بعد أكثر من عشر سنوات بدأ مشروع "الخريطة الجينية البشرية" يؤتي ثماره عقب قيام الفنانة العالمية انجيلينا جولي باستئصال ثدييها كما تعتزم استئصال المبيض بعد اجرائها جميع الفحوص الجينية الخاصة بها والتي اكدت احتمال اصابتها بمرض سرطان الثدي الذي اصاب والدتها وادي إلي وفاتها. تعتمد فكرة مشروع الخريطة الجينية علي فحص الجينات الوراثية بما يضمن معرفة أسباب الأمراض والتركيبة الوراثية للإنسان بهدف التوصل للكشف المبكر عن أمراض معينة. اعطي خبر جراحة انجيلينا جولي انطباعا للناس بأن الرفاهية التي تعيشها الفنانة العالمية هي التي سمحت لها بالكشف عن الخطأ الجيني واتخاذ ما تبعه من إجراءات نظرا للتكلفة الباهظة لهذه الاختبارات - حيث تصل قيمة الاختبار الواحد لنحو ثلاثة آلاف دولار - مما يجعل دعوتها إلي إجراءات تلك الفحص بعيدا كل البعد عن واقع ملايين النساء الذين يعانون من الفقر. وأثار ذلك الخبر ردود فعل متناقضة فأولئك الذين كانت تجسد لهم جولي مثالا للاثارة والجاذبية شعروا بالصدمة خوفا من ان تفقد انوثتها التي تميزت بها ولكنها تري ان هذا لن يؤثر علي انوثتها مطلقا.. وهناك من روجوا نظريات المؤامرة حول كون الموضوع ليس أكثر من حملة "علاقات عامة" لمصلحة الشركة صاحبة براءة الاختراع في الفحوصات الجينية. وكانت من ضمن الرافضين لهذه الجراحة كريستين بوتان وزيرة الإسكان السابقة في فرنسا التي قالت انه لا يمكن الاستهانة بقرار استئصال الثدي ولكن بالنسبة لحالة انجيلينا فمن الواضح انها لم تكن بعد حاملة للمرض فما ضرورة هذه العملية وان هذه الحالة تثير مشكلة حدود الطب الوقائي التي تلغي مسبقا احتمال مرض لم يقع بعد.. اضافت انه لا يوجد ما يمنع من ظهور السرطان في أعضاء أخري في جسم جولي خاصة بعد أن أكدت التحاليل ان امكانية تطور المرض لديها بعد الاستئصال وصل إلي 5% بعدما كانت فرصة التطور تصل إلي 87% وطرحت الوزيرة سؤالا هو هل الطب أصبح للأثرياء فقط كما أرادت لفت انتباه الجميع إلي مجتمع يريد أن يوهم الناس بأنه من الممكن استئصال جميع الأمراض وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وفي استجابة تعتبر هي الأولي من نوعها لتجربة جولي اجري بريطاني عملية مشابهة حيث قام باستئصال البروستاتا بعدما تبين له انه يحمل جينات اصابتها بالسرطان ورغم تحذير الاطباء له من تداعيات هذه العملية إلا ان تجربة جولي حسمت الموقف ودفعت الرجل لاجرائها تفاديا للاصابة بالمرض. وأظهر استطلاع اجراه معهد يوجوف الالماني ان 51% من الأمريكيين مستعدون لاتخاذ انجيلينا جولي قدوة لهم والمبادرة باستئصال اجزاء من اجسادهم إذا كانوا حاملين للمرض بينهم 50% رجال و51% سيدات. وعلم الجينات كان ولايزال مثيرا للجدل حيث يري البعض فيه حلا لكثير من الأمراض بينما يرفضه آخرون بسبب الاخلاق ومعتقداتهم الدينية وفي جميع الاحوال سواء تمكن الانسان من إتقاء شر الأمراض أو العلاج منها فإن ذلك لن يمنع القدر ولن يطيل من عمر الإنسان.