عندما نشرت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعميماً لمزودي خدمات الانترنت في الولاياتالمتحدة بقائمة سرية لعناوين أجهزة الكمبيوتر المرتبطة بإحدي مجموعات القرصنة التي سرقت أسرار صحف وشركات ووكالات حكومية أمريكية. فإنها لم تتضمن حقيقة واحدة حاسمة هي أن مصدر غالبية هجمات القرصنة أحد أحياء شنجهاي. حيث يقع مقر قيادة وحدة سرية تابعة للجيش الشعبي الصيني. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن هذا الاغفال المتعمد يبرز تزايد الحساسية داخل إدارة أوباما حول مدي مواجهة القيادة الصينية الجديدة بشكل مباشر بشأن قضية القرصنة. كانت شركة "مانديانت" الأمريكية للحماية الإلكترونية كشفت عن أدلة علي تورط الوحدة التابعة للجيش الصيني في سرقة كميات كبيرة من البيانات من مؤسسات أمريكية مما دفع الإدارة الأمريكية إلي نقل وسائل إلي الصين بضرورة وقف هجمات التجسس الالكترونية علي مؤسساتها .. وبحسب التقرير. تفاوتت المعلومات المسروقة من تفاصيل عن عمليات اندماج واستحواذ إلي رسائل بريد الكتروني تخص موظفين كبارا وضمت قائمة الضحايا شركة أبل للكمبيوتر والبرمجيات وشركتي "فيسبوك" و"تويتر" وصحيفة نيويورك تايمز. في المقابل ردت وزارة الدفاع الصينية بأن موقعين رئيسيين. احدهما تابع للجيش والآخر تابع لها. تعرض لنحو 144 ألف هجوم الكتروني في الشهر. خلال العام الماضي. وأن ثلثي هذه الهجمات جاء من الولاياتالمتحدة وقال المتحدث باسم الوزارة إن بكين لديها تقارير عن اعتزام الولاياتالمتحدة توسيع قدراتها في الحرب الإلكترونية. محذراً من أن هذه الخطوة ستنعكس سلباً علي التعاون الدولي المتزايد لمحاربة الهجمات الإلكترونية. تقول الصحيفة الأمريكية إن هذه المسألة تبرز مدي اختلاف الحرب الالكترونية الباردة المتفاقمة بين أكبر اقتصاديين في العالم. عن الصراعات الأخري المعروفة بين القوي العظمي خلال العقود الماضية. في أن هذه الحرب تبدو أحياناً أقل خطورة وفي أوقات اخري أكثر تعقيداً وضرراً علي العلاقات الأمريكية الصينية. أوضحت أن هجمات الجيش الصيني لها أهداف تجارية. مضيفة أن الجيش لديه مصلحة في الوصول إلي الأسرار التجارية مثل تصميمات علم القضاء. والخطط الخاصة بأسرار صناعة الرياح والطاقة. وتشير الصحيفة إلي سبب آخر لتزايد هذه الهجمات الالكترونية وهو ضعف الرادع بخلاف ما كانت عليه الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة. فشن أي هجوم سيقابله هجوم مدمر ذو ثمن بشري باهظ .. ولكن الغالبية العظمي للهجمات الالكترونية تتخذ شكل السرقة الجنائية. وليس دمارا كالذي تحدثه الهجمات بالاسلحة التقليدية فغالبا يأخذ الأمر أسابيع أو أشهراً لتحديد مصدر هذه الهجمات نظراً لأن التسلل الالكتروني بطبيعته ظاهرة عابرة للحدود ومخادعة ويتم توجيهها عبر أنظمة كمبيوتر في مكان آخر لاخفاء مصدرها. وتفسر صحيفة "نيويورك تايمز" أسباب الصمت الأمريكي عن اتهام الصين مباشرة بالوقوف وراء الهجمات الالكترونية أن أوباما تجنب ذكر الصين بالاسم أو روسيا أو إيران. الدولتين الاخريين التي أعرب أوباما عن قلقهما بشأنهما في خطابه الأخير عن حالة الاتحاد عندما قال إن هناك دولا وشركات أجنبية تسرق أسرار المؤسسات الأمريكية .. وزاد أوباما أن أعداء الولاياتالمتحدة يسعون أيضاً لتخريب شبكة الكهرباء والمؤسسات المالية ونظم مراقبة الحركة الجوية الخاصة بالولاياتالمتحدة .. تقول الصحيفة إن وصف الصين بالعدو ليس بالمهمة السهلة. لأن الصين ليست عدواً صريحاً للولايات المتحدة. علي نفس النحو الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي السابق فالصين منافس اقتصادي لكنها في نفس الوقت مستهلك ومورد هام .. حيث بلغ حجم تبادل السلع بين البلدين 425 مليار دولار الشهر الماضي. كما أن الصين لاتزال. علي الرغم من التوترات الدبلوماسية. ممولاً مهما للدين الأمريكي. وتشير الصحيفة إلي أن مسئولي الإدارة الأمريكية أكدوا أنهم لا يرفضون ما جاء في تقرير شركة "مانديانت" لكنهم لا يريدون التصريح بذلك علناً .. وحول السبب. يقول مسئول في المخابرات الأمريكية إن هناك أوامر مفادها أن احراج الصين مباشرة سيكون له آثار عكسية.