لعل أخطر منطقة ينبغي عدم العبث بها أو المساس بقيمها هي منطقة الدين. إذ إن المتاجرة بالدين لحصد مكاسب دنيوية تكون وبالا علي أصحابها في الدنيا والآخرة. لأن من يفعل ذلك يدخل في حرب مع الله تعالي. وهي حرب معلومة النتائج. يقول سبحانه: "بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغة فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون" "الأنبياء: 18". وقد دأبت الجماعات المتاجرة بالدين علي لي أعناق النصوص. وتحريف الكلم عن مواضعة. واجتزاء النصوص واقتطاعها من سياقها. بما ينحرف بها عن غاياتها الشرعية. وهذا كله إلي جانب استحلال الكذب. واعتباره تقية. مع احتراف الافتراء المتعمد علي الأشخاص والهيئات والمؤسسات والحكومات. في ميكافلية مقيتة. فالغاية عندهم تبرر الوسيلة. ولا تحرج لديهم من أي وسيلة مهما كانت مخالفتها للشريعة طالما أنها من الممكن أن تكون خطوة في سبيل تحقيق هوسهم بالسلطة. أما بث الشائعات وترويجها فهو الشغل الشاغل لكتائبهم الإلكترونية. ولو أن شباب هذه الجماعات المخدوع المغيب تأمل ولو للحظة واحدة واعية. أين ما يفعلونه من كتاب ربنا "عز وجل" وسنة نبينا "صلي الله عليه وسلم"؟ لربما راجع نفسه واكتشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية الضالة. ألم يعلموا أن كل المسلم علي المسلم حرام ماله وعرضه ودمه. وأن الإسلام حثنا علي التبين من الأقوال. فقال الحق سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين" "الحجرات: 6". ويقول نبينأ "صلي الله عليه وسلم": "كفي بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع" "المستدرك علي الصحيحين". ويقول "صلي الله عليه وسلم": "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم" "أخرجه مالك في الموطأ". ويقول الحق سبحانه: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" "ق: 18". وقد حثنا الإسلام علي التحلي بالصدق وحذر من سوء عاقبة الكذب. فقال الحق سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" "التوبة: 119". ويقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "عليكم بالصدق. فإن الصدق يهدي إلي البر. وإن البر يهدي إلي الجنة. وما يزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب. فإن الكذب يهدي إلي الفجور. وإن الفجور يهدي إلي النار. وما يزال الرجل يكذب. ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا" "متفق عليه". فما بالكم بمن يتعمد الكذب والافتراء حتي يستحلهما. وحتي يكونان له سجية وخليقة ثابتة أشبه بالطبع منها بالتطبع؟! يضاف إلي ذلك ما يدرب عليه شباب كتائب هذه الجماعات الإرهابية من السخرية بالآخرين والعمل علي تشويههم بكل ما أوتوا من خداع وحيل. متناسين أو متجاهلين قول الله تعالي في كتابه العزيز : "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسي ان يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" الحجرات: .11 إن أعداء الإسلام لو بذلوا كل ما في وسعهم ومكنتهم لتشويه دين الله "عز وجل" ما بلغوا معشار ما فعلته هذه الجماعات الإرهابية الضالة المضلة أو نصف هذا المعشار من تشويه لدين الله "عز وجل" وصد عن سبيله واضرار بشريعته السمحة الغراء. وقد حذرنا مراراً وتكراراً من التدين الشكلي والتدين السياسي والانخداع بمظاهر وظواهر هذه الجماعات الضالة الآثمة. مما يتطلب من العلماء والمثقفين والغيورين علي دينهم ووطنهم التكاتف والتعاضد لكشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة. وتفويت الفرصة علي من يستخدمونها شوكة في ظهر أوطانها وحربة في قلب ديننا السمح الحنيف الذي جاء رحمة للبشرية جمعاء . حيث يقول رب العزة "عز وجل" مخاطباً نبينا محمداً "صلي الله عليه وسلم": "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" الانبياء: 107. ولم يقل رحمة للمسلمين وحدهم أو المؤمنين وحدهم أو الموحدين وحدهم. فهو دين الرحمة. ونبينا نبي الرحمة. ويجب ان نكون جميعاً دعاة رحمة وأمن وأمان وسلام للبشرية جمعاء.