القرية "الأكثر جمالا" كانت فكرة لأحد المسلسلات التليفزيونية من خلال تزيينها وتطويرها لكنها تظل دراما داخل الشاشة الفضية أما القري الأكثر فقراً فهي "شعارات" تلاعب بها السياسيون والرؤساء منذ زمن فات وطورها النظام السابق من أجل شعارات انتخابية من خلال لجان السياسات وتحسين صورتها في برامج التوك شو.أما "الأكثر فقراً".. حياة خارج الزمن وخدمات خارج الخدمة وأناس في انتظار "فرج" لا يأتي منذ زمن طويل ذاقوا "المرُُُ" وتحملوا "الأمر منه" فهم دائما يشتكون لطوب الأرض دون مجيب لهم حتي فاض بهم الكيل. "السكان" يعيشون في عذاب ونجوع تحولت إلي "بيوت اشباح" همومهم بامتداد أعمارهم لا يملكون منها شئياً وأحلامهم تحولت إلي كوابيس. يحلمون بأدني الحقوق الآدمية مثل مياه الشرب النقية والوحدات الصحية وشبكات الصرف الصحي والكهرباء حتي استوطنتهم الأمراض الوبائية والفيروسية وتحولت إلي أماكن طاردة. التنمية الشاملة ومع اقتراب الاحتفالات بثورة 25 يناير تجددت أحلامهم في تغيير الحال حتي طالعنا الرئيس السيسي منذ أيام حين قال إن الدولة قامت برصد 1.5 مليار جنيه لتطوير القري الأكثر فقراً في 3 محافظات مطالبا الشعب المصري بالصبر لمدة سنتين فقط حتي يتم الانتهاء من كافة المشروعات المحددة ولتبدأ عمليات التنمية الشاملة في البلاد. استطلعنا آراء المعنيين بالمشكلة مواطنين وخبراء التنمية البشرية لنعرف منهم كيفية تحقيق التنمية علي الأرض. في البداية يقول عم شعبان حمدي عامل انه يأتي يومياً من بنها من الساعة الخامسة صباحا ويغادر ليلا من اجل لقمة العيش مضيفا انه يعاني الأمرين في المواصلات وايضا من اجل ان يعمل "شفتين" من اجل لقمة العيش. وأوضح رمضان عزام عامل باليومية من الشرقية انه ترك بلدته وجاء إلي القاهرة ويعمل في مجال البناء مؤكدا انه يعاني عدة امراض بسبب الاسمنت والطوب الذي يحمله ومنها الحساسية والتهابات علي الصدر ورغم ذلك يكمل مهنته التي لا يجيد غيرها. وطالب "عزام" بالاهتمام بعمال اليومية لافتا إلي ان معدلات الفقر تجعل من بعض زملائه الاتجاه إلي مهن غير سوية أو لا اخلاقية علي حد قوله بعد معاناتهم مع أصحاب الأعمال. أما شربات عبدالفتاح فلاحة بقرية تتبع مركز قويسنا بالمنوفية تقول: إنها تبدأ يومها بسحب بهائمها من منزلها وحتي الحقل يوميا بعد وفاة زوجها وتؤكد انها كانت تعتمد علي زراعة القطن سنويا من أجل ان تصرف علي بيتها وتوفير لأهلها القوت. واضافت شربات انه بعد قرار إلغاء الدعم علي القطن سوف يؤدي بها الحال إلي ترك مهنة الفلاحة وتتجه للاكتفاء بتأجير الأرض وزراعة بعض الخضراوات التي تذهب بها إلي السوق مطالبة الدولة بالاهتمام بالفلاح وتوفير تأمين صحي ملائم له. خطة عاجلة في البداية قال اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية ان الرئيس عبدالفتاح السيسي كلف الحكومة بوضع خطة عاجلة لاحداث تنمية شاملة للقري الأكثر فقرا وأكد ان هناك نحو 4151 قرية بمصر محرومة من الخدمات الاساسية ولا توجد بها مياه شرب نقية أو صرف صحي أو مدارس أو وحدات صحية وأشار إلي ان الحكومة مهتمة بمشاركة مجتمع الاعمال في جهود تنمية القري الأكثر فقرا بجانب تطوير المناطق العشوائية مشددا علي ان الحكومة ترحب بتولي رجال الأعمال تنفيذ أي من مشروعات امداد تلك القري والمناطق العشوائية بالخدمات الاساسية. وأشار اللواء محمود مغاوري رئيس الجهاز المركزي للتعمير بوزارة الاسكان سابقا والخبير في تطوير العشوائيات إلي ان تنمية القري الأكثر فقرا يحتاج لحصر هذه القري حصراً دقيقاً بمعرفة أجهزة موجودة في وزارة الإسكان ويتم البدء فوراً بوجود التمويل اللازم.. وفي ظل محاولات الحكومة بتوفير الأموال لذلك يجب البدء بالقري التي تعاني فقراً شديدا. أضاف ان لنا تجارب عديدة مماثلة فقد استطعنا بالفعل تطوير 151 قرية في محافظاتالشرقية والبحيرة والمنيا واسيوط وسوهاج وقنا وذلك بين الفترة من 2008 و..2010 وطالب مغاوري بضرورة وجود مشاركة فعالة من رجال الاعمال القادرين وذلك في اطار المسئولية الاجتماعية وايضا منظمات المجتمع المدني المرتبطة بأعمال تطوير القري الأكثر فقراً. متابعة المشاريع قال الدكتور حمدي عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية سابقا انه ينبغي تحديد القري الأكثر فقرا من حيث نسبة السكان والجغرافيا وقلة الخدمات والأنشطة والمرافق من حيث الكهرباء والمياه والطرق وهي تساوي العشوائيات بالمدن. واوضح "عبدالعظيم" ان الفرق بين القري الفقيرة والعشوائيات ان العشوائيات قد يأتون بالمياه ويسرقون الكهرباء أما في القري والنجوع الفقيرة فلا يجدون أياً من الخدمات وتكاد تكون معدومة مطالبا بضرورة تحديد الاولويات والمجالات المطلوب تنفيذها علي الأرض ومن خلال الفترة الزمنية المحددة. وأكد "رئيس أكاديمية السادات السابق" ان أهم نقطة هي المتابعة فهناك مشاريع يصرف عليها الآلاف والملايين وتقف علي 10% لتنفيذها ويتم تشويهها بعد ذلك ولا يستفاد منها سوي السارقين لخدمات الغلابة. واثني علي بعض الجهات الجاهزة لتحمل المسئولية منها صندوق تحيا مصر والبنك الدولي وبعض الجمعيات والمنظمات المانحة وضرورة التنسيق مع المحافظين لافتا إلي دور المحليات كدور مشارك وليس اساسي مع المشاركة الشعبية وتوصيل اصوات هؤلاء الناس إلي المسئولين. في سياق متصل قال د.إسماعيل شلبي الخبير الاقتصادي بجامعة الزقازيق ان القري الأكثر فقرا هي أصحاب الدخول المنخفضة للغاية ولا يوجد لديهم مورد رزق سواء عملاً حكومياً أو خاصاً أو حتي الاعتماد علي النفس مشيراً إلي ضرورة وجود مسح شامل من جانب كل محافظ لقري محافظته وبمعاونة الأجهزة الرقابية والأمنية والمشايخ والعمد ومعرفة اسباب وحقيقة الفقر في كل قرية. وأشار "شلبي" إلي اسباب منها لماذا أنت فقير؟ لا أعمل.. لا أمتلك.. لدي أبناء كثر.. وقد يمتلكون أراضي زراعية لكن دون وجود لأي موارد زراعية مع تحديد معايير الفقر واسبابه وتقسيمه إلي طبقات فهناك قري فقيرة وقري أكثر فقرا وهكذا وهناك نسبة الفقر 20% والآخر 70%. وطالب بالاعتماد علي المتطوعين أكثر من موظفي المحليات والبعد عن المجاملات أو الشعارات مضيفا ان العملية برمتها تحتاج إلي إرادة من المحافظين من خلال دراسة جيدة وتقييم خلال 6 شهور وتعيين اشخاص ذوي كفاءة بعيداً عن مصطلحات سيادة الوزير أو أصحاب البذا الشيك. "الجمهورية" اختارت بعض النماذج للقري الأكثر فقراً منها شطانوف بالمنوفية وقرية الاقدام 5 بالمنيا ومنشأة رضوان بالشرقية.. فالخدمات معدومة ومياه تختلط بالمجاري.. ايضا علي سبيل المثال لا الحصر قرية.