أكد الدكتور عبدالفتاح إدريس الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: أنه لا هجرة بعد فتح مكة لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" هذا فيما يتعلق بالهجرة بمفهومها الذي يجزي عليه المهاجر.. ولكن توجد أنواع من الهجرة في الاسلام وهي: الهجرة من دار الكفر إلي دار الاسلام إذا خاف الإنسان ألا يقيم شرع الله تعالي في دار الكفر حيث يجب عليه ان يهاجر منها إلي دار الاسلام. وقال د. عبدالفتاح من الهجرة كذلك هجرة المستضعفين من المسلمين من الأماكن التي استضعفوا فيها إلي غيرها كما قال الله سبحانه وتعالي في شأنهم "آن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا". ومن الهجرة أيضاً هجرة المرأة التي اعتنقت الاسلام وظل زوجها علي دينه في بلاد الكفر حيث هاجرت إلي دولة الاسلام فراراً بدينها من هذه الدار الي حيث تتمكن من أداء شعائر الله تعالي في دار الاسلام.. وقد قال الله سبحانه في شأن هذه المسلمة التي آمنت بالله وبقي زوجها علي دينه "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءتكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعونهم الي الكفار لا هن حلن لهم ولا هم يحلون لهن" وقال د. عبدالفتاح: وقد تطلق الهجرة ويراد بها السعي في الأرض لكسب المال أو عفاف النفس للزواج.. وفي هذا يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوي فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله.. ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الي ما هاجر إليه". ويأتي في مقابلة هذه الهجرات المشروعة سفرة يطلق عليها البعض هجرة وإنما هي من قبل سفر المعصية من بدايتها الي نهايتها وهي السفر للالتحاق بالجماعات الارهابية في الشرق أو الغرب.. هذه السفرات التي اجتذبت إليها مجموعة ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا فهذه السفرات من قبيل أسفار المعصية ولا يطلق عليها أنها سفر للجهاد أو نحوه مما يروج له جماعات الضلال. وقال ان من يهلك منهم في سفرته تلك فإنه يهلك علي غير الملة لأن ما يرتكبونه في سفراتهم تلك لا يمت إلي الاسلام بأي صلة. هجرة الوطن أما الدكتور محمد عبدالستار الجبالي الاستاذ بجامعة الأزهر فيقول ان سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم علمنا متي تكون الهجرة من الوطن مع اعترافه بأن الوطن دائماً وأبداً أحب الأماكن إلي الإنسان ولكن لا تستحيل الحياة في هذا الوطن ولم يتمكن الانسان من أداء تعاليم الاسلام علي أكمل وجه ومن عدم تحقق حياة كريمة لدي الانسان فان هذه الأشياء تكون من أقوي الأسباب الي الهجرة من موطن إلي آخر يتمكن فيه الانسان من إحياء شعائر دينه وتحقيق الحياة المستقرة ولا أدل علي ذلك من أن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قد ترك مكة وهي أحب البلاد إليه وهاجر هووأصحابه الي المدينة ولم يكن من أصحابه صلي الله عليه وسلم إلا أنهم قالوا لأوامره بالهجرة سمعاً وطاعة لأنهم يفرون من بلاد الله الي بلاد الله.. وقد تحققت بالفعل الهجرة واستطاع رسول الله صلي الله عليه وسلم ان يقيم دولة في المدينةالمنورة علي أسس سليمة وبناءً علي دستورصحيح يحقق العدل والأمان والسلام للناس جميعاً لا فرق في هذا بين مسلم وكافر وهذه هي سماحة الاسلام التي تجعل حمايته ومظلته للناس جميعاً. وقال د. محمد عبدالستار الجبالي ومما يدل علي مشروعية الهجرة من مكان إلي مكان قصة الرجل المعروف لنا جميعا والذي قتل تسعة وتسعون نفسا وعندما أراد أن يتوب أشار إليه عالم صالح بترك المكان الذي يعيش فيه لأنه مكان سوء والذهاب الي مكان آخر يستطيع فيه أن يحقق عبادة الله علي الوجه الأكمل مع ملاحظة ان الهجرة لا تكون هجرة في ميزان الشرع مقبولة ويثاب الانسان علي فعلها إلا اذا أخلص فيها الانسان النية لله تبارك وتعالي.. عند ذلك تكون الهجرة والتضحية بالمال والوطن عبادة لله سبحانه وتعالي إمتثالاً لقول النبي صلي الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمريء ما نوي فمن كات هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله ومن كانت هجرته الي دنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته الي ما هاجر اليه" مع اعتبار ان الانسان عندما يفر من موطن الي موطن آخر لابد أن يأخذ بالاسباب القوية التي تمكنه من تحقيق غرضه علي الوجه الأكمل.. ولابد ان يعرف مع الأخذ بالأسباب التوكل علي الله سبحانه وتعالي وقدوتنا في ذلك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة الي المدينة أخذ بالاسباب المعينة علي نجاح تلك الهجرة فاستئجاره لرجل كافر عنده علم بالطرق الخفية في الصحراء واستعانته أيضاً بعبدالله بن أبي بكر وأخته السيدة أسماء ويمدوهما ليتعرف من خلالهما علي أخبار مكة بالطعام والشراب أيضاً وهذا لا ينسيه أن يكون متوكلا علي الله حق التوكل ويتضح هذا جلياً عندما كان في غار ثور هو والصديق وقال له الصديق يا رسول الله لو أن أحدا من المشركين الذين يقفون علي باب الغار نظر تحت قدمه لرآنا ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يطمأنه بقوله ما ظنك يا أبي بكر برجلين الله ثالثهما.. وهذه العبارة تدل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم كان آخذاً بالأسباب ومتوكلاً علي الله. هناك أسباب للهجرة أما الدكتور منصور نصر قموح الاستاذ بجامعة الأزهر فيقول: اذا ضاقت بالانسان الحيل أصبح المكان غير مناسب بأن يطيع الله فيه هنا يجب عليه البحث عن مكان آمن يمكنه من مباشرة أفعال الطاعات التي أمره الله بها بحيث يكون آمناً علي نفسه وعلي بيته وعلي ماله لأن الانسان في هذه الحياة تعتريه بعض المواقف التي قد تحول بينه وبين فعل التكليفات التي أمره الله بها.. هنا فان الهجرة تكن واجبة من هذا المكان إلي مكان آخر يستطيع أن يباشر فيه المأمورات ويجتنب فيه المنهيات. ويضيف د. منصور نصر قموح ان من الأسباب التي تدعو الانسان الي الهجرة هي البحث عن سبل الرزق فقد يضيق الحال بالانسان في مكان ما ويفتح الله عليه باب الرزق في مكان آخر لقوله سبحانه "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" لأن الضرب في الأرض أمر مأمور به للانسان وكما نعلم جميعاً فإن السعي علي الرزق هونوع من أنواع الجهاد الذي أمرنا الله به.