كل ليلة يكون المصريون علي موعد مع الفضائح والسخرية وانتهاك الحياة الشخصية عبر برامج التوك شو التي تتفنن في طرح القضايا الساخنة لتنصب حلبة صراع بين طرفين وتلقي بالتهم يمينا ويسارا لتسخين الحلقة من خلال السب والقذف والشتائم علي الهواء مباشرة حتي أصبح الشارع المصري يزخر برصيد هائل من الألفاظ السوقية والخارجة. يؤكد محمد أحمد موظف ان مذيعي القنوات الفضائية خرجوا عن الوقار الذي كانوا يتسمون به وما حدث في الآونة الأخيرة من قيام بعض الاعلاميين باستفزاز المشاهد عمدا للفت النظر واحداث ضجة اعلامية ونسبة مشاهدة عالية لبرامجهم خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداول المشاهد الجريئة في كل برنامج مقدم. تقول جاكلين عبدالفتاح ربة منزل بعض القنوات الفضائية تتعمد تضليل المشاهدين وابعادهم عما يحدث علي أرض الواقع واستضافة شخصيات تتبادل الشتائم علي الهواء ولا تحترم المشاهد خاصة حينما يعاير بعضهم البعض بمهن آبائهم التي تعد خطا أحمر لا يجب المساس بها. يطالب أشرف أبو بكر محام بضرورة وجود رقابة علي القنوات الفضائية التي تقدم برامج حوارية ساخنة ساخرة سواء سياسية أو فنية لتمنع أي تراشق بالألفاظ بين المذيع والضيف أو بين الضيوف بعضهم البعض مع ضرورة اختيار الضيوف بعناية احتراما للمشاهد مضيفا ضرورة التحقيق مع المذيع الذي يتجاوز اللياقة خاصة البرامج المذاعة علي الهواء مباشرة. يضيف أحمد يحيي مهندس ميكانيكا ان الحرية الزائدة التي تتمتع بها القنوات الفضائية الخاصة بعيدا عن الرقابة جعلت هناك قاعدة ارتبطت في أذهان الكثيرين أن البرنامج الأكثر جرأة هو الأكثر نجاحا ومشاهدة وبدأوا في تغيير خريطة البرامج ليصبح معظمها يناقش القضايا الجنسية وأخري ترتبط بالدجل والشعوذة. يتفق معه ابراهيم سعد محاسب مؤكدا ان ما يحدث من صخب اعلامي وتبادل للسباب والشتائم علي الهواء يعد أمرا مؤسفا وغير لائق في ظل ما تشهده مصر من مؤامرات داخلية وخارجية من المتربصين بها في محاولات متكررة لاحداث وقيعة بين الجيش والشعب والنيل من استقرار الوطن. تضيف آية جمال ربة منزل ان الاسفاف ليس فقط في ما يحدث بالبرامج الحوارية ولكن عدم وجود رقابة فعالة علي الاعلانات التي تعلن عن منتجات خاصة جدا وتحقق حرجا للأسرة خاصة عندما يشاهدها الأطفال ويتساءلون عن معناها. توضح الاعلامية نجوي أبو النجا رئيس قطاع القنوات المتخصصة سابقا ان الاسفاف اسم يصعب تقبله فالانسان يحرص علي البعد عن كل ما يثير أعصابه ويؤثر علي قدرته علي التلقي في ظل ما يحيط بنا من قنوات وشاشات تعرض برامج ما أنزل الله بها من سلطان تدور حول شخصية يصنعون لها نجومية زائفة وبرامج حوارية أسئلتها سخيفة واجاباتها أسخف ولا تضيف للمشاهد أي فائدة غير انه يري شخصا يتعاظم ويمنح نظريات وآراء أضخم من حجمه كما تقوم بعض البرامج باستضافة شخصيات نسائية ترتدي ملابس مثيرة ومكياجا فجا وتقوم بتصفية حسابات علي الهواء مع شخصيات أخري وتتحول الشاشات الي ما كان يحدث في الاذاعات الأهلية قديما وتصل المسألة الي حد الانحطاط مطالبة بوجود ضابط ورابط يحكم المشهد الاعلامي الذي أصبح غير منضبط وكل من ليس له مهنة أصبح مذيعا وبالتالي تتدني لغة الحوار. وتؤكد ان معدي البرامج أصبحوا يبحثون عن الأسهل ويختارون شخصيات لا تتفق مع طبيعة البرامج من حيث اننا تعلمنا أن كل مهنة تنادي ضيفها وكان المذيع لا يعتمد علي المعد ويحضر موضوعه وضيوفه بنفسه كما كان يحاسب علي الكلمة لو خرجت غير لائقة تجرح المشاهد وكان يخضع لاختبارات عديدة ودورات مكثفة في اللغة العربية وعلم النفس وتصحيح النطق وبعد ذلك يعمل مذيع هواء لفترة ثم بعد اكتسابه الخبرة الكافية يدفع به لتقديم البرامج. وتطالب أبو النجا بوضع ضوابط وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب حتي تنتهي "موضة" اتاحة الفرصة في تقديم البرامج لكل من ليس له مهنة مع ضرورة عودة التدريب للعاملين في مجال الاعلام والدفع بهم للاحتكاك داخليا وخارجيا ليعود المذيع المصري لما كان عليه حيث كان كالعملة الذهبية نظرا لتميزه. ويؤكد الاعلامي حمدي الكنيسي رئيس الاذاعة المصرية الأسبق ان هناك حالة من التدني والفوضي والانفلات أصابت اعلام الفضائيات لجذب المشاهد من خلال الاثارة وخدش الحياة واستضافة شخصيات معروفة عنها انها تستمتع بتوجيه الألفاظ البذيئة حتي أصبحت من السمات الرئيسية لاعلامنا ونتائجها تؤثر علي مسيرة الوطن فكل ما يتحقق من انجازات علي أرض الواقع يضيع وسط الشتائم والاثارة مثلما حدث من تعتيم اعلامي علي جولة الرئيس الأخيرة في دول شرق آسيا والتي استمرت 10 أيام تم خلالها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات وتبدل الخبرات حيث طغا عليها ما حدث وتم تسليط الضوء عليه من كل القنوات من ضرب أحد أعضاء مجلس النواب لزميله العضو بالحذاء وما ترتب علي زيارة هذا العضو للسفير الاسرائيلي من قرارات باسقاط عضويته وخبر الفنانة التي اعتزلت الغناء وما شابه ذلك من أمور لا صلة لها بالاعلام الوطني والمهني مشيرا الي ضرورة صدور قرار بقانون بانشاء نقابة الاعلاميين لتكتسب شرعيتها ودستوريتها في حق اصدار ميثاق الشرف الاعلامي والمراجعة والمتابعة والمحاسبة. يري دكتور أحمد زارع وكيل كلية الاعلام جامعة الأزهر ان ما يحدث علي شاشات القنوات الفضائية ظاهرة جديدة تسمي "المذيع الزعيم" حيث يلقي الاتهامات ويخرج عن كل مواثيق الشرف الاعلامي وقيم المجتمع هؤلاء أضاعوا قيمة الاعلام وأحدثوا اسفافا اعلاميا بعد دخول البعض الي مجال الاعلام المرئي وهم ليسوا أهلا له فضلا عن تداولهم قضايا خطيرة تهدد قيم المجتمع مطالبا بتفعيل مواد الدستور الصادرة بشأن الاعلام المرئي والمسوع والصحافة وانشاء مجلس أعلي للاعلام ينبثق عنه نقابة الاعلاميين وضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الاعلامي لمواجهة الفوضي الاعلامية التي تعكس صورة سلبية للاعلام المصري أمام العالم مناشدا الجمهور عدم الالتفاف حولهم ومشاهدة برامجهم حيث كانوا سببا رئيسيا في ارتفاع أسهمهم في بورصة الاعلاميين الي أن وصلت أجورهم للملايين.