نتوقف - بصفة مؤقتة - عن الاسترسال في موضوع "الدين لله .. والوطن للجميع". وبداية نؤكد ان مصر لن تسقط أبداً وأهل مصر في رباط الي يوم الدين. مجرد إشارة رداً علي الإرهاب الجبان. الخسيس الذي ضرب الإسكندرية وطنطا مؤخراً. ونعرج إلي الموضوع عنوان المقال. في حياة أمتنا صفحات مضيئة سجلها التاريخ بحروف من نور وسطور من ذهب. وفي تاريخ شعبنا أيام خالدة محفورة في الأفئدة تتناقل الأجيال أمجادها علي الدهور والحقب وتظل تلك الأيام مشاعل وهاجة تكشف للأمة آفاق المستقبل وفوق كل بقعة من أرض الكنانة شواهد تاريخية وبصمات حية وقصص من البطولة والتضحية والفداء لا تنضب وذاكرة التاريخ تسجل لأسيوط أياما خالدة علي مر الزمان وفي المقدمة منها يوم 18 ابريل 1799 الذي اختارته أسيوط ليكون عيدها القومي. ذلك اليوم المجيد الذي تحدي فيه أهالي "بني عدي" جيش فرنسا - إبان حملة نابليون بونابرت - حينما كانت قوة عظمي يدوي اسمها بالهلع والجزع في قلوب امبراطوريات زمانها. عن أحداث هذا اليوم يروي التاريخ وشاهد العيان هو المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي والمحقق هو المؤرخ عبدالرحمن الرافعي. فعندما اتخذ الثوار "بني عدي" معسكرا للثورة وهي بلدة كبيرة واقعة علي طرف الصحراء غربي منفلوط سار الجنرال دافو - القائد الفرنسي - بجنوده قاصداً بني عدي ووصلها يوم 18 ابريل 1799 وعهد الي الكونونيل "بينون" قمع الثورة فيها والاستيلاء عليها. ولما اقترب ذاك بجنوده من البلدة اطلق الأهالي الرصاص علي الجنود من المنازل فأصيب بينون برصاصة اردته قتيلا فعين دافو الضابط "راباس" بدلا منه واستمر الجنود بقيادته يقاتلون الأهالي ويمضي التاريخ في روايته الي ان يقول: "اشتبك الفريقان في معركة حامية دارت رحاها في طرقات بني عدي وفي بيوتها ولقي الجيش الفرنسي في بني عدي من المقاومة ما لم يلقه في كثير من البلدان. تلك هي رواية التاريخ وسطوره هي الحقيقة بذاتها بلا زيادة او نقصان.. بلدة من آلاف البلدان المصرية تتصدي لجيش الفرنجة الجرار وتتحدي قواته المزودة بأحدث اسلحة زمانها في الفتك والدمار. بلدة في قلب الصعيد ابي أهلها الحياة دون الشرف والمجد والفخار وأقدم رجالها علي طلب الشهادة دون المهانة والذل والعار. لقد كتب الجنرال "برتييه" رئيس اركان حرب الحملة الفرنسية في مذكراته "اصبحت بني عدي اكواما من الخرائب وتكدست القتلي في شوارعها ولم تقع مجزرة اشد هولا مما حل ببني عدي". وقدر الجنرال دافو عدد القتلي من الأهالي بألفي قتيل وقدرهم "ديزيه" في تقريره الي نابليون بنحو ثلاثة آلاف. والواقع ان معظمهم استشهد في الحريق الذي اضرمه الفرنسيون في البلدة. وفي سجل البطولات والتضحية تلمع أسماء عديدة منها: الشيخ أحمد الخطيب العدوي. الشيخ محمد علي أيوب العدوي. أحمد عبدالله السباعي العدوي. علي أحمد العياط العدوي ومحمد سعيد حمزة.. وللحديث بقية.