مازال الأدب العالمي ملهماً للسينما مهما تطور ذلك الفن الجماهيري. الذي يدهشنا كل عام سواء بالاختراعات الحديثة أو بإعادة تقديم الروايات العالمية مرة أخري علي الشاشة بتقنية جديدة. وهذا ما فعله المخرج البريطاني جو رايت عندما قدم رواية الأديب الروسي الكبير ليوتولستوي "أنا كارنينا" علي شاشة السينما هذا الشهر. وهو الشهر الأخير في العام والذي يحق للأفلام التي تعرض خلاله اللحاق بالترشح لجوائز الأوسكار. "أنا كارنينا" قدمتها السينما المصرية عام 1960 بعنوان "نهر الحب" بطولة عمر الشريف وفاتن حمامة وزكي رستم والقصة معروفة عن الزوجة والأم التي تقع في حب شاب وسيم وتضحي بالكثير من أجل هذا الحب ولكن الموت يكون بانتظارها في النهاية سواء بالانتحار في الرواية الأصلية أو بغير ذلك في أفلام السينما في العديد من بلدان العالم. أراد تولستوي في تلك الرواية ان يجعل المرأة تختار بين العاطفة والواجب وهي لحظة اختيار رهيبة للمرأة تختلف من مجتمع إلي آخر. تدور أحداث الفيلم في سان بطرسبيرج عام .1874 المخرج جو رايت أراد هو الآخر أن يضع بصمته الإخراجية علي رواية تولستوي وحاول استخدام بعض الخدع التصويرية والكمبيوتر جرافيك ليجعل من الفيلم صورة متحركة تنطلق بكامل الحرية بين الأماكن والأزمنة. لم تعد وحدة الزمان والمكان تتحكم في رؤية المخرج الذي تمتع بحرية كبيرة في الحركة. في مشهدواحد نجد الأبطال يتحركون من مكان إلي آخر بمنتهي السلاسة لدرجة أن جو رايت قدم سباق الخيل علي خشبة المسرح. والتي اعتاد طوال الفيلم أن يستخدمها في الأحداث. هل لأن كاتب السيناريو توم ستوبارد قادم من المسرح إلي السينما أم رغبة جامحة من المخرج لكسر الايهام الفني والدخول والخروج من أحداث الرواية إلي المسرح ثم القطار والسفينة والقرية! وكما هي الرواية فإن تولستوي لا يعطي القارئ فرصة للتعاطف مع الشخصيات أو النفور منهم. كذلك فعل المخرج جو رايت. أنت أحيانا تبحث عن الأعذار لأنا وزوجها. لكن تقاليد المجتمع صارمة ولا تنسي أبداً السقطات الأخلاقية ليس للمرأة فقط بل لزوجها أيضا حيث يحصل الزوج علي 4 أصوات عند ترشحه لرئاسة البرلمان الروسي لعلم الجميع بما فعلته زوجته عندما تركت بيت الزوجية وهربت مع عشيقها. يبدو أن كيرا نايتلي اعتادت علي اجادة أداء الأدوار التاريخية في القرن التاسع عشر وما قبله وكذلك أجاد جود لو في دور الزوج وأرون جونسون في دور العشيق بالاضافة إلي نجاح كيلي ماكرونالر في دور المرأة التي فعلت عكس كارنينا وداست الحب بقدميها وانتصرت للقيم الأخلاقية والأسرة.