تصدر إيرادات السينما هذا العام فيلمان يجسدان حالة حافة الهاوية تلك التي يقف عليها العالم الآن وكلاهما بمتعة تقنية الآيماكس التي لا تقارن والتي يتمسك بها بعض اكبر صانعي السينما وبهذين الفيلمين رفيعي القيمة دشنت اول قاعة آيماكس في مصر ربما كجائزة جميلة لما كان في الأصل حلما لم يكتمل للسيدة جيهان السادات. في صحوة فارس الظلام يقدم كريس نولان من خلال شخصية باتمان ومدينة جوثام تحليلا مذهلا لما يكاد يطابق حالة الخراب الشامل الذي أدي لحرق مدن عظيمة كلندن واثينا وبلاد الربيع العربي والخطة واحدة عبر التاريخ عصابة تتصنع الطهر والعفاف تبيع الوهم الكبير مصحوبا بسيل أكاذيب يشيطن الشرفاء والمجتهدين والثمن فوضي وجوع عارمين تتكبدها الشعوب الضحية. هناك كتب وتحقيقات معتبرة تقول ان الطرف العميق وراء كل موجة الخراب العظمي هذه بدءا من الازمة المالية العالمية نفسها ليس تلك الحركات اليسارية والاسلامية والاناركية وليس قطر وايران وليس حتي اليسار الاميركي في البيت الابيض منذ 2009 انما خلفهم محركتهم جميعا الصين. هنا يدخل فيلم جيمس بوند الجديد السقوط من السماء من اخراج سام مينديز. الصين حققت كل هذا النفوذ علي المسرح العالمي من خلال الفائض المالي الهائل الذي أصبح تحت يد الحزب الشيوعي الحاكم هذا عبر استعباد بلايين البشر بأبخس الاجور أو بلا أجر اطلاقا .لا يقف الفيلم عند مجرد فتاة عانت تلك العبودية حرفيا فتعلقت باهداب الخلاص مع ذلك العميل البريطاني ودفعت حياتها ثمنا لهذا انما يذهب لما هو اخطر واشد فاعلية بكثير انهم عملاء الصين داخل الغرب نفسه. سيلفا "خافيير بارديم" عميل من أصل لاتيني حول ولاءه للصين والان يستطيع تفجير مقر الاستخبارات في قلب لندن ويجهز لموجة دمار هائلة بفضل ما لديه من معلومات وخبرات وتمويل .حيث سمحت له الحكومة الصينية بطرد سكان احدي الجزر وامتلاكها بما عليها ولمحاولة قهر هذا الخطر الرهيب لا يجد بوند "دانييل كريج في أداء استاذي" ومؤسسته بدا من الرجوع للقيم والاسلحة القديمة المهجورة التي تحدد بوضوح الخير من الشر وتحارب بحسم هذا الاخير. مساحة الاكشن علي قوتها محدودة نسبيا لحساب العمق السياسي والتاريخي شبه الفلسفي العجيب. ان اضخم مشهد يأتي قبل العناوين هو يدور في اسطانبول "حيث يدور بالكامل فيلم آخر يعرض بالتزامن "اختطاف" للنجم ليام نييسن والتلميح دائما للخطر الإسلامي". اعتدنا تصنيف افلام العميل السري 007 كافلام مغامرات لانها غالبا اقرب لنزهة مرحة لقهر الشر.. هذا الفيلم هو أشد الافلام السلسلة قتامة وغضبا لان العدو خطير "تقريبا نصف العالم" ولا يقاتل بشرف "مبهم أو شبحي بتعبير رئيسة الاستخبارات" ولان الحضارة مفككة من الداخل بسبب الديمقراطية عند نقطة ما يضطر سرا وزير الاستخبارات نفسه لكسر كل القوانين بل ايضا لان الثمن المطلوب "باهظ" منه مصرع إحدي الشخصيات المحورية المحبوبة في نهاية الفيلم و أقله تدمير سيارة كانت جزءاً رمزيا كبيرا من تاريخ بوند. .. فقط الخبر الجيد اننا لو سايرنا نبوءات السينما حتي النهاية فان الخير سوف ينتصر في خاتمة المطاف.. أو لعل النهايات السعيدة ليست مجرد بدعة سينمائية إنما قد تكون بالفعل أحد قوانين الطبيعة.