برعاية حلمي النمنم وزير الثقافة وأمانة د.أمل الصبان. نظم المجلس الأعلي للثقافة أمسية ثقافية بمرور عام علي وفاة الأديب والروائي جمال الغيطاني. بحضور أسرة الاديب الراحل ونخبة من مثقفي ونقاد وشعراء مصر. أدار الامسية الناقد د.صلاح فضل. الذي قال إن الراحل جمال الغيطاني هو وغيره من مبدعينا هم صناع ثقافتنا العربية في وجهها الفكري والابداعي واللغوي والوطني. وهو واحد من الذين صاغوا وجدان أجيال متتابعة أشربوهم حب اللغة وعشق الفن والجمال. وبعد عام من رحيله بقي جمال الغيطاني بابداعه ومعارفه ونوره الجميل المستمر. فهو اشترك في صناعة هذا العصر. عصر الكتابة وعصر الصورة وعصر الصحافة. وهو الذي أحيا الصحافة الثقافية. عندما أصدر صحيفة "أخبار الأدب" التي تحمل عطره حتي اليوم. وبسببه وغيره من المبدعين عادت مصر لتكون مركز الاشعاع في وطننا العربي. وعاد المثقفون العرب كلهم يتنسمون أخبار الرجال والأعمال من مصر التي ما تزال مهوي الأفئدة. ولا يمكن لجلسة مثل هذه أن توفيه حقه أو تحيط بما أنجزه أو أشعله من فكر وابداع . قال النمنم. الذي طلب من الحضور الوقوف دقيقة حداداً علي روح الفقيد. إن جمال الغيطاني واحد من الكتاب الذين قدموا إبداعاً جديداً للرواية العربية. وأطالب لجنة القصة. ممثلة في الأستاذ يوسف القعيد بالتحضير لمؤتمر أدبي كبير عن الغيطاني لتناول أعماله. مشيرا إلي أن كتابه عن المصريين والحرب الذي صدرت طبعة جديدة منه. والذي تحدث عن تجربته الشخصية وتجربة الحرب. مهم في هذا التوقيت لكل المصريين. أوضحت د.أمل الصبان. أن جمال الغيطاني أحد الأصوات الروائية المهمة في نصف القرن الأخير. والذي شكلت كتاباته ملامح الفن الروائي العربي وفي ترسيخ مكانته في الأدب العالمي المعاصر. فهو ينتمي إلي جيل الستينيات. وهو الجيل الأهم في تاريخ الرواية العربية. ولقد أحدث الغيطاني نقلة نوعية في هذا الفن بعد المؤسس نجيب محفوظ. وهو صاحب إنجاز متفرد بين أبناء جيله. حيث تفتح وعيه مع هزيمة 1967 علي أسئلة الوجود الكبري. وهو الذي خاض وغيره المعركة دفاعا عن الأمة العربية ضد العدو الغاشم. وبقدر ضخامة الكارثة كانت عظمة المواجهة. فقد انفتحت أمامه سرديات التاريخ في شكلها الرسمي عند "ابن إياس" وفي شكلها الشعبي في "ألف ليلة وليلة" التي كان يقول عنها إنها أعظم عمل روائي في العالم. ولم يكن منعزلا عن الواقع فقد كان مراسلا حربياً وصحفياً وأديبا. وكان احد آيات انجازاته أخبار الأدب. وكان مدافعاً عن ثورة 2011. عندما ترجمت أعماله إلي اللغات الحية وجد فيها القارئ غير العربي عوالم مدهشة لم يعرفها من قبل. وقالت الكاتبة ماجدة الجندي زوجة الراحل التي توجهت بالشكر لمن أتاحوا هذه الفرصة للتحدث عنه انها رافقت جمال الغيطاني لمدة 42 عاماً وتشعر أنه مستمر ومازالت في معيته. إنسانا رحيما مثقفاً رفيعاً تواقاً للعدل والحرية منحازاً للناس. عاشقاً لمصر تاريخاً وجغرافياً واقعاً وخيالاً. وأنها التقته علي عتبة الجامعة بكلية الآداب قسم اللغة الفرنسية. وأدين لحدسي بامتنان إلي ان قادني إلي جمال الذي أحب مصر عن فهم ومعرفة دقيقة لتاريخها. مشيرة إلي انه أسس لمشروع من السرديات العربية. وأنه لم يلق حقه علي مستوي النقد العربي. وكان مخلصا للكتابة الابداعية التي لم يكن يعادلها عنده لا بشيء ولا أي شيء آخر. وكان إخلاصه للكتابة أقرب إلي إخلاص الرسل لرسالاتهم. وكان يطلق عليها "قدس الأقداس". يقول الناقد د.حسين حمودة إن جمال الغيطاني حاضر بيننا ومعنا دائما. وسيظل باقيا للقادمين والقادمات من الأبناء والأحفاد. وقد راهن الغيطاني علي ما يمكن أن يقاوم الزمن وما يصارع سطوة النسيان. وإذا كان أجداده الفراعنة الدرس فقد حوله إلي دروس متنوعة. ولقد قاوم جمال الغيطاني في كل ما كتب أشياء كثيرة تتصل بالقبح والظلم والتعصب. وحاول أن يصل إلي قيم هي عكس ذلك كله. ظل يطارد ذلك الكمال المراوغ يسير وراءه دوماً. وفي رواياته جسد كتابة ابداعية كبيرة عن سؤال البحث عن هوية عربية لفن الرواية وفي كتاباته المتنوعة حول الحرب والتراث الأدبي العربي والرحلات والموسيقي. وكل ذلك رصد تجاربه الحافلة وصاغ تأملاته الثاقبة. فوهب لنا بكرم أعمالا خالدة. وقال الناقد د.أحمد درويش: ان الغيطاني كان أحد أفراد كتيبة القوة الناعمة المؤثرة في مصر والوطن العربي والشرق الأوسط. وهي قوة وضعت لمصر مكانتها. فكان صاحب ثقاقة ومراسلاً حربياً. وكانت ميزته أنه فجر منابع لم يتوقعها أحد. متسائلاً: من كان يتوقع أن يكون ابن إياس واللغة في عصرها المملوكي الضعيف منبعا للسرد. من كان يتوقع أن تكون حكايات ألف ليلة وليلة وقد كانت مهملة. أن تكون مصدراً لإلهام سردي جديد. من كان يتوقع أن يكون التصوف وتأملاته مصدراً للسرد. من كل هذه المنابع استطاع الغيطاني أن يروي جزءاً كبيراً من تراثنا عبر سرده العظيم.