الصلاة تعني في اللغة الدعاء ومنه قوله تعالي: "وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" "التوبة: 103" أي أدع لهم واستغفر لهم وسميت هذه العبادة الشرعية باسم الدعاء لاشتمالها عليه. والصلاة في اصطلاح الفقهاء هي نية وأقوال وأفعال مخصوصة مبتدئة بالتكبير مختتمة بالتسليم. والصلاة هي آكد الفروض الشرعية بعد شهادتي التوحيد لذكرها قبل سائر التكاليف في حديث الصحيحين عن ابن عمر. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت". وأخرج أحمد والترمذي وصححه. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "رأس الأمر الإسلام. وعموده الصلاة. وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله". والصلاة هي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة. لما أخرجه الطبراني بإسناد صحيح عن أنس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة. فإن صلحت فقد أفلح ونجح. وإن فسدت فقد خاب وخسر". والصلاة هي آخر ما يضيع من الدين. لما أخرجه ابن حبان وأحمد والطبراني برجال الصحيح عن أبي أمامة الباهلي. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لتنقضن عري الإسلام عروة عروة. فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها. فأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة". والصلوات المفروضة علي المسلمين خمس في اليوم والليلة. هي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ويدل علي ذلك الكتاب والسنة. 1" أما دليل الكتاب فمنه قوله تعالي: "حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي" "البقرة: 238" أي حافظوا علي الصلوات الخمس وبخاصة الصلاة الوسطي قيل: هي صلاة العصر التي يتكاسل عنها كثير من الناس والمختار عند جمهور الفقهاء أن الصلاة الوسطي دائرة في الصلوات الخمس. لأن كل صلاة من الصلوات الخمس تصلح أن تكون وسطي. قبلها صلاتان وبعدها صلاتان. وبهذا تكون الآية مؤكدة علي أهمية الصلوات الخمس. وقد فصل الله تعالي أوقات تلك الصلوات الخمس في قوله تعالي: "فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون" "الروم: 17 18" والمراد بالتسبيح في هذه الآية الصلاة. وقوله تعالي: "تمسون" إشارة إلي صلاتي المغرب والعشاء. وقوله "تصبحون" إشارة إلي صلاة الصبح وقوله "وعشيا" إشارة إلي صلاة العصر وقوله "تظهرون" إشارة إلي صلاة الظهر كما ذكر أكثر أهل التفسير. 2" وأما دليل السنة علي فرضية الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة. فمنه ما أخرجه أحمد وبعض أصحاب السنن وصححه الحاكم والترمذي عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل عند البيت مرتين" وذكر في الحديث أنه صلي به في اليوم الأول الصلوات الخمس في أول أوقاتها. وفي اليوم الثاني صلي به تلك الصلوات في آخر أوقاتها. ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم: "ثم التفت إلي جبريل وقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك. والوقت فيما بين هذين الوقتين". وأخرج الشيخان من حديث طلحة بن عبيد الله. أن أعرابياً جاء يسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الإسلام فقال صلي الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع". وذكر له رسول الله صلي الله عليه وسلم. الصيام والزكاة قال: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع" قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد علي هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق". وفي رواية لمسلم "أفلح وأبيه إن صدق". وبهذا تتضح أهمية الصلوات الخمس. وإنها من مؤكد الفرائض. وأن المحافظة عليها وعلي سائر الفرائض والأركان الشرعية سبيل للفلاح في الدنيا والآخرة.