"نحن آخر جيل يقرأ الصحافة المطبوعة".. جملة لن أنساها قالها لي المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال المرموق في لقاء جمعني به منذ أيام.. حيث دار حديث شديد العمق بيني وبينه حول مستقبل الصحافة الورقية في مصر والعالم. قال لي نجيب ساويرس: إن شرائح قراء الصحف تتراجع في مختلف أنحاء العالم. وأصبح الأمر ينحصر وينحسر علي الشرائح العمرية الأكبر. مقابل عزوف ملحوظ من جيل الشباب الذي يفضل الإعتماد علي أجهزة الآي باد والتابلت في متابعة الأخبار. وأوضح ساويرس أنه شخصيا يفضل قراءة الصحيفة الورقية التي تتناسب مع عاداته.. حيث تمكنه من قراءة المواد المطلوبة بسهولة ويسر في الظروف التي تناسبه. فضلا عن أن كثرة التعرض للأجهزة الإلكترونية هو أمر مؤذي للعين وغير مريح علي المدي البعيد. ولكن أولاده يختلفون عنه في ذلك. بل أنهم لم يعد لديهم اهتمام بمشاهدة التليفزيون بوضعه الكلاسيكي الحالي ويتجهون للنت. قلت: ولكن الكلمة المطبوعة ستبقي موجودة مهما تطورت وسائل الإعلام بشرط أن تطور الصحف من أدائها.. وساعطيك مثالا أنت تعرفه جيدا.. وهو التجربة الإنجليزية.. فمازال القارئ في بريطانيا يحرص علي قراءة الصحف والمجلات والكتب المطبوعة ويحترمها لدرجة أنه لا يضيع وقته في المواصلات العامة. ويحرص علي اصطحابها معه وقراءتها. وأضفت: أنه منذ أكثر من 25 سنة انتبه أساتذتنا في كلية الإعلام لطبيعة التحديات التي ستواجهها الصحافة المطبوعة مع بداية ظهور الفضائيات والأقمار الصناعية.. وعلمونا أن الخبر الصحفي مادة سريعة التلف. وأنه لن يكون من مهام الصحيفة المنافسة علي نشر الخبر المجرد.. بل يجب أن تهتم بالجانب التحليلي والتوثيقي للخبر. قال المهندس نجيب ساويرس: معك حق.. ولكن الظروف في بريطانيا نفسها تغيرت.. وأصبحت الصحف المطبوعة هناك تعاني من مشاكل مالية خطيرة تهدد استمرارها. وكشف ساويرس في حديثه معي عن مفاجأة من العيار الثقيل.. حيث أوضح أنه تلقي عرضا لشراء صحيفة الإندبندنت البريطانية العريقة بمبلغ جنيه واحد استرليني!! تساءلت مندهشا: جنيه واحد؟ قال: نعم .. جنيه واحد.. بشرط الإلتزام بالحفاظ علي النشاط واستمرارية الإصدار والحفاظ علي العمالة بها قلت: وما الذي حال دون إتمام هذه الصفقة الكنز؟ قال: لأنهم عرضوا علي الإصدار الورقي فقط للإندبندنت.. دون أن تمتد الصفقة للموقع الإلكتروني والخدمات ااتي يقدمها والتي بمكن أن تكون مصدرا للدخل بالمؤسسة.. والإصدار الورقي يحقق خسائر. والسؤال الذي يلح علي تفكيري: أين نحن مما يحدث في العالم؟ وأي مستقبل غامض ينتظر صناعة الصحافة في مصر.