وكأن رحيل الرباعي أمين عام الأممالمتحدة السابق بطرس بطرس غالي والصحفي المؤرخ الأبرز في شئون الشرق الأوسط محمد حسنين هيكل. والمبدع الإيطالي الكبير إمبرتو إيكو. والروائي والناقد المصري علاء حب الله الديب. لا يكفي حتي تباغتنا أحكام جديدة لحبس الأدباء والمبدعين بعدما ألقي القبض علي الروائي الشاب أحمد ناجي من داخل المحكمة لتنفيذ حكم الحبس لمدة عامين بتهمة نشر فصل من رواية في مطبوعة أدبية متخصصة. لا توزع مجانا ولا يقتنيها إلا هواة الإبداع. لا تعليق علي أحكام القضاء. ولا مجال لإبداء الدهشة من كيف يبريء قاض جليل المبدع من هذه التهمة ويقدم حيثيات وصفناها وقتها بالتاريخية لنصرة الحرية والإبداع. ثم يأتي قاض جليل آخر ليري أن نفس المبدع في نفس القضية يستحق العقوبة الأكبر والأقصي. ويحكم عليه ببقاء عامين خلف أسوار السجون مع عتاة المجرمين من أرباب السوابق. الحكمان مقدران جدا ولا مجال للتعليق عليهما. وكلنا في انتظار ما سيسفر عنه الاستشكال المزمع تقديمه لوقف تنفيذ الحكم. ولكن حتي نحصل علي إجابة نهائية يبقي السؤال الأساسي حاضرا. ما هو الموقف الحقيقي للدولة من الإبداع؟ الدستور بحسب المتحدث الرسمي باسم لجنة تعديله محمد سلماوي - وهو أحد الخبراء الذين أسهموا في براءة ناجي بمحاكمة أول درجة- يمنح الحرية كاملة للإبداع ويستبعد تماما عقوبة الحبس علي جرائم النشر. ويقدر الإبداع والمبدعين. والقانون تم تعديله حتي لا يدفع الباحث والمبدع والمفكر ثمن ما يكتب خصما من عمره في غياهب السجن. والمفاجأة أن بعد هذه التعديلات التاريخية فقط -كما قيل وقتها- عرفنا حبس الكتاب والمفكرين. فأخذ إسلام البحيري من دار الجدال والفكر عبر القنوات الفضائية لنار السجن. وألقي أحمد ناجي في الحبس بسبب رواية. وفي الطريق الشاعرة فاطمة ناعوت بسبب تغريدة أكدت مليون مرة أنها كانت مجرد دعابة. والروائي الكبير يوسف القعيد المعين بالبرلمان نائبا عن الثقافة والمثقفين أكد أن مادة خدش الحياة في القانون وازدراء الأديان يمثلان عارا علي الوجه المتحضر لمصر وثقافتها ويجب ان يتم تغييرهما دون ان يوضح هل المناخ العام داخل البرلمان يميل لقبول هذه التعديلات وهل وجود مادتي القانون بالمخالفة الصريحة لمواد الدستور بات مقبولا ونحن نتحدث عن تجديد الخطاب الفكري وفتح الباب أمام التنمية الثقافية؟ السجن للجدعان وما تجنبت الدولة المصرية حدوثه مع اساطين الفكر مثل طه حسين وعلي عبد الرازق ونصر حامد ابوزيد وإبراهيم أصلان. حدث بالفعل وبات في سجون مصر متهما بجريمة