لو قارنت بين أبوبكر البغدادي زعيم "داعش" وبين دونالد ترامب المرشح الرئاسي للولايات المتحدةالأمريكية ستجد انهما صنوان لا يختلف أحدهما عن الآخر.. التطرف البغيض الحقود.. والإرهاب الصريح الفاحش.. والعنف الفاجر المستتر هو ما تنطوي عليه تلكما النفس الأمارة بالسوء. أتخيل ان الرجلين مازالا يعيشان في العصور الجاهلية الأولي.. عميت قلوبهما.. ففقدا البصيرة والإبصار.. وركبهما الشطط فلم ير أي منهما إلا ما تراه عادات قبلية موغلة في التخلف. والغريبة ان الاثنين نتاج سياسة إرهاب زرعته الولاياتالمتحدة في أفغانستان فترعرعت طالبان في كنفها نكاية في روسيا.. وطالبان انتجت تنظيم القاعدة الذي انقلب عليها.. ثم انتجت القاعدة مختلف التنظيمات الإرهابية الموجودة علي الساحة.. وفي مقدمتها تنظيم "داعش". والآن انتقلت المعركة إلي سوريا.. ويبدو انها تعيد ما جري في أفغانستان.. فالولاياتالمتحدة ومعها دول التحالف وفي مقدمتها بريطانيا وألمانيا وتركيا يواجهون روسيا ومعها إيران وحزب الله.. والحرب دائرة الآن علي أشدها والضحية هو الشعب السوري الذي لا حول له ولا قوة. ورغم الحملات العالمية علي "داعش" والكل يعتبرها أكبر تنظيم إرهابي شهده العالم.. فقد ثارت حملة معادية ضد دونالد ترامب الذي أعلن انه يجب فرض حظر شامل وكامل علي دخول المسلمين إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي أن يتخذ الكونجرس الأمريكي إجراء بهذا الشأن. وقال ترامب إن العديد من استطلاعات الرأي تظهر "كراهية" من المسلمين تجاه الأمريكيين قد تسفر عن المزيد من الهجمات وانه يتضح للجميع ان هذه الكراهية تستعصي علي الفهم. وقد رد بيل دي بلاسيو عمدة نيويورك علي تصريحات ترامب قائلاً إن هذه التصريحات لا تجعل أمريكا أقوي.. وجاء الوقت لنقول ان ترامب يطالب بما يريده الأعداء ومنهم "داعش".. فهم يريدون رؤية أمريكا مقسمة ومنقلبة ضد المجتمع المسلم وترامب يقع في هذا الخطأ. من جهته قال ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا انني أعارض التصريحات التي أدلي بها دونالد ترامب فهي تسبب الانقسام والخلافات وخاطئة وكان البيت الأبيض الأمريكي قد ندد بهذه الدعوة خصوصاً وان ترامب سبق وأبدي مواقف مماثلة مثيرة للجدل حول المسلمين. وقد وقع أكثر من 175 ألف بريطاني علي بيان يطالب بمنع دونالد ترامب من دخول بريطانيا بسبب خطاب "الكراهية" الذي ألقاه بمنع المسلمين من دخول أمريكا. وأبرزت الصحف الأمريكية والبريطانية استياءها من تصريحات ترامب وأكدت انها تضعف أمريكا الموحدة إذا ما تحققت وانقلبت علي المسلمين.. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ان هجوم ترامب ترك أثره علي المسلمين الأمريكيين وتركتهم في شعور دفاعي وضعف.. وان قادة المساجد في أنحاء الولاياتالمتحدة يقولون انهم يعانون من موجة من التهديدات بالقتل والاعتداءات والتخريب علي عكس ما شاهدوه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية عام .2001 وكان مخربون قد قاموا بتحطيم نوافذ المركز الإسلامي في "بالم بيتش" بولاية فلوريدا وقلبوا أثاث المركز في غرفة الصلاة ثم تركوا بقعاً دموية في اتجاه المشاة. نعود إلي ما بدأنا به.. فأمريكا غزت العراق وأسقطت صدام الذي كان صمام الأمان ضد هذا التطرف الذي بدأ بعده ومن بينهم "داعش". وأمريكا هي من انتجت "دونالد ترامب" الذي ينادي بالعنصرية.. فهذا انتاجها وذاك نتاجها.. وهي الآن ومعها دول العالم تهاجم التنظيم الإرهابي الداعشي وتهاجم دونالد ترامب. وهكذا.. انقلب السحر علي الساحر!!