في كثير من الحركات الإرهابية والمافيا العالمية تعد تجارة المخدرات أحد أهم مصادر تمويلها. وإذا كانت بعض هذه الجماعات تهدف إلي الهدم وغسيل العقول أو مسحها أو حرمان المجتمعات من طاقات وعقول شبابها. فإنها لا تتورع في استخدام أقذر الوسائل في ذلك. فإذا كانت هذه الجماعات لا تتورع عن سفك الدماء وعمليات الذبح والحرق والتنكيل بالبشر والقيام بعمليات إجرامية عشوائية تستهدف الآمنين المسالمين وتروعهم بهذه العمليات بما تخلفه من قتلي وجرحي ومصابين ومبتوري الأطراف ومشوهين. فهل تتورع هذه الجماعات عن إغراق المجتمعات التي تستهدفها بالمخدرات بكل ألوانها؟! وإذا كانت بعض الجماعات الارهابية في حاجة إلي حلفاء فلن تكون أقرب إليها وأكثر تلاقيا معها من مافيا المخدرات والسموم الذين لا يرقبون لا في أقوامهم ولا مجتمعاتهم ولا شباب أمتهم إلا ولا ذمة. ومن ثمة يجب أن تتوازي جهود أي دولة في مواجهة ظواهر الإرهاب والإدمان والبلطجة علي سواء. فأهداف هؤلاء الفساد والإفساد إن تتلاقي فإن بعضها قد يستخدم الآخر. والقضاء علي أي منها أو إضعافه يضعف الأخر. وقد رأينا كيف كانت جماعة الإخوان الارهابية ومازالت تحاول تجنيد المشبوهين والمطاردين وأصحاب السوابق لتؤدب بهم خصوصا ومعارضيها من جهة وتحمي بهم كوادرها من جهة أخري. فبدل أن تخاطر بخوض المعترك تستأجر أو تستقطب من يخوضها عنها بالوكالة أو الإيجار. وإذا كنت قد تحدثت في أحاديث ومقالات متعددة عن مخاطر الارهاب والجماعات الارهابية والتكفيرية فإني سأركز في هذا المقال علي حرمة المخدرات. إن أي مال يجني من سبيلها هو مال حرام مهلك ومدمر لصاحبه في الدنيا والآخرة ملعون هو وصاحبه. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم" "لعن الله الخمر. وشاربها . وساقيها. وبائعها. ومبتاعها. وعاصرها. ومعتصرها. وحاملها. والمحمولة إليه" "سنن أبي داود". ويقول الحق سبحانه : "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" "المائدة:90". ولخطورة الخمر ومخاطر الإدمان حذرنا "صلي الله عليه وسلم" حتي من مخالطة المدمنين لأن خلائق السفهاء تعدي فقال "صلي الله عليه وسلم": "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. فلا يقعد علي مائدة يشرب عليها الخمر" "سنن الدرامي" . ويقول "صلي الله عليه وسلم" "مثل الجليس الصالح. والجليس السوء. كمثل صاحب المسك. وكير الحداد. لا يعدمك من صاحب المسك. إما تشتريه أو تجد ريحه. وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك. أو تجد منه ريحا خبيثة" "رواه البخاري" ومن ثمة يجب علي جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والتربوية والثقافية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني أن تجعل مواجهة الإدمان والمخدرات والتحذير من مخاطرهما جزءا أصيلا في جميع برامجها. وأن تقوم وسائل الإعلام مسموعة ومقروءة ومرئية بتسليط الضوء وبقوة علي مخاطر هذه الظواهر السلبية. كما ينبغي أن تبرز الأعمال الفنية والابداعية الأثر السلبية للوقوع في مخالب الادمان. أو تجار السموم أو موزعيه. سواء علي الفرد أم علي أسرته أم علي مجتمعه. ذلك أن شر المدمن لا يقف عند شخصه إنما يتجاوزه إلي أسرته وأصدقائه وزملائه ومجتمعه ووطنه. ذلك أن من فقد عقله أو اختل توازنه الفكري والنفسي يمكن أن يرتكب أي حماقة من الحماقات لذلك قالوا "الخمر أم الخبائث".