عام 2013 كان مختلفاً عن سواه من الأعوام السابقة. فأبرز حوادثه صنعتها جماعات أو حركات. تندلع ثورات من حيث لا تدري. وتحتل الساحات دون قيادات مرئية. هذا عام قام فيه أفراد بأحداث درامية وغير متوقعة علي الإطلاق وهذه أهم أحداث العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة. التجسس علي الجواسيس لم يكمل إدوارد سنودن عامه الثلاثين حينما كشف عن كم مثير للدهشة من عمليات تجسس وكالة الأمن القومي ففيما كان الجهاز يراقب أشياء أخري قام متعاقد واحد بهزة أرضية تاركاً وظيفته وحاملاً معه مئات الآلاف من الوثائق السرية التي تكشف عن تجسس الجهاز علي الاتصالات والبريد الالكتروني وحتي قادة العالم وحلفاء أمريكا. والكشف أظهر مدي قدرة وكالة الأمن القومي علي معرفة كل أسرارنا ورغم ذلك عرّاها رجل واحد علي نحو محرج.. هو بنظر البعض باطل. وخائن في تقدير آخرين. بابا مهموم بعدم المساواة أكثر من الفضائح الجنسية عندما اختار الكرادلة الكاثوليك في روما أول قسيس أرجنتيني ليكون أول حبر أعظم غير أوروبي منذ قرابة 1300 عام. بدأ البابا فرانسيس في التصدي للقوة الجبارة لتقاليد الكنيسة. وانتقد بشدة هوسها ضد المثليين والإجهاض وتحديد النسل. داعياً الكاثوليك إلي محاربة الفقر وعدم المساواة. وأصبح مصدراً لمفاجآت لا حصر لها مثل رفضه الانتقال إلي المقر الباباوي. هل ينجح البابا في إحداث تغيير دائم في واحدة من أعرق المؤسسات وأكثرها مقاومة للتغيير بالعالم.. هذا ما سنراه؟ الصراع مع إيران لإخراج الأرنب من القبعة. بدأت صفحة جديدة للصراع مع إيران حول برنامجها النووي. مع الانتخاب المفاجئ للرئيس حسن روحاني. الذي تحول موقفه بشدة إلي نبرة تصالحية. لكن تظل هناك شكوكاً إذا ما كان سينجم عن ذلك تغييراً حقيقياً.. أوباما وضع احتمالات التوصل لاتفاق نهائي بنسبة 50/.50 فالأمر لا يتعلق بروحاني. بل برئيسه القائد الأعلي آية الله علي خامنئي. الذي له الكلمة الفصل في إيران. فكل ما يحدث هناك بمباركته. حتي تغير النبرة. ولم يتضح بعد إذا ما قرر تغير أهداف البرنامج النووي لبلاده. مر عقدان الآن منذ فرض الولاياتالمتحدة ودول أخري عقوبات تجارية علي إيران بهدف منعها من تحقيق ما يخشونه. ونفي إيرراني متكرر بأن برنامجها لإنتاج أسلحة نووية. لقد توصلت إيران. وقوي العالم بقيادة واشنطن. لاتفاق مبدئي يبطئ من تقدم إيران بنحو ستة أشهر. والعودة مجدداً لبعض العقوبات.. نتيجة خلقت نوعاً من الإثارة لدي البعض وتوجس لدي آخرين. خصيصاً لأن إيران تبدو وكأنها وجدت طريقة لتخصيب اليورانيوم رغم مطالبة الولاياتالمتحدة تحديداً بوقف ذلك. من الفائز؟ البعض يقول إيران.. شكراً لروحاني أوباما وبرنامج التأمين الصحي "أوباما كير" تحدي باراك أوباما النظام القائم وتعثر به.. هذا هو حال كل من يحاول التصدي لوضع قائم.. للقصة ربما عدة توابع. منها عدم الرضا السياسي. وإغلاق الحكومة. الذي أثار حفيظة الأمريكيين ضد واشنطن.. ويبدو أن أوباما أحرز نقاطاً هناك. بوقوفه بثبات أمام الجمهوريين. إلا أن ما أوقعه. وبشكل مؤلم. ودون تدخل المنتقدين. هو انطلاقة برنامج التأمين الصحي. الذي يعرف ب"أوباما كير" فما أن أفاق الأمريكيون من صدمة الإغلاق الحكومي. حتي وقعوا بأخري جراء الافتتاحية الكارثية للبرنامج. لتهبط شعبيته إلي أدني مستوياتها. زادت سوءاً بإنكاره وجود مشكلة. ورغم اعترافه لاحقاً وتحميل نفسه المسئولية. لكن بعد فوات الأوان. في سوريا.. ارتبك أوباما وظل نظام الأسد بالسلطة مع اقتراب نهاية 2013 لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة السوريين. من كان يعتقد أن نهاية العام لن تزيد النظام السوري سوي قوة؟ فبعد دعوات متكررة من أوباما للرئيس السوري بالتنحي يبدو أنه والغرب كذلك في حيرة بشأن الخطوة التالية.. فهو قلق من أن يؤدي القتال للإطاحة بالنظام الحالي. لبزوغ نظام جديد يسيطر عليه الإسلاميون المتشددون. حدد أوباما استخدام السلاح الكيماوي كخط أحمر. واستخدمه الأسد. وقرر الرئيس الأمريكي أن بلاده لن تتدخل. فهو شخص بطبيعته غير مخاطر. لقد تراجع سريعاً عن قرار بالتحرك في سوريا. تحسباً من تحدي الرأي العام. لقد فاجأ الجميع بإعلانه أنه بانظار تفويض الكونجرس. وبدأ قرار الكونجرس متردداً عقب تلميح وزير الخارجية جون كيري. بأن تسليم الأسد لترسانته الكيماوية سيحول دون التدخل العسكري. والتقطت روسيا. حليف سوريا. الفكرة كنواة لعملية دبلوماسية مضادة. أنقذت بها الأسد من هجوم الغرب. وأوباما من الخزي السياسي. النصر كان حليف الرئيس الروسي. فلاديمير بوتين. فيما يرزح الشعب السوري تحت هجمات لا هوادة فيها من قبل الأسد وحليفه اللبناني. حزب الله لتتنامي حصيلة الموت والضحايا الذين زاد فصل الشتاء من معاناتهم. بالحيلة والدهاء تفوق بوتين علي أوباما.. وكان لديكتاتور آخر الضحكة الأخيرة. ننظر للوراء لعام 2013 الجدير بتذكره. ليس لكوننا جميعاً شهوداً عليه. بل لكوننا أبطال حاضرنا في التاريخ.. الأفراد بمقدورهم تغيير التاريخ سواء للأسوأ أم الأفضل. كاتبة هذا المقال فريدا غيتيس. وهي صحفية متخصصة في الشئون الدولية بصحيفتي "ميامي هيرالد" و"وورلد بولتيكس ريفو". عملت سابقاً كصحفية ومراسلة ل CNN. ومؤلفة كتاب "نهاية ثورة: عالم متغير في عصر التليفزيون المباشر".