يبدو اننا نعيش حالة من التوهان المعرفي. فالأحداث من حولنا تشوبها الضبابية والهلامية واللامنطقية. السياسة نفسها أصبحت أشبه بالمربعات الناقصة في أضلاعها لا شيء مكتمل وأسقطنا أنفسنا في دوامات الحيرة بلا مبرر ولا منطق أيضا وكأننا نجهل ان للثورات ضروريات حتمية تشمل كل قراراتها. فكيف نناقش مسألة مشاركة الأحزاب الدينية في الأمور السياسية بعدما رأينا وعانينا من التجربة السابقة التي أصابتنا بالدمار والخراب والتفرقة والدماء الطاهرة التي سالت دون ذنب اقترفه أصحابها وكيف نسمح بالمظاهرات بكل أشكالها ونحن في حالة تفعيل قانون الطوارئ؟ وكيف نتغافل عن تصرفات الطابور الخامس أو الخائن الذي استشري بيننا في صور كثيرة وأقنعة مزيفة تحت ستار شعارات حقوق الانسان والديمقراطيات العالمية وبعضهم في الحقيقة يضمر لنا السوء؟ نحن في مرحلة لا تحتاج إلا للقرارات الثورية الحاسمة بعيدا عن المناورات الكلامية والأيادي المرتعشة التي حتما سوف يأتي اليوم ويحاسبها التاريخ علي مواقفها السلبية والمشكوك فيها والملاحظ في الفترة الماضية ان حكومة الدكتور حازم الببلاوي انها تلجأ إلي المسكنات الكلامية أو استرضاء مجموعة عن أخري والأسبقية بالطبع لأصحاب الأصوات العالية أو الأكثر تأثيرا في درجة عرقلة دولاب العمل اليومي. وهو أمر في غاية الخطورة مما قد يعوق بالفعل أية محاولة للاصلاح أو البناء فيما بعد والأمر المثير للجدل هو اصرار الحكومة الحالية بأن تصنف نفسها بأنها حكومة مؤقتة وهو ما أدي إلي تراخي بعض قيادات الوزارات في تنفيذ مهامها اعتمادا علي ذلك التصنيف أولا وتفاديها للمساءلة ثانيا وبالتالي توقفت عجلة النماء وتساقطت الوعود والأماني كأوراق الخريف وتفشت فوضي الاعتصامات ونحن اليوم نقف علي أعتاب مرحلة في غاية الخطورة ما لم نتعامل معها بحكمة واقتدار وبأسلوب منهجي مخطط ومتوازن ومتواز مع الحاضر والمستقبل ليس معني أن تكون الحكومة الحالية انتقالية بأن يكون دورها فقط هو تسيير الأعمال بشكل نمطي وبطيء أو تتعامل مع القرارات بأيدي مرتعشة خشية من تبعيات المسئولية. ان شعبنا الثائر العظيم قام بثورته من أجل بناء مستقبل أفضل وحياة كريمة تكفل للجميع بلا استثناء ولهذا يجب أن تعلم حكومة الدكتور حازم الببلاوي بأن البطون الجائعة مثلها تماما كالعقول الفارغة تكون ردود أفعالها غير محسوبة قد تزيد من عرقلة طموحات ثورتنا المجيدة. كما انه من غير المقبول أيضا ألا نستثمر ذلك الحدث الثوري العظيم ونقف مشلولي الأيدي بحجة الدواعي الأمنية والظروف التي تمر بها البلاد.. ان شباب الثورة قد دفعوا ثمنا غاليا من أجلها ووضعوها أمانة بين أيدينا وكلمة للفريق عبدالفتاح السيسي أخشي عليك أن تدفع من رصيد شعبيتك الجارفة ثمنا لصمتك علي بعض المواقف التي تصدر عن حكومتنا الحالية. فالمجتمع يريد أيضا أن يستشعر الأمل بالنسبة لأموره الحياتية وبشكل مباشر وهذا لن يتأتي إلا بتحمل كل وزير ومسئول في حكومتنا الحالية مسئوليته بواقعية وشفافية وشجاعة وأن يصبح شغله الشاغل هو متابعة هموم المواطن العادي ويسعي بجدية في حل مشاكله من كل الجوانب. فمصرنا الحبيبة أبدا لن تضام ولن تسقط وبأبنائها ورجالها ونسائها سوف تعلو بإذن الله إلي حيث المكانة التي تستحقها.