الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي يزداد سوءا والأيام القادمة تحمل ما هو أسوأ ولا توجد علامات أية بشارة علي التفاؤل تلوح في الأفق.. والفقراء أكثر الفئات تضررا من هذه الحالة يدفعون ثمنا غاليا ويقدمون تضحيات لا تحتمل كانوا أكثر الناس أملا في تحسن حالهم بعد الثورة انتظروا قرارات ثورية تقيلهم من عثراتهم وتخفف من معاناة طالت أكثر من 40 عاما أهملهم السادات ومن بعده المخلوع انتزعا منهم مكاسب هائلة حققها لهم الزعيم الخالد جمال عبدالناصر. البسطاء ومن هم تحت خط الفقر عبروا عن غضبهم من حال البلد في صورة رفضهم النزول للتصويت في الاستفتاء علي الدستور ليس لأنهم ضده وليس لأنهم يعترضون علي بعض مواده وإنما لأن الدستور لا يعنيهم بالقدر الذي يشغلهم البحث عن لقمة عيش أصبحت عزيزة لا يجدونها إلا بالذل والهوان والاستجداء وبعد أن خسر كثيرون منهم مصدر رزقهم وبعد أن خرجوا في أكثر من مظاهرة ونظموا أكثرمن اعتصام ليحصلوا علي حقوقهم إلا أن أحدا من التيارات المتصارعة علي كرسي الحكم لم ينصت إليهم. في الأرياف والمدن الصغيرة والعشوائيات الحال مزر ومريع لم تفكر السلطة أو الأحزاب ذات الأكثرية أو الأقلية في زيارتها والاستماع إلي شكاوي سكانها وإعطائهم جرعة أمل في تحسين ظروفهم البائسة. الكل مشغول عنهم حتي ما يصدر عن الرئاسة أو الحكومة أو حزب الأغلبية أو أعضاء الشوري بعد إقرار الدستور ليس فيه مشروع قانون واحد يتعلق برفع مستوي معيشتهم بل تتركز في نواح سياسية لا علاقة لها بأحوالهم الاجتماعية ولا تعكس أحد أهم مظالب الثورة وهو العدل الاجتماعي.. إذن أين موقعهم في أجندة الاهتمامات؟ لم تصدر لهم قرارات ثورية تدخل البهجة والسعادة في قلوبهم الموجوعة في الفترة الانتقالية التي كانت تسمح باتخاذها ولا يبدو أن هناك اهتماما أو نية باتخاذ إجراءات عاجلة نحوهم بعد أن آلت الأمور واستقرت في جعبة التيار الحاكم. السؤال: إلي متي تنتظر تلك الفئات العريضة وإلي متي تتحمل الأوضاع السيئة التي تعيشها وتدفع فاتورة أخطاء وخطايا السلطة والسياسيين؟ لقد فاض بها الكيل وانتظارها لن يطول كانت في طليعة الثورة وقدمت الشهداء وانتظرت عاما واثنين ولكن هل تنتظر العام الثالث؟ أشك كثيرا ومن يريد أن يتأكد يذهب إليهم ويستمع إلي أناتهم ويشاهد علي الطبيعة مآسيهم ولا أظن أن بقدرة أحد وصف المشاهد بكلمات أو حتي بالكاميرا لأن ما يخفي فهو أعظم. إن تحذيرات البعض من اندلاع ثورة جياع إشارات حمراء حقيقية ليست بهدف التخويف أو الترويع أو للاستغلال السياسي أو للمناورات الحزبية إنها إنذارات تؤكد أن الانفجار الاجتماعي قادم إذا لم يتم اجتثاث أسبابه من الجذور وبشكل سريع.