"من لم يستطع شراء الطعام فليطلبه بالمجان فهو مال الله". "الدواء بالمجان للفقراء". "الكشف لمن لا يستطيع مجاناً". تلك بعض الدعوات التي خرجت من رحم الشدة الاقتصادية التي تعيشها مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصر اصحابها رغم زيادة الاسعار وغلاء المعيشة علي التخفيف علي الناس مؤكدين أن مكاسبهم تفوق بكثير عما يفعلونه لانهم "يتاجرون مع الله". وقد شملت هذه الدعوات العديد من المجالات فمنهم من تبني جمع الأدوية الزائدة عن حاجة الناس واعادة عرضها لمن لا يستطيع شراءها. واخرون قدموا الطعام لكل من لا يجد المقدرة علي الشراء واطباء سخروا جزءاً من أوقاتهم لاستقبال الحالات الفقيرة بالمجان. وقد اثرت تلك الدعوات علي الناس وامدتهم بطاقة إيجابية جلعت الكثير منهم يطالبون بالمساهمة في فعل هذا الخير سواء بالتبرع بالمال أو الوقت أو حتي التعامل تلك الاماكن مساهمة منهم في استمرارهم وزيادة مكاسبهم. أحمد أشرف صاحب احد المطاعم الفول والطعمية وضع يافطة تشير إلي امكانية الحصول علي الطعام لمن لا يستطيع وأن هذا المال هو من عند الله. وعن هذه المبادرة قال جاءت هذه الفكرة لي بمشاركة أبي وعمي بعد أن لاحظنا الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يتعرض لها المواطن في مصر وأن كثيراً من المواطنين يأتون إلينا ولا يستطعيون شراء الطعام ولاحظنا أن الاكثرية تتحرج من طلب ذلك رغم احتياجاتهم الشديدة وخاصة لمن لديه أولاد فوضعنا تلك اليافطة لنزيل هذا الحرج ونؤكد لهم أن هذا المال هو من عندالله وأن ما نقدمه ليس من عندنا. مضيفاً أن عدد ضيوفنا قد يزيدون علي 80 مواطناً يصرف لهم سندوتشات معظمهم من العمال اليومية البسيطة وعمال النظافة ونطالب منهم أن يأتوا بكل من يعرفونه بشرط أن يكون محتاجاً. هذا بالاضافة إلي محاولتنا في نشر هذه المبادرة عن طريق تحفيز المطاعم الاخري في عمل نفس الشئ حتي لو علي حسابنا نحن الشخصي. اما نهي نور الدين فتحكي عن قصة لمطعم بمحافظة المنوفية يضع لافته تشير إلي أن الطعام بالمجان لمن لا يستطيع فقالت ذهبت لصاحب المحل اتأكد منه عن ذلك وعندما بدأت في الحديث جاء رجل فقير يسأله الطعام فطلب صاحب المحل من الشيف عمل سندوتش فراخ وشاهدت مدي السعادة التي علي وجه هذا الرجل واشار صاحب المحل إلي أن الأكل الذي يقدم إلي الفقراء هو من نفس نوعية الاكل وليس الفضلات من الأكل مستشهداً بقول الله تعالي "لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون" مشيراً إلي أن كثيراً من الناس تحضر لتقدم زكاتها من خلالنا وهذا ما شاهدته بالفعل حيث تقدم أحد الشباب إلي صاحب المحل ليتأكد مما تعنيه اليافطة وعندما تأكد من تقديم الطعام للفقراء قام بوضع 200 جنيه لصاحب المحل مؤكداً أنها لمن يطلب الطعام. وعن مبادرة علاج المحتاجين بالمجان اشار الدكتور هشام عزام استاذ العظام إلي أن هذه الفكرة كانت بمشاركة مجموعة من الزملاء الاطباء بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية من أجل مساعدة الاخوة السوريين ثم وسعناها لتشمل جميع المصريين والهدف منها هي قيام كل طبيب بالكشف علي الحالات غير القادرة كلا حسب تخصصه بالمجان في عيادته الخاصة مشيراً أن الفكرة قد لاقت اقبالاً كبيراً من المواطنين إلا أنها تعرضت إلي التوقف بعد أن استغلها من غير المحتاجين لدرجة وصل عدد الحالات التي نستقبلها يومياً من 30 إلي 40 حالة والكثير منهم غير مستحقين للعلاج المجاني وذلك بسبب الثقافة المنتشرة بين الناس والتي تقول "ابوبلاش كتر منه". مضيفا أنه مع ذلك فهو يستقبل الحالات من خلال تقييمه الشخصي بحيث لو وجد تلك الحالة تستحق فيقوم بإرجاع الكشف أو جزء منه مؤكداً علي ضروة وجود فريق عمل لبحث حالات المتقدمين للتأكد من حاجاتهم الحقيقية وعدم قدرتهم علي دفع ثمن الكشف حتي نستطيع أن نخدم المحتاج فعلاً. بينما يعرض سعيد الحسن تاجر تجربته مع توزيع الأدوية علي الفقراء حيث يقول وصلتني رسالة علي الواتس تشير إلي أن مجموعة من الشباب يقومون بجمع الأدوية الزائدة عن حاجة الناس والقيام بتوزيعها مره اخري من خلال الروشتات الطبية للذين لا يستطيعون شراءها وخاصة أن 75% من تلك الأدوية يتم القائها في القمامة بسبب عدم الاستعمال وانتهاء مدة صلاحيتها قبل استخدامها. فأعجبتني الفكرة واتصلت بهم للتعرف علي حقيقة هذه الرسالة وبالفعل وجدتهم كما اشارت الرسالة وعرفت منهم أن مقرها في حلوان وأن هدفهم هو المساعدة في الحد من معانات الفقراء وانهم يقبلون جميع الأدوية وخاصة القليلة في السوق أو الاكثر طلباً مثل الانسولين وأدوية الكبد وغيرها مؤكدين أن هذه الفكرة لاقت قبولا لدي الكثير حتي خارج مصر حيث تأتي تبرعات من السعودية وامريكا. وعن طريقة صرف الأدوية يوضح أنهم يقومون بالتأكد أولاً من كون هذه المريض هو بالفعل مستحق لذلك أم لا وذلك من خلال عمل بحث اجتماعي إذا كان قريباً من محيط مكان التوزيع أو من خلال مفردات مرتبه إذا كان من خارج المحافظة. كما لا يتم صرف العبوات كاملة ولكن يتم صرف شرائط علي حسب الحاجة فقط وذلك تجنباً للاحتفاظ بها فترات طويلة وعند الحاجة يتم تكرار الدواء.