يتميز الفنانون بالشهرة ومحبة الناس والاهتمام بأيام ميلادهم أو وفياتهم. ولقد حل يوم 21 أبريل الجاري ذكري وفاة الرسام والشاعر والممثل والمؤلف صلاح جاهين. وشاعر العامية عبدالرحمن الأبنودي والملحن سيد مكاوي. هذا الثالوث الذي ملأ حياتنا بهجة بكلمات شعرية نبعت من بيئتنا المصرية والبلاغة الشعبية والنغمات الشرقيةالأصيلة. وقد احتفلت إذاعة البرنامج العام بذكراهم في ذلك اليوم الذي جمعهم مع اختلاف سنوات رحيلهم. وشمل الاحتفال الحديث عما قدمه كل منهم من أعمال فنية تمثل عبقرية الكلمة واللحن أهمها الأوبريت الغنائي الإذاعي "الليلة الكبيرة" الذي جمع الشاعر صلاح جاهين مع الموسيقار سيد مكاوي. وما كتبه جاهين من أغنيات وطنية ثورية أرخت لمراحل من تاريخ مصر وسجلها عبدالحليم حافظ لتظل علامات في تاريخهما الفني وتذاع في المناسبات القومية مثل "صورة - المسئولية - حكاية شعب" وغيرهم. وتأليفه العديد من الأفلام وإنتاجه لبعضها منها "أميرة حبي أنا - خللي بالك من زوزو - شفيقة ومتولي - المتوحشة - عودة الابن الضال" ومشاركته كممثل في أفلام عديدة منها أربعة عرضت في عام 1962 وهم "المماليك - شهيدة الحب الإلهي - من غير ميعاد - اللص والكلاب". أما علاقته بالشاعر عبدالرحمن الأبنودي فبدأت بتقديمه للقراء في مجلة صباح الخير وطبعه أول ديوان له في دار "ابن عروس" التي كان يمتلكها. ثم مرافقة الأبنودي لجثمان جاهين في انجلترا بعد وفاته ليعودا معا إلي مصر. والحديث عن الأبنودي يتمثل في اهتمامه بجمع السيرة الهلالية كأكبر مشروع يوثق قصة البطل الشعبي "أبوزيد الهلالي" التي قدمها في حلقات تليفزيونية وخمسة كتب. وما تركه من أغنيات شعبية زادت من شهرته وكل من تغني بكلماته وأكثرهم المطرب محمد رشدي واختيار عبدالحليم حافظ من هذه الشعبيات ما رآه مناسبا لإحساسه وغناه مثل "أنا كل ما أقول التوبة. وسواح". كما كتب الأبنودي وطنيات غناها حليم منها "عدي النهار - يا بلدنا لا تنامي - إضرب - أحلف بسماها". واختص سيناء التي احتفلنا بعودتها إلينا في 25 أبريل الجاري بأغنية "صباح الخير يا سينا". ولا يقتصر عطاء الأببنودي علي كل ما ذكرت بل تتعدد مساهماته الثقافية في دواوينه الشعرية والتعبير عن كل الأحداث التي تمر بها مصر بقصائد نبعت من قلب وقلم شاعر محب لها مسجلا لتاريخها بالكلمة الصادقة. أما الموسيقار سيد مكاوي فقد ترك لنا ألحانا شرقية أصيلة غناها كبار المطربين والمطربات خاصة أم كلثوم التي سجلت قبل وفاتها أجمل ألحانه "يا مسهرني". ويكفي أنه قد ابتكر تقديم أشعار فؤاد حداد في "المسحراتي" بموسيقي اعتمد فيها فقط علي آلة "الطبلة" بعد أن كان الملحنون يقدمونها بموسيقي تشارك فيها كل الآلات. وبهذا أصبح المسحراتي أحد العلامات المميزة لشهر رمضان بصوت مكاوي الذي صورها للتليفزيون أيضا. كما لحن رباعيات صلاح جاهين وغناها ثم استأذنه علي الحجار ليغنيها بصوته. ولم يكتف مكاوي بالتلحين فقط بل غني بأدائه المميز أغنيات من أشهرها "الأرض بتتكلم عربي - حلوين من يومنا - عندك شك في إيه - مصر دايما مصر". كما كانت له مساهمات في الغناء والإنشاد الديني وألحان المسرحيات ومقدمات المسلسلات الغنائية. كما اهتم بالتلحين للمجاميع "الكورال" فغنوا له "آمين آمين - حياري علي باب الغفران - تعالي الله - عمال ولادنا" ومن الشعبيات لعبدالمطلب "اسأل مرة عليّ" ورائعة صلاح جاهين "حدوتة" التي بدأ بها التلحين للمطرب محمد قنديل.. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.