رغم صعوبة المرحلة التي تولي خلالها الدكتور خالد فهمي مسئولية وزارة الدولة لشئون البيئة ما بين غياب الأمن وتفشي الفوضي والبلطجة وتفاقم المشاكل البيئية ما بين تراكمات قمامة ومخلفات وباعة جائلين افترشوا معظم الشوارع والميادين وأنشطة عشوائية وحرق مكشوف لتزداد حدة التلوث.. بالإضافة إلي الأوضاع السياسية المضطربة إلا أنه أكد فور وصوله لمقر وزارة البيئة أنه جاء لتنفيذ سياسة وزارة وليس سياسة وزير يمضي البناء علي ما تم إنجازه.. "الجمهورية" التقت والدكتور خالد فهمي وزير الدولة لشئون البيئة فتحدث عن المنهجية الجديدة التي ينبغي اتباعها في التعامل مع ملف القمامة والمخلفات الذي يمثل العبء والتحدي الأكبر ليس فقط أمام وزارة البيئة ولكن أمام الحكومة بأكملها. تحدث عن فرص الاستثمار في مجال تدوير المخلفات والمشروعات التجريبية المقرر تنفيذها قريباً لتحويل المخلفات إلي طاقة حرارية وكهربائية. وأشار إلي حلمه في وصول مصر إلي الجيل الثالث من تكنولوجيا إدارة المخلفات وإلي نص الحوار.. ** سنوات طويلة وبرامج ومشروعات عديدة طرحتها حكومات متتالية فشلت جميعها في حل مشكلة تراكمات القمامة والمخلفات.. لماذا؟ * الحقيقة رغم أن المشكلة لاتزال قائمة إلا أننا لا نستطيع أن ننكر جهود الوزراء السابقين في تقديم حلول جزئية لأن التراكمات تزداد يوماً بعد يوم والخلل الأساسي هو أن إمكانيات الدولة لا تستطيع التعامل الآمن مع الكم اليومي المنتج من المخلفات والذي يصل إلي 75 ألف طن ابتداء من عمليات الجمع والنقل والتدوير ففي جميع هذه المراحل يتم التعامل بما يوازي 50% فقط من هذا الكم والباقي يظل تراكمات تضاف للرصيد السابق ولذلك تتفاقم الأزمة خاصة مع التزايد المضطرد في عدد السكان. حلول جذرية ** وهل يعني ذلك أن مشكلة القمامة والمخلفات ستظل قائمة؟ * هناك حلول جذرية ولكنها تحتاج للمال والوقت فلابد من اتباع منهجية جديدة في التعامل مع المخلفات وبدأنا بالفعل في تنفيذ البرنامج القومي لإدارة المخلفات والذي يهدف إلي إنشاء بنية أساسية لإدارة المنظومة في جميع المحافظات ويراعي خصوصية كل محافظة فمدينة القاهرة تختلف عنها في الإسكندرية وعن محافظات الدلتا والصعيد. ** ما هي الوسائل المتاحة لمواجهة المخلفات؟ * هناك بالفعل برنامج تنفذه البيئة بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية علي أن يتم طرح مشروعات الجمع والنقل والتدوير للقطاع الخاص بالتنسيق مع المحافظين بالإضافة إلي تفعيل دور المواطن في المواجهة والحفاظ علي البيئة وسوف يتم استطلاع آراء المواطنين في كل محافظة وكل حي عن الأسلوب الأمثل في إدارة المنظومة ونوعية الخدمة المطلوبة. ** ولكن تدخل المواطن في المنظومة قد يعوق تنفيذها؟ * علي العكس عندما يشعر المواطن بأنه صاحب الخدمة سيكون أكثر فاعلية لأن مشكلتنا في مصر أن المواطن دائماً آخر من يعلم ودوره مهمش.. ففي المنظومة الجديدة سيكون لربات البيوت دور أساسي وسيتم وضع حوافز لمن تقوم بفصل القمامة والمخلفات من المنزل لتسهيل عملية الفرز والتخزين. ** هل هناك معوقات تواجه المشروع وكيف يتم مواجهتها؟ * أتصور أن تنفيذ ذلك يستغرق عامين وقد قمنا بدراسة كل الاحتمالات وتوصلنا إلي الاعتماد في النقل علي السيارات الصغيرة لجمع المخلفات من المنازل والشوارع وتوصيلها إلي محطات المناولة بنظام التتبع وبمقابل فوري يشجع القطاع الخاص علي المساهمة في هذه المنظومة بمعني أن حمولة السيارة تدخل محطة المناولة وحساب وزنها وعلي الفور يحصل السائق علي مقابل النقل وبالتالي لن يلجأ لإلقائها في الطريق العام ويتم نقلها بعد ذلك إلي مصانع التدوير وما يتبقي يذهب إلي المدفن الصحي مع ضرورة أن تشمل المنظومة علي بند مالي خاص بصيانة الآلات. ** هل يمكن تعميم هذه المنظومة الآن في جميع المحافظات؟ * أتوقع خلال العامين القادمين تحقيق خطوات إيجابية في المنظومة مثل الفصل من المنبع ورفع كفاءة الجمع والنقل خاصة مع تطبيق نظام نقل المخلفات لمحطات المناولة بمقابل فوري عن كل حمولة. نصف مليار جنيه دعماً للمحافظات ** هل توجد محطات مناولة تكفي كم القمامة والمخلفات المنتجة يومياً؟ * من جانبنا كوزارة نقدم مساهمات مالية ودعماً فنياً لجميع المحافظات لتنفيذ المنظومة بأسلوب متكامل وخلال السنوات الماضية حصلت المحافظات علي مبالغ مالية تصل إلي نصف مليار جنيه في صورة أجهزة ومعدات وسيارات نقل وقلاب وغيرها من المعدات اللازمة بالإضافة إلي الدعم المقدم لإقامة محطات مناولة ومحطات وسيطة واكتشفنا أن هناك مشكلة في المحافظات وهي عدم وجود بند لصيانة الأجهزة وبالتالي فالجهاز والمعدات التي تتعطل أو يصيبها أي خلل لا يتم إصلاحها مما أثر سلبياً علي تنفيذ المشروعات والبرامج وهو ما تم معالجته في المنظومة الجديدة. ** هل توجد مصانع لتدوير القمامة والمخلفات تكفي المنظومة الجديدة؟ * يوجد 66 مصنعاً فقط لتدوير المخلفات في الجمهورية ولكن للأسف معظمها يحتاج لإعادة تأهيل وبدأنا بالفعل في تنفيذ رصد وتقييم لجمع المصانع القائمة وتحديد احتياجاتها حتي تعمل بكفاءة عالية.. وأضاف الوزير أن البرنامج القومي لإدارة المخلفات يقدم الدعم للمحافظات لمساعدتها في التوسع في إنشاء مصانع التدوير بالتعاون مع القطاع الخاص.. وفي هذا الإطار وقعت وزارة البيئة بروتوكول تعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبنك التعمير الألماني بحيث يقدم منحة قدرها 51 مليون يورو لتنفيذ منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات في أربع محافظات من بينهم محافظتان في الصعيد هما قنا وأسيوط ومحافظتان بالوجه البحري هما كفر الشيخ والغربية حيث تقوم المحافظات بتوفير الأراضي اللازمة للمشروعات وطرح مناقصة للمستثمرين مع توفير قروض للمشروعات بفائدة بسيطة قدرها 2% وفترة سماح تصل إلي 10 سنوات والتقسيط علي 30 عاماً.. ويستفيد من هذا القرض الشركات العاملة في مجال إدارة المخلفات الصلبة بالمحافظات المذكورة ابتداء من عمليات جمع القمامة والفرز والتدوير وحتي الدفن الآمن. وأضاف وزير البيئة أن مصر من خلال هذه المنظومة تبدأ الخطوات الآمنة للتعامل مع المخلفات الصلبة لافتاً إلي أن دول العالم المتقدم نجحت في تحقيق خطوات واسعة حيث يتم التعامل مع الجيل السادس من تكنولوجيا إدارة المخلفات بينما في مصر تبدأ حالياً في تطبيق تكنولوجيا الجيل الأول والثاني ونأمل خلال العامين القادمين الوصول إلي تطبيق الجيل الرابع من تكنولوجيا إدارة المخلفات. جدية المستثمر ** كيف نضمن جدية المستثمر خاصة أن المحافظات تقدم الأراضي التي يقام عليها المشروع مجاناً وهناك قروض وتيسيرات عديدة؟ * درسنا هذه الإشكالية وتم تشكيل مجموعات عمل داخل البرنامج من الخبراء المصريين في هذا المجال لوضع السياسات والخطط والأفكار لبرنامج تنفيذي تبحث المقومات في كل محافظة علي حدة.. كما تم وضع الإطار القانوني والاقتصادي لمثل هذه المشروعات كما تتعاون وزارتا البيئة والتنمية المحلية في وضع المعايير والاشتراطات الخاصة بمشروعات إعادة التدوير طبقاً لطبيعة وظروف كل محافظة ونوعية وحجم المخلفات الموجودة يومياً علاوة علي حرية اختيار التكنولوجيا المستخدمة وكذلك اختيار نوعية التدوير فقد تكون تدوير مخلفات زراعية أو قمامة لإنتاج طاقة أو سماد عضوي أو أي منتجات أخري طبقاً لنوع المخلفات.