في هذا العام نكون قد وصلنا للذكري 42 لنصر أكتوبر المجيد الذي استطاع فيه المصريون أن يحققوا النصر الوحيد علي الكيان الصهيوني المتغطرس. الذي استطاع في غفلة من الزمن أن يخلق لنفسه مساحة من التواجد علي أرض فلسطين وهضبة الجولان وسيناء. ليلقنوه درسا في فنون العسكرية الحديثة لدرجة أن استراتيجية وتكتيكات حرب أكتوبر مازالت تدرس في أعرق الأكاديميات العسكرية في العالم. وذلك لما حققه الجنود المصريون من بطولات كان عنوانها التغلب علي الكثير من التحديات الكبيرة. التي كان أهمها عبور مانع قناة السويس الصعب واجتياح خط بارليف المنيع. ولهول المفاجأة كان العبور وتدمير تلك الحصون المنيعة وقتل وأسر كل من كان فيها. والتقدم في عمق سيناء لمسافة 15كم وإخراج السلاح الجوي الإسرائيلي من المعادلة. وحدث ذلك رغم التفوق الإسرائيلي في السلاح. ولكننا تفوقنا عليه بمكر خطة الخداع الاستراتيجي والعقيدة القتالية الراسخة ومفردات الروح القتالية والتدريب الراقي. وعظمة النصر كانت من شعب مصر العظيم الذي التف حول قيادته. وتحمل مسئوليات الحرب. رغم ضعف الإمكانات المتاحة وقتها. ليعيد للمصريين وللعرب جميعا كرامتهم التي جرحت بعد حرب 67. فشكرا لذلك الشعب الأبي وكل التقدير للرئيس الراحل أنور السادات الذي خطط وقرر وهيأ الدولة والمسرح العالمي لخوض تلك الحرب والانتصار فيها. كونها قضية عادلة ومستحقة لاستعادة الأرض. ولم يتبق إلا كل الاحترام لجيش مصر العظيم الذي نفذ وحول الحلم إلي حقيقة مقدما في هذا الإطار أروع آيات التضحية. الأمم العظيمة هي التي تستلهم مستقبلها من أمجاد ماضيها لتستثمره ليكون دافعا لأبنائها للرقي والانطلاق للأمام. وهذا ما نرصده جميعا في البلاد التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية. وشكلت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتظل قابعة في مقاعد المنتصرين. لتحقق أفضل ما يمكن الوصول إليه من أجل رفاهية شعوبها. لذا فعلينا نحن المصريين إذا ما أردنا أن نظل في موقع المنتصرين وهذا حق. أن نستلهم روح نصر أكتوبر العظيم. في هذه اللحظة الفارقة من عمر بلدنا بل ومنطقتنا العربية بما تحمله من متغيرات وعدائيات متعمدة لتفويت الفرصة علي كل طامع باغ. ولكي يتحقق ذلك وننتقل من الكلام إلي الفعل علينا جميعا شعبا وقيادة أن نكون أكثر اتساقا ولحمة تحت راية الوطن. لكي نحافظ علي ترابه وعرضه. فالجيش يبقي كما هو ويتسلح بكل جديد ليظل درعا وسيفا لهذا الوطن. والأمن يعيد صياغة علاقته بأبناء وطنه. ليخلق حالة أمنية جديدة قوامها حب الوطن وتعزيز فكرة الانتماء إليه. والإعلام يكون جامعا واعدا واعيا منيرا لجنبات المجتمع ومتبنيا لقضاياه. والقضاء الناجز الزاجر يكون عنوان العدالة للفصل بين الحق والباطل. لاستعادة الحقوق والحفاظ علي هيبة الدولة. والوزارات التي تأخذ علي عاتقها إزاحة الأعباء عن كاهل المواطنين لا يقل دورها الوطني عن دور الجندي في ميدان القتال. ولا شك أن التمسك بالعادات والتقاليد والسلوكيات المحمودة والمكتسبة عبر مراحل التاريخ والتي تنطوي علي الكثير من القيم الرصينة سيجعلنا دائما في دائرة الكبار خاصة إذا ما استلهمنا روح النصر.