خرج علينا خبر عمل رقم قومي للحمير في مصر ذات صباح بناء علي تصريح رئيس الطب البيطري بأوسيم فأصابني بالدهشة ولم أستسلم لحالة من الضحك كادت تنتابني لم تمر بي من شهور كنت مريضاً خلالها ولكن راجعت نفسي لئلا يكون في الخبر فائدة ومغزي سأضحك علي جهلي بها فيما بعد؟؟ وبالفعل أضيف للموضوع انه بسبب وقف عملية إنزال لحوم الحمير بعد ذبحها للاستهلاك الآدمي وهنا بدأت أراجع معلوماتي التي درستها في مرحلتي الجامعية الأولي حيث كان في السبعينيات والثمانينيات يتم استيراد سلالات من الأبقار نقية وراثياً مثل الفريزيان لإنتاج اللبن وكان لهذه الأبقار منذ دخولها مصر سجل نسب وترقيم وولادة وأمراض. إلخ وكان يدبس في أذنها الرقم الذي يتم التعامل به في كل تاريخ هذه السلالات النقية وراثياً.. كان هذا حال منظومة الطب البيطري للثروة الحيوانية لإنتاج اللبن أو لمشاريع البتلو لإنتاج اللحم وليس ما نحن فيه من فوضي الآن في إدارة هذا الملف مما جعل أسعار اللحوم والألبان تقفز بلا توقف وعبء الاستيراد منها يرهق ميزانية الدولة؟؟ لكن ماذا سيفيدنا ترقيم الحمير في مصر فهي لا سلالات ولا هي منتجة وهي تتوالد في حالة عبقرية من تزايد النسل بلا ضابط أو رابط كما قالت نظرية مالتس "إذا تركت العملية الجنسية بلا ضابط أو رابط فإن السكان تتزايد بمعدل متوالية هندسية ولا يحدث الاتزان في التزايد السكاني إلا بحدوث الحروب وتفشي الأوبئة".. ولذا فالحمار في مصر كان وسيلة ركوب ونقل للفلاح استعاض عنها مع التقدم بسيارة أو جرار لكن ظلت الحمير تتكاثر حتي تفتق ذهن منعدمي الضمير عن غش اللحوم غالية الثمن بلحوم الحمير التي تزايدت أعدادها ولفتت أنظار الجمارك كمية الجلود المصدرة للخارج وكذلك وجود رءوسها في أكوام القمامة بكثافة عالية مما سبب ذعرا للناس من نوعية اللحوم التي قد تأتيه حميراً دون أن يدري؟؟ بعد أن سرت معلومة الرقم القومي للحمير من طبيب أوسيم انبري رؤساؤه في الفضائيات لمحاولة تأليف تفسير منطقي دون جدوي حيث يتلجلج كل مسئول يتكلم أمام الأسئلة التي تحرجه من مذيع البرنامج كيف سيتم الترقيم وكيف سيوقف غش اللحوم. هل الرقم سيكون علي كل قطعة لم تتداول وانبري أحدهم ليقول انه المقصود هو حصر الفصيلة الخيلية كلها من الخيول والحمير لمعرفة الأمراض السارية؟؟ إلخ. كلام فارغ غير علمي ولا يمت لأي عقل أو منطق بصلة. وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي مدي عدم وجود خطة عمل ومنهج لهذا القطاع الهام المسئول عن الثروة الحيوانية في مصر تدفع الدولة ثمنه عبئاً مالياً لاستيراد اللحوم من كل دول العالم لسد النقص الناتج من عدم وجود برنامج يكفينا ونصدر لو رجعنا لما كنا عليه في سبعينيات هذا القرن؟؟ أما للمواطن المصري الذي يعيش رعب أكل لحم الحمير فإني أضيف له هنا معلومة علمية بسيطة تجعله مطمئناً وهو يشتري اللحوم؟؟ لحوم الفصيلة الخيلية وهي الخيول والحمير ينفرد حمض اللاكتيك "اللبنيك" في عضلاتها وهذا الحمض له طعم سكري واضح جداً وكأن اللحم موضوع عليه سكر لا يختفي حتي بالطبخ؟؟ لذا فما أسهل من تذوق قطعة اللحم النيئة باللسان وسيتضح طعم السكر لو كانت لحوم حمير؟؟ وهذا إلي أن تصحو الضمائر ويغلظ لنا البرلمان الجديد عقوبات غش أغذية المصريين وتوضع القوانين والضوابط والتي ليس منها ترقيم الحمير وعمل رقم قومي لها. وهناك دول تأكل لحوم الفصيلة الخيلية في إيطاليا يأكلون لحوم الخيول ويسمونها "السومار" فلماذا بدلاً من أن يتفتق الذهن علي الترقيم أن نبحث في تصدير حميرنا حية أو مذبوحة لهذه الدول وكذلك الكلاب في دول شرق آسيا؟؟ ونحن نستورد لحوماً من البرازيل وغيرها؟؟ وهنا يكون الكلام منطقياً ويتحول لمصدر دخل قومي؟؟ وأهيب بمسئولي الإنتاج البيطري والحيواني أن يتفتق ذهنهم عن مشاريع تنمي الثروة الحيوانية بمصر فلدينا كل عوامل انتاجها دون مشقة.