في يوم مشهود سوف يسجله التاريخ علي صفحاته الناصعة يؤكد فيه ان الشعوب التي لها حضارات راسخة في عمق الزمن تستطيع في اللحظات الحاسمة من حياتها أن تتخذ قراراتها المصيرية بدافع من إرادتها الشعبية وبكل شفافية ونزاهة وبكبرياء شامخ يقف سدا منيعا ضد أي تدخلات خارجية أو ضغوط استعراضية من أي جهة مهما كان شأنها أو موقعها علي الخريطة العالمية.. ولنثبت للبشرية جمعاء ان شعب مصر هو المعلم الأول لكل شعوب الأرض منذ عهد الحضارة الفرعونية العظيمة.. فمصر تمر بلحظة فارقة في تاريخها.. فهي المرة الأولي منذ بدء التاريخ المصريون يختارون دستورهم بكامل حريتهم.. أمامنا فرصة حقيقية لأول مرة نختار وواجب علينا أن نعيش التجربة.. لقد اختلفت الآراء والمعايير والاتجاهات بين الأجيال للاستفتاء علي الدستور.. فالمهم الهدف واحد هو استقرار مصر.. ولقد سطر الشعب المصري ملحمة تاريخية بإقباله الكبير علي صناديق الاقتراع بصورة نموذجية يحتذي بها لم تحدث من قبل في التاريخ المصري الحديث.. فالإنسان المصري أثبت نضجه ووعيه البالغين في التعبير عن نفسه بإدراكه لمصلحته ومصالح الوطن فلأول مرة يشعر بقيمة صوته وهذه هي الديمقراطية التي سينعم بثمارها أبناؤه وأحفاده في المستقبل.. وشهداء ثورة يناير في العرس الديمقراطي الغائب الحاضر.. فالمرحلة الأولي للاستفتاء أبهرت العالم وفاقت كل التوقعات وخصوصا طوابير السيدات التي تؤكد انها صانعة الأجيال.. فالمصريون يحتكمون لضمائرهم في اختيارهم لدستورهم الذي يعمل علي تحقيق الوحدة الوطنية والمواطنة وينهض بمصر اقتصاديا وصحيا وعلميا واجتماعيا ودوليا.. وعلي الرغم من كل هذه الاشادات بالاستفتاء علي الدستور إلا انه مازال الجهل والفقر والأمية يسيطرون علي نسبة كبيرة من مصير الأجيال القادمة.. وأنا بدوري أقول "من لا يملك قوت يومه لا يملك حريته".. فهذه هي الحقيقة التي لا يجب ألا ينكرها أحد.. ومن العجيب ان مصر دائما سباقة في كل شيء فالمصريون صناع الدهشة فهي المرة الأولي في تاريخهم يستفتون علي دستورهم.. ونحن اليوم أمام مفترق الطرق الذي يحدد لنا الاتجاه الأصوب للتحول الديمقراطي الصحيح والذي سيمهد لشعبنا الحياة الكريمة والرخاء والعدالة والتقدم..ولهذا فمن المحتم علينا أن تكون نظرتنا إلي الأمور نظرة وطنية. ومن أهم مميزات المرحلة الأولي للاستفتاء الدستوري هو وضوح الدور القوي المؤثر الذي قامت به المرأة المصرية كعادتها دائما في كل المواقف التاريخية من حياة الوطن.. فنحن شعب واحد ومن نسيج واحد وهدفنا مشترك وهو نماء بلادنا واستقرار وطننا بإذن الله. والأهم من كل هذا أن ندرك أهمية التعامل بوعي كامل لكل الاحتمالات بالنسبة لنتيجة الاستفتاء وألا يشغلنا إلا استقرار بلادنا وإتاحة الفرصة أمام المخلصين لتحقيق أهدافهم الوطنية التي تضع مصرنا الحبيبة في المكانة التي تستحقها من تقدم ورقي ورخاء نحو مستقبل باهر ومشرق يتمناه كل فرد في المجتمع.