جاء إلي الجمهورية ليروي قصة وفاته. ويطلب المساعدة لاستكمال رحلة حياته. وتدبير نفقات زواجه والانفاق في المستقبل علي أولاده وبناته. وأعجب ما في قصته ما جري مع خطيبته وأيضاً مع احدي خالاته. فاقت قصته حدود الخيال. فبدت كأنها ضرب من المحال. قال انه فارق الحياة ودخل القبر. وخرج منه بعد عدة أيام. وأنه صادف في ظلماته الكثير من المآسي والأهوال. شاب في مقتبل العمر. في العشرين تقريباً. جاء إلي جريدة الجمهورية في مبناها القديم 24 شارع زكريا أحمد. سنة 2000 تقريباً. وربما بعدها أو قبلها بقليل. جلس معنا في مكتب "مع الناس" وروي قصته. قال أنه من أبناء حي الجمالية. وعمل صبياً في أحد مقاهي منطقة العتبة أطلقوا عليه اسم حسين الميت رغم أنه علي قيد الحياة. وهو نفس الحي الذي نشأ به الروائي الكبير نجيب محفوظ. ولو سمع قصته لضمنها احدي رواياته. وهو الذي عرف بوصف شخصياته وحاراته. توفي والده في طفولته. ونزل إلي معركة الحياة مبكراً. لمساعدة والدته وشقيقاته. وأيضاً السعي علي رزقه ومعاشه. تغيب زميله في المقهي عن الحضور صباح أحد الأيام. فاضطر إلي مواصلة العمل حتي المساء. وعاد إلي حجرته متعباً مكدوداً. وتناول طعام العشاء. ودخل في نوم عميق. حاول جيرانه ومعارفه ايقاظه لكن دون جدوي. أراقوا الماء علي وجهه. لكنه لم ينهض من نومه. استدعوا له الطبيب. فظن انه اصيب بتسمم في الطعام. وأوصي بنقله إلي المستشفي. نقلوه بسيارة اسعاف إلي مستشفي أحمد ماهر. وأدخلوه العناية المركزة. وبعد أيام قليلة قالوا إنه مات. وبدأت اجراءات الدفن وتشييع الجنازة إلي مثواه الأخير. وفي المساء اجتمع أهل المنطقة أمام منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء. بعد يومين أو أكثر. أفاق الشاب داخل المقبرة. وعاد إليه الوعي. وتحسس ما حوله. فإذا بها جماجم وعظام بشرية اخرج قطعاً من القطن كانت في فمه وأذنيه. فإذا برائحة كريهة. كادت تقتله. نظر إلي أعلي. فوجد شعاعاً من الضوء. يتسلل من ثقب في غطاء المقبرة. سمع وقع أقدام وأصواتاً قريبة. فصرخ بأعلي صوته يطلب النجدة. أبلغ المارة التربي المسئول. الذي أبلغ الشرطة والنيابة. وجاءت لجنة لمعاينة الموقف علي الطبيعة. فتح التربي غطاء المقبرة. وخرج الشاب بعد أن سقط الكفن علي الأرض ولما رآه التربي سقط علي الأرض وفارق الحياة. وجري من كان في صحبته. وغادروا المكان. وحمله أهل الخير من جديد إلي مستشفي أحمد ماهر. واستمر فيه عاماً كاملاً يتلقي العلاج. منها 3 شهور يعيش علي المحاليل ولا يتكلم. يقول حسين انه لم يشعر بالجوع أو العطش بعد الأيام التي قضاها داخل القبر. لكن شعر رأسه وقف كالشوك أو المسامير. ذهبت إليه أمه بالمستشفي عدة مرات ثم فارقت الحياة. بعد خروجه من المستشفي ذهب إلي بيت خطيبته. فصرخت في وجهه. وحررت محضراً ضد الغريب الذي جاء لينتحل شخصية خطيبها الراحل. توجه إلي بيت خالته. فأغلقت الباب في وجهه وظنت أنه عفريت من الجن. وتكرر الأمر مع باقي أهل المنطقة. واطلقوا عليه اسم حسين الميت. وهو علي قيد الحياة. اغلب الظن أنه دخل في غيبوبة عميقة بسبب السكر أو غيره. نشرت صفحة مع الناس قصته. ومن بعدها بعض الصحف والقنوات التليفزيونية. يوصي حسين الجميع خاصة الشباب بالاستقامة وحسن الخلق. والصلاة والصيام. ويقول إنه يحمد الله علي كل ما جري له. قدم أهل الخير المساعدة. ولا يزال الباب مفتوحاً لمساعدته من أصحاب القلوب الرحيمة..