في أحد الأخبار التي نشرت علي نحو مقتضب تحت عنوان أداء قيادات الإدارة المحلية أمام الرئيس وعلي الرغم من تلك الدلالات التي قد يحملها ذلك الخبر بداية من الإيحاء بأن هناك حركة تغيير وشيكة في قيادات المحليات إلا أنه له دلالة أبعد من ذلك.. إن الإجابة عن ذلك التساؤل لابد أن يعقبها تساؤل آخر وهو هل لدينا بالفعل معايير موضوعة وعلمية محايدة لتقييم أداء موظفي الدولة بصفة عامة وقيادات المحليات علي نحو خاص؟ الحقيقة أن مسألة تقييم الأداء تعد إشكالية كبيرة فقد يوجد لدينا بالفعل معايير وقياسات لأداء القيادات ولكنها لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات شكلية لإتمام شروط الوظيفة أو المنصب دون أن يكون لها أي دلالة حقيقية علي أرض الواقع.. ومن ثم فإن كل ما يعلن عن تقييم الأداء لقيادات الإدارات المحلية وغيرها من قيادات الدولة ليس له أي دلالة أو عائد والدليل هو ذلك الترهل في الأداء وتلك المعدلات الكبيرة في الفساد الذي يطل علينا برأسه في حالة من العناء.. هناك العديد من الاختبارات التي يتم وضعها لتقييم قدرات الموظف والتي من المفترض أن تكون هي المقياس والمعيار الذي علي أساسه يتم اختياره وتقييمه من حيث صلاحيته للوظيفة وما لديه من قدرات لأداء المهام المنوطة بها إلا أنها في الغالب ما تكون شكلية وليس لها أية دور في عملية الاختيار والانتقاء للقيادات أو شاغلي الوظائف. وفي الحقيقة هذه المعايير والإجراءات الموضوعة أو المعلن عنها والتي لابد من اجتيازها لتولي تلك الوظيفة من الناحية النظرية هي غاية الروعة والجدية ولو تم تطبيقها بإنصاف سوف يكون لدينا موظف كفء وسوف يرتفع مستوي الأداء علي نحو كبير وملحوظ.. ولكن ما يحدث في الواقع هو أنه يتم عقد هذه المسابقات والإعلان عنها ويتم التقدم لها بالفعل واجتيازها ولكن نتيجة الاختيار والقبول هما شيء آخر فهي تتأتي ليس بمن حققوا أعلي الدرجات أو النقاط في هذه الاختبارات ولكن من يريدون هم تعيينهم وتلك حقيقة مؤكدة إن الذين يأتون إلي هذه المناصب القيادية عادة ما يتم اختيارهم وتحديدهم قبل هذه الاختبارات وبغض النظر عما يتمتعون به من كفاءة من عدمه وهم في العادة ما يكونون أقل كفاءة وقدرة علي القيام بمهام الوظيفة التي يشغلونها ولكنهم لديهم قدرات أخري أعتقد أن الدولة ليست في حاجة إليها وفي غني عنها لقد طرحت تساؤل علي السيد وزير التنمية المحلية السابق وتطرحه لمن يتولي حالياً وهو هل قام بمتابعة نتائج المسابقات التي تعقد ومؤهلات من تقدموا لهذه الوظائف ومقارنتها بمن شغلوا هذه الوظائف بالفعل ستجد أنه لا علاقة لها بالكلية.. لذلك فإن عملية تقييم الأداء علي النحو السابق لن تكون موضوعية ولن تكون تعبيرًا عن الواقع ومن ثم فإن المحصلة النهائية لها والتي من المؤكد أنها ترفع في صورة تقارير تعرض علي القيادة السياسية والتي يتم علي أساسها بالفعل الاختيار للقيادات.. هذه هي المعضلة التي تواجهها القيادة السياسية في الاختيار بل بتعبير أدق في التصديق علي الاختيارات والترشيحات التي ترفعها الجهات المعنية وعندما يحدث الإخفاق في الأداء من جانب هذه القيادات يتحمل مسئولية ذلك القيادة السياسية. لقد آن الأوان في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد أن يتم البحث عن طرق أخري للاختيار تكون بعيدة عن العبث بها قدر الإمكان والاتيان بمن لديهم الصلاحية العملية والأيادي الطاهرة لتولي المسئولية.