مع نهاية السبعينيات.. ودع المجتمع المصري.. الزمن الجميل.. بأخلاقه الفاضلة. وسجاياه الحميدة.. واندفع بلا وعي إلي منعطف الانحدار والانهيار.. ليستقر أخيراً علي أرض الشرور والمفاسد.. التي صارت موطئاً لكثير من الناس.. الذين تلاعبوا بالقيم. وتناسوا الأصول. وخاصموا المبادئ النبيلة!! بفعل فاعل.. دخل الناس "الزمن المظلم".. هانت فيه الأخلاق.. فهان الإنسان.. اهتزت القيم والمبادئ.. فتدهور العلم والثقافة.. توارت العدالة.. فاشتدت الصراعات وهيمنت البلطجة.. غابت الرقابة والمحاسبة.. فاختل الأمن وسادت العشوائية!! الغريب أن الجميع استولت عليه الدهشة. وتملكه الأسي والحزن علي تدني الحال.. مع أن أصابع الاتهام لا تعفيه من المسئولية.. بل تؤكد أنه يتصدر الجُناة!!.. فقد شارك "الكل" في انهيار منظومة التعليم التي ألقت بالعلم والتربية في غياهب المتاجرة والجهل.. وساهم "الكل" في اتساع دائرة إعلام الإثارة والتشكيك. وانحسار إعلام التوعية والإرشاد.. وساعد "الكل" في نشر المفاهيم المغلوطة. والعادات السيئة. بدعوي التطور والتقدم.. وانصرف "الكل" عن مبادئ الدين الصحيح. وأحجم الدُعاة عن شرح التصور السليم لشرائع الإسلام.. وانشغل "الكل" عن تقديم القدوة والرمز.. وبالتالي ضل الصغار طريق الاستقامة!! انتهج "الكل" الكذب والغش. فضاعت الحقوق.. هربت الأخلاق من المدرسة.. ففقد المعلم هيبته.. واختفت القيم من الشارع. فتصارع المارة.. وخلت المنازل من المبادئ. فانتشرت السلوكيات الخاطئة.. وسادت الأنا والنرجسية!! مضي زمن الصدق والأمانة.. والعطف والتراحم.. وردع المخطئ. وتكريم الملتزم.. وحل مكانه "زمن" الجشع والحقد والفساد الأخلاقي.. زمن يسيء فيه الجار إلي جاره.. ويتنكر الصديق لصديقه. ويتجرأ الابن علي والده.. ويهون الزوج علي زوجته.. زمن تهدمت فيه الثوابت. فصار الحلم "ضعفاً".. والورع "عيباً".. والتقوي "نقيصة"!! لقد تدهور المجتمع.. بانهيار الأخلاق وفساد الذمم وموت الضمائر.. مما يصعب من مهمة "بقاء وبناء الدولة".. التي ينبغي أن يتكاتف الجميع لإنجاح تلك المهمة الغالية.. وهذا الأمل لن يتحقق إلا بالخروج من الزمن المظلم.. وبإحياء القيم والمبادئ.. وبإعادة هيكلة منظومة التعليم والتركيز علي أساسيات التربية والتنشئة.. ولن يتجسد إلا بإصلاح مسار الإعلام.. وبضبط السلوك الاجتماعي.. والدعوة الصحيحة والتوعية الدينية السليمة.. ولن يري النور إلا بتقديم الرمز والقدوة.. وبإحكام الرقابة والمحاسبة.. وإلحاق العقاب بالمؤذي والمخرب!! إن ثقافة الأمة وتقدمها.. يعلو بقدر علو وسمو المبادئ والقيم والأخلاق.. كما أن ترابط وتكاتف المجتمع يشتد ويقوي بأواصر المحبة والمودة بين الأفراد.. ولا جدال أن حماية الوطن وبناء الدولة.. يتحقق بمحاسن الدين.. وإنفاذ القانون.. وتطبيق العدالة.. ومناصرة "المظلومين".. وردع "المعتدين والآثمين". وإعادة "الضبط والربط" إلي الشارع المصري!!