في مثل هذه الأيام منذ 43 عاماً.. كنا نعيش فرحة الانتصار بعد الانكسار.. وست سنوات من الانتظار.. عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس.. في السادس من أكتوبر ..1973 واقتحمت خط بارليف وكافة الموانع التي أقامها الجيش الإسرائيلي لعرقلة عبورنا القناة وتقدمنا في الضفة الشرقية لها.. وأثبت الجيش المصري انه هو الذي لا يقهر وليس الجيش الإسرائيلي.. وليؤكد أن جولة.. 1967 لم تكن عادلة ولم تكن متكافئة.. لم يختبر فيها رجالنا.. ووقع لهم ما وقع نتيجة عشوائية وارتجالية القرارات وغياب الخطط وسوء التخطيط.. وليس لضعف أو تخاذل من جنود وضباط جيشنا الباسل. هذا العام كانت سعادتي بالغة.. عندما شاهدت الاحتفالات علي مدار أيام ذكري النصر الكبير.. علي مختلف القنوات التليفزيونية والفضائية.. والالتقاء بالأبطال الذين مازالوا علي قيد الحياة ممن شاركوا في صنع هذا النصر العظيم.. وعرض تقارير عن الأبطال الذين رحلوا وفي مقدمتهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات.. صاحب قراري الحرب والسلام. كانت الاحتفالات جميلة وأسعدت الجميع.. وجعلتهم يشعرون بالانتماء لهذا الوطن.. والفخر بأنهم يمتلكون جيشاً قادراً علي حمايتهم من أي عدوان.. وأسعدتهم قصص وملاحم النصر.. مما يؤكد ما طالبت به كثيراً من قبل.. وهو ضرورة نشر بطولات وملاحم جنودنا وضباطنا خلال حرب الاستنزاف الخالدة وحرب أكتوبر المجيدة.. لتعرف الأجيال الجديدة التي لم تعاصر هذه الفترة.. ماذا فعل هؤلاء الأبطال.. لينعموا بالسلام والأمن والاستقرار.. وتحويل هذه القصص والملاحم إلي مسلسلات تليفزيونية وإذاعية وأفلام سينمائية.. تنمي فيهم روح الانتماء والارتباط بالوطن. أن من يبلغ من العمر 45 عاماً فما دون ذلك.. لم يعوا ما حدث.. ولم يعيشوا حزن الانكسار وفرح الانتصار.. ولم يشاهدوا الإصرار.. علي محو عار الهزيمة واسترداد الأرض السليبة.. كما أن كتب التاريخ لا تشبع نهماً ولا تشفي غليلاً من يريد المعرفة والاستزادة عن تلك الأحداث والبطولات.. والأفلام والمسلسلات التي أنتجت عن الحرب ليست علي مستوي الحدث الكبير.. ولذلك عندما تسأل من هم دون هذه السن ولم يعاصروا الأحداث.. عن تلك الفترة.. تجد معلوماتهم مشوشة ومشوهة. ولعل من أهم أسباب ذلك التعتيم والتشويه.. هو محاولة اختزال النصر وكفاح ست سنوات في الضربة الجوية الأولي يوم 6 أكتوبر.. لأكثر من ثلاثين عاماً.. في عهد بطلها.. الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.. ونحن لا نقلل من أثر الضربة الجوية وسلاح الطيران في تحقيق النصر.. ولكنها كانت بعضاً من كل.. وسبباً من أسباب النصر الكبير.. الذي لا يمكن اختزاله في مجهودات سلاح واحد من أسلحة قواتنا المسلحة.. التي كانت كياناً واحداً.. لا يمكن لسلاح بمفرده إنجاز أي مهمة.. إلا بالتنسيق والتعاون مع باقي الأسلحة.. ففي نفس اللحظة التي كان فيها الطيران ينطلق إلي سيناء كانت مضادات ورادرات الدفاع الجوي تحميه.. وطلقات المدفعية تخلي له الجو وسلاح المهندسين ينشئ الكباري.. وسلاح المشاة والمدرعات تعبر القناة وتشتبك مع العدو.. كل الجيش من أصغر جندي حتي القائد الأعلي.. شاركوا في النصر.. وكان ظهيرهم الشعب.. الذي صبر ولم يفقد الأمل يوماً في جيشه الباسل.. كل عام ومصر والأمة العربية بخير ومن نصر إلي نصر.. دائماً بإذن الله.