القاص والروائي جار النبي الحلو هو ابن مدينة المحلة الكبري. تلك المدينة العزيزة عليه. التي لم يبرحها حتي الآن رغم بلوغه السبعين من عمره. والتي تهيمن علي فضاء نصوصه الإبداعية جميعا مثل القبيح والوردة. وطعم القرنفل. وطائر فضي. وحلم علي نهر. وقمر الشتاء. وعطر قديم. وحجرة فوق سطح. وأخيرا رواية "العجوزان" حيث غدت المحلة فيها جميلة. مقاومة. عفية. وعبر نصوصه يرصد جار النبي أحلام ووعي ومشاعر جيله جيل السبعينيات من المثقفين إزاء التحولات التي أصابت المجتمع المصري. مثل هزيمة يونيو والانفتاح الاقتصادي وكامب ديفيد إلي قيام ثورة 25 يناير. 1⁄4 متي بدأت الكتابة؟ * بدأت الكتابة مبكرا جدا. فقد كنت أذهب إلي بيت جدتي لأمي التي كانت تحكي لي الحواديت. وكنت آخذ معي كراسا وقلم رصاص و أدون ما تحكيه لي. وعندما أعود إلي بيتنا أحاول كتابة ما رواه مرة أخري. وكان تكريما عظيما لكتابة الحواديت والحكايات. وكنت حينها في الصف الرابع الابتدائي. لكنني انغمست بعد ذلك في مكتبة أبي. فقرأت ألف ليلة وليلة. وسيرة عنترة. وسلسلة الهلال لجورجي زيدان. ثم بعد ذلك أعطاني أخي مفتاح مكتبته. وكان يعمل مترجما فأتيح لي الاطلاع علي اعمال عالمية كثيرة مترجمة. وقرأت نجيب محفوظ. وغيره من الكتاب والأدباء. 1⁄4 ومتي ظهرت أول رواية لك؟ * أول رواية لي هي "حلم علي نهر". وظهرت سنة 1993. وهي التي فتحت لي الطريق بعد ذلك لكتابة الرواية. وكتبت هذه الرواية تحقيقا لحلم والدي بالخروج من المحلة وبناء بيت علي النهر. وهي امتداد لخماسية عن مدينة المحلة آخرها رواية "العجوزان" الصادرة عن دار الهلال. 1⁄4 لماذا الإصرار علي جعل مدينة المحلة مكانا لرواياتك؟ * لكل كاتب عالمه الخاص وبيئته التي يتكلم عنها. وأنا ولدت في المحلة. ولم أبرحها حتي الآن. رغم أنني علي مشارف السبعين. وأحبها وشغوف بها واعطتني حواديتي واسرارها وناسها. وعندما أمشي في شوارعها وأري الناس. وخاصة الكبار والعجائب كنت أستطلع تاريخهم معي . وأعرف همومهم وأفراحهم . 1⁄4 حدثنا عن طقوسك أثناء الكتابة؟ * حينما أتهيأ للكتابة. فأول شيء أفعله هو العزلة. حيث أغلق أبواب حجرتي. ثم الاستماع إلي الراديو من بعيد. وخاصة الموسيقي. عندئذ أنسي كل شيء عند الكتابة. حتي أنني أنسي كوب الشاي حتي يبرد. رغم أنه من طقوسي. وذلك بخلاف بعض الكتاب الذين يكتبون وهم جلوس بالمقاهي. 1⁄4 وهل للتاريخ حظ في كتاباتك. بحيث نري رواية أو قصة تاريخية مثلا؟ * إطلاقا. لم أكتب رواية أو قصة تاريخية خالصة. لكن خماسية المحلة تبدأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي رواية حجرة فوق سطح تبدأ الاحداث سنة 1967 بتنحي جمال عبدالناصر بعد هزيمة يونيو. وكتبت عن المحلة في زمن الانفتاح الاقتصادي. وكيف أصابها من تشوه وهزيمة وانفراط القيم. فالتاريخ يأتي كخلفية للعمل وليس حدثاً رئيسيا. 1⁄4 كيف تري المشهد الروائي والابداعي في مصر حاليا؟ * أري أن هناك ثراء في الإنتاج الروائي والقصصي والشعري. فهناك كتاب علي درجة عالية من الإبداع. وهناك شباب يجعلنا نطمئن إلي المستقبل. وهناك تجريب وقصائد وتجارب متجددة. لكن يؤخذ عليهم أنهم لم يصنعوا حركة ثقافية لها سماتها وقسماتها المترابطة. فكأنهم في جزر منعزلة. كما أن المجلات الخاصة بالنقد والإبداع قليلة . وكذلك المتابعة النقدية للجديد ليست كافية للإنتاج وحجم وعدد الكتاب ونطلب أن تتسع صفحات الصحف للإبداع والنقد الإعلامي. مقارنة بالستينيات. فالناقد عبدالفتاح الجمل قدم جيل الستينيات العظماء عبر صحيفة المساء مثل يحيي الطاهر عبدالله. إبراهيم أصلان ومحمد البساطي والابنودي. وامل دنقل. وكان من حظي أنه قدمني وسط هذه الكوكبة من المبدعين. حيث نشر أول قصة لي وكنت فخور بذلك. وأنا لا أتخيل ماذا كنت سأفعل لو لم تعجب قصتي عبدالفتاح الجمل . 1⁄4 ما حظك من الجوائز؟ * لم أحصل علي جوائز إلا في مسابقات أعمال الأطفال. وأنا لم أتقدم ولم اشترك فيها. بل كانت الجهات التي تنشر هي التي تتقدم مثل دار الشروق عن كتاب "الكتكوت ليس كلبا". وحصلت علي جائزة أحسن كاتب أطفال. بالإضافة إلي اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي قدم أعمالي في عدة مهرجانات. 1⁄4 بم أنت مشغول الآن؟ * أحضر لرواية جديدة. وهي رواية عجائبية مدهشة. ليست مثل الروايات السابقة لي. ولكنني أنتظر الشتاء.