رغم أوجاعنا الاقتصادية والاجتماعية المزمنة والمستجدة.. لكنها تعد أفضل مما هي عليه في دولة مثل بنجلاديش.. ومع ذلك فإن المقارنة ليست لصالحنا.. مع الاقرار بأن أس البلاء واعراضه.. تكاد تكون متشابهة إلي حد بعيد هنا وهناك.. لكن ما استوقفنا ووقفنا عنده طويلا.. انهم في بنجلاديش لم يستسلموا لأقدارهم القاسية.. سواء ما فرضته عليهم الطبيعة.. بدءا بالكثافة السكانية المرتفعة.. حيث يعيش نحو 160 مليون نسمة في دولة محدودة المساحة والموارد المعدنية والمالية.. في هذا السياق ومنذ استقلال دولتهم عام 1971 وحتي الآن.. بدأوا في بنجلاديش من الصفر تقريبا رحلة الألف ميل.. لإقامة بنية أساسية تلبي احتياجات السكان وخطط التنمية وجذب استثمارات خارجية.. وبشكل عام لم تتوقف مسيرة التنمية الشاملة هناك منذ الاستقلال حتي لو كانت هذه المسيرة تتقدم بخطي بطيئة فرضت عليها في العديد من مراحلها.. وذلك بسبب القدر الآخر المكتوب علي جبين العديد من الشعوب المكافحة وهو صراعات النخب وتوابعها الوخيمة من عنف واغتيالات وتبديد للطاقات والامكانيات والوقت.. وكل ذلك لتحقيق مصالح شخصية وحزبية.. ناهيك عن وباء الفساد المدمر مع ذلك وفي خضم هذه التحديات الجسام.. لم يتوقف قطار التنمية في بنجلاديش.. بل الأكثر من ذلك تشبثوا بخيار الديمقراطية رغم التأثير السلبي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية علي ممارسات ومردودات هذا الخيار.. وفي هذا الاطار قالت وزيرة خارجية بنجلاديش "ديبو موني" اثناء لقائها معنا في داكا مؤخرا انه رغم كل الاحباطات والاخفاقات والسلبيات التي اعترضت مسيرة الديمقراطية منذ الاستقلال وحتي الآن.. فإن خيار الديمقراطية أفضل من انعدامه.. وحتي لو لم تتوافر الأجواء والأوضاع المجتمعية الايجابية لممارسة ديمقراطية صحية.. خاصة انه لم يتم بعد "اختراع" أي آلية أخري أفضل لحكم الشعوب والأمم.المهم انه رغم المعاناة الشديدة للغالبية من شعب بنجلاديش علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وأعمال العنف منذ عام 1971 وحتي الآن الا ان نسبة من يعيشون تحت خط الفقر.. تراجعت الآن 100% مقارنة بما كانت عليه عام 1971 "تعداد السكان وقتها كان 75 مليون نسمة" مقابل 160 مليونا الآن.. كما أكدت الأرقام الرسمية أن نسبة النمو في بنجلاديش لم تقل في السنوات الأخيرة عن 6%.. رغم كل الظروف المناوئة التي اشرنا إليها.. وبالطبع لم يتحقق ذلك من فراغ بل حققه شعب مثابر صبور يتسم بالقناعة وقوة التحمل والتفاؤل والاصرار علي تحسين حياته رغم قسوتها وصعوبتها البالغة.. لم يكتف هذا الشعب المكافح بالجهد والعمل.. لكنهم نحو صراعاتهم الشخصية والحزبية جانبا.. لم يتفرغ "منظروهم" لتبادل القصف الفضائي ليل نهار بأجندات التخوين واخواته من عابرات القارات.. أما عندنا فقد أصبح الجدل العقيم "موضة".. وأيضا "سبوبة" مغرية لنجوم "السفسطة" المبشرين بالدولارات واليوروات والواضح اننا نرفع شعار "جادلوا تصحوا وتقبضوا كمان" وبالعملة الصعبة! المهم ان للمقارنة بقية ان كان في العمر بقية. ** علي الماشي: "صحيح وراء كل عظيم امرأة.. بشرط ألا تشاركها امرأة أخري عرش عظمته.. والا صار تعيسا.. ووراء كل تعيس امرأة".