يعلن اتفاقه مع شي على التنسيق بشأن مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    بعد انتهاء إجازة العيد.. مواعيد غلق المحلات والمطاعم والكافيهات 2024    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    ناقد رياضي يوضح أسباب هزيمة النادي الأهلى أمام الزمالك في مباراة القمة    بعد التحذير الرسمي من المضادات الحيوية.. ما مخاطر «الجائحة الصامتة»؟    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر الاسبوع
محمد أبوالحديد
نشر في الجمهورية يوم 28 - 09 - 2017

وضع الدبلوماسي القدير. والسياسي المحنك عمرو موسي نفسه في موقف أري انه لايحسد عليه.
أصدر الجزء الاول من مذكراته بعنوان "كتابيه" بسعر 300 جنيه للنسخة الواحدة.
هذا يعني أنه لن يشتري هذا الكتاب إلا من يقدر علي ثمنه. وهؤلاء مهما بلغ عددهم - أقلية.
لكن هذه الأقلية ذات وزن وثقل فكري وثقافي واجتماعي. ولها صوت. ولديها كل أدوات التأثير في الرأي العام.
وذكر عمرو موسي في كتابه كلاما يمس شخص جمال عبدالناصر وعصره. مثل إشارته إلي أن عبدالناصر كان يأتي بطعامه من سويسرا. خلافا لما استقر في يقين كل المصريين من ان الرجل كان بسيطا في حياته وسلوكياته. وفي طعامه وملبسه.
وعمرو موسي يعرف. بالتأكيد أن عشاق عبدالناصر في مصر عشرات الملايين.. ومثلهم بل اضعافهم في العالم العربي من المحيط الي الخليج.
ومعظم عشاق عبدالناصر هؤلاء. من البسطاء مثل زعيمهم الراحل. لايملكون ترف اقتطاع 300 جنيه من دخلهم المحدود لشراء كتاب.
ومعني ذلك. ان عمرو موسي اختار بنفسه الفئة التي يتوجه إليها بمذكراته وهم من في مستواه أو يقاربونه وتجاهل عشرات الملايين من المصريين وغير المصريين. ورغم انه يكتب مذكراته في صميم شئونهم وتفاصيل حياتهم خلال ثلاثة عهود عاصرها. وشارك فيها وكان شاهد عيان علي أحداثها. وهي عصور عبدالناصر والسادات ومبارك.
ولا أظن أن عمرو موسي في حاجة مالية إلي أن يجعل مذكراته بهذا السعر فالرجل لديه من مناصبه التي تولاها. ومن جهده وعرقه علي مدي مايزيد علي نصف القرن ما يغنيه. ويكفي أنه عندما انتهت ولايته كأمين عام لجامعة الدول العربية. حصل علي مكافأة نهاية خدمة قدرها خمسة ملايين دولار عدا ونقدا. في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ الجامعة.
ولأن ذلك جاء قبل انتخابات رئاسة الجمهورية التي رشح عمرو موسي نفسه فيها. فقد تناثرت وقتها أقوال حول ان هذه الملايين الخمسة كانت دعما أو تمويلا مستترا لحملته الانتخابية. واشارة عربية الي تفضيله في سباق الرئاسة المصرية.
لكن عمرو موسي - للأسف - كسب الملايين.. وخسر الانتخابات.
وحين التقي "العمروان".. عمرو أديب بعمرو موسي في حلقة من برنامج الأول "كل يوم" هذا الأسبوع وآثار أديب نفس الملاحظة حول سعر الكتاب وهو 300 جنيه. تظاهر عمرو موسي - كعادته - بأنه فوجئ بالرقم قائلا: صحيح 300 جنيه؟! هو كان المفروض200!
ما علينا ..
أعود - بعد هذه الفقرة الاعتراضية إلي السياق الذي بدأته لاستخلص ما ترتب عليه.
وأقول إن اخطر نتائجه علي عمرو موسي نفسه. ان تشكيل الرأي العام المصري والعربي تجاهه وتجاه مذكراته وما حوته. اصبح بيد من اقتنوا كتابه. وليس بيده أو بما خطه قلمه. سواء احسن هؤلاء الذين اقتنوا الكتاب قراءته أو أساءوا.. سهوا أو قصدا.
الرأي العام هنا سيتشكل "سماعياً" واللعب عليه سيشتد.. واستخدام ما جاء في المذكرات حول عبدالناصر بالذات اسهل السبل للتأثير فيه. وهذا ما لا أظن أن عمرو موسي قد وضعه في اعتباره.
وإذا اتفق معي في ذلك. فهذا يعني ان تقديراته ليست دائما سليمة.
وفيما يتعلق بما جاء في الكتاب عن عبدالناصر. فالأمر يختلف بين موقفين.
فحين يصف عمرو موسي عبدالناصر بأنه كان ديكتاتورا. أو كان يقود نظاما دكتاتوريا. فهذه رؤية سياسية. من شخصية سياسية لزعيم سياسي. أو لنظام سياسي. ولا غبار علي ذلك. فضلا عن انها موضع نقاش وجدل طويل.
فعمرو موسي ليس أول من قال ذلك ولن يكون آخرهم. مقابل آخرين كثيرين لديهم رؤية أو رؤي مخالفة وقادرين علي طرحها وتقديم ما يعضدها أو تفنيد ما يناقضها.
لكن حين يتطرق الأمر إلي القول بأن عبدالناصر كان يستورد طعامه خصيصا من سويسرا فنحن لسنا أمام تقييم لمجمل شخصية زعيم أو لمجمل نظام سياسي وإنما أمام واقعة محددة لا يجوز اطلاقها دون دليل مادي يؤكدها كما انها لم ترد في كل ما كتب قبل ذلك عن عبدالناصر حتي من أشرس معارضيه حيا أو ميتا.
في برنامج عمرو أديب الذي أشرت إليه حاول عمرو موسي حين أثار أديب معه هذه الواقعة أن يشرح ويفسر فيما وصفه البعض بعدها بأنه "تراجع" شفهي منه عما سجله كتابة في مذكراته.
قال عمرو موسي انه لم يقل في مذكراته ان عبدالناصر كان "يستورد" طعامه من سويسرا وإنما كان هناك نظام غذائي معين فرضه عليه أطباؤه يتوافق مع حالته الصحية وكانت مكونات هذا النظام تأتي إليه من سويسرا.
وحين ضيق أديب عليه الخناق حول كيف عرف بهذه المعلومة قال انه كان وقتها يعمل في السفارة المصرية بسويسرا وكان بحكم موقعه ومهمته في السفارة يعرف كل من يأتي لسويسرا من المسئولين المصريين ولماذا يأتي وبالتالي فقد عرف ذلك ضمن ما عرف من وقائع أخري ولو زاد أديب في حصاره فربما كان قد قال انه شخصيا كان مسئولا عن ذلك.
في عدد الثلاثاء الماضي - أول أمس - من صحيفة "الأهرام" مقال مثير بعنوان: هوامش حول مذكرات عمرو موسي لزميلي ورفيق الدراسة الدكتور مصطفي الفقي تعرض فيه لهذه النقطة بالذات وكتب يقول:
"قل في عبدالناصر ماشئت سياسيا ولكن انتزاعه من حياته البسيطة التي يعرفها الجميع وأدركها أنا شخصيا بحكم صلتي بأسرته فذلك اختيار غير موفق علي الاطلاق.
ويضيف الفقي بعد سطور:
وقد قال لي دبلوماسي مخضرم. إذا كان السيد فتحي الديب السفير حينذاك في العاصمة السويسرية يرسل طعاما لمؤسسة الرئاسة بمواصفات معينة فمن أدرك انه لعبدالناصر شخصيا وقد كان زعيما زاهدا ارتبط بالفقراء ودافع عن العدالة الاجتماعية.
لم يذكر عمرو موسي في كتابه ولم يشرح مع عمرو أديب ما هو نوع الطعام الذي كان يصل لعبدالناصر من سويسرا طالما هو عليم بتفاصيل هذه الواقع وعرفها ضمن اختصاصه الدبلوماسي في السفارة المصرية في برن ولا ما هي الكميات التي كانت ترسل إلي الرئيس وهل كانت ترسل يوميا أم أسبوعيا.. وعلي طائرة خاصة أم عادية وغير ذلك من تفاصيل تعزز ثقة قراء مذكراته أو مستمعي البرنامج الذي استضافه في مصداقية حديثه في هذه الواقعة.
لكن.. دعنا من ذلك وسنفترض أن ذلك كان صحيحا.. لماذا لا نستعرضه.
عمرو موسي يقول ان هذا كان بحكم نظام غذائي معين مفروض علي عبدالناصر يتناسب مع حالته الصحية.. أي انه مضطر إليه وليس اختيارا شخصيا منه.
والنظام الغذائي للرئيس يضعه عادة أطباؤه وبما يتناسب مع حالته الصحية. أي انه جزء من برنامج علاج وليس ترفا شخصيا وحكمه في ذلك حكم الدواء الذي يقرره الأطباء لمرضاهم.
وليس متصورا أن يكون هذا الطعام موجودا في مصر ويطلب عبدالناصر أو يطلب أطباؤه أن يأتيه من سويسرا.. ولماذا سويسرا بالذات من بين كل دول العالم؟! هل لأن عمرو موسي كان يعمل في السفارة المصرية لديها؟! أم لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تصنع هذا الطعام؟! أم لأنها الدولة الوحيدة التي يثق عبدالناصر وأطباؤه انه يمكن الحصول منها علي "طعام آمن" لأنه ليس بينها وبين مصر عبدالناصر عدائيات؟!
ثم.. إذا صح كل ذلك وكان هذا الطعام جزءا من نظام علاجي. أي في حكم الدواء.. ألم يكن كثير من المصريين حتي من الطبقة المتوسطة في ذلك الوقت يحتاجون إلي أدوية غير موجودة في مصر في ظل القيود التي كانت مفروضة علي الاستيراد وكانوا يسلمون أي قريب منهم مسافر للخارج قائمة بأسماء هذه الأدوية لاحضارها لهم عند عودته؟! ما هي الجريمة في ذلك؟!
وهؤلاء الذين كانوا يفعلون ذلك لم يكونوا زعماء ولا كانت صحتهم أو مرضهم قضية قومية تهم ملايين المصريين والعرب والعالم مثل عبدالناصر.
قلت من أول سطر ان عمرو موسي وضع نفسه في موقف أري انه لا يحسد عليه.. لكني لم أقل كل ما عندي.. فللحديث ان شاء الله بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.