أرجو أن نتحرر في علاقتنا مع تركيا من القيود التي كانت تكبلنا زمن الرئيس السابق حسني مبارك.. عندما كانت ترتبط أسرته بعلاقات وثيقة مع كل من اليونان وقبرص اليونانية.. اللتين يغضبهما أن تكون العلاقات المصرية التركية وثيقة. بسبب المشاكل العالقة بينهما وبين تركيا. وعلي رأسها المشكلة القبرصية.. - كانت اليونان تعرف قوة تأثير السيدة سوزان مبارك في كل مناحي الحياة في مصر. ومنها السياسة الخارجية.. فأغدقت عليها الهدايا والجوائز والتبرعات المالية.. حتي أنها قدمت اليها في إحدي السنوات الأخيرة مبلغ مليون دولار دفعة واحدة لدعم أنشطتها الخيرية.. كما أخذت تنظم لها الندوات في أثينا وتدعوها لإلقاء المحاضرات علي اليونانيين.. - قبرص اليونانية ركزت علي الأبناء: جمال وعلاء.. فأخذت تستثمر أموالهما في البورصة والبنوك لديها.. وكانت من أفضل دول العالم للاستثمار بالنسبة للأخوين. لأن القانون في قبرص اليونانية يحظر علي البنوك الإفصاح عن الحسابات السرية للأشخاص مهما كانت الظروف والأسباب. ويضع قيودا مشددة علي ذلك.. *** - من أجل حماية مصالح أسرة الرئيس السابق مع اليونان وقبرص اليونانية.. تعاملنا مع تركيا بفتور في عدد من القضايا لإرضاء الدولتين.. - من هذه القضايا علي سبيل المثال: القضية القبرصية.. حيث اتخذنا فيها موقفا منحازا الي الجانب اليوناني. الي درجة التطابق التام بين مواقف كل من مصر واليونان وقبرص اليونانية في هذه القضية.. صحيح أن الأممالمتحدة أصدرت قرارا في نوفمبر عام 1983 بعدم الاعتراف باستقلال الجانب التركي من جزيرة قبرص.. إلا أن الأممالمتحدة نفسها عادت وأصدرت قرارا في يوليو عام 1997 بالموافقة علي قيام دولتين في الجزيرة يضمهما اتحاد فيدرالي.. لكن اليونان وقبرص اليونانية رفضتا القرار. كما رفضتا أيضا خطة كوفي عنان لحل المشكلة التي طرحت للاستفتاء في شطري الجزيرة يوم 24 أبريل عام 2004. فوافق عليها القبارصة الأتراك بنسبة 65%. بينما رفضها القبارصة اليونانيون بنسبة 76%.. ولما كانت هذه الخطة تعبر عن موقف الاممالمتحدة وإرادة المجتمع الدولي.. فقد بدأت دول كثيرة بالعالم في إلغاء العزلة السياسية ورفع الحصار الاقتصادي الذي كانت تشارك في فرضه علي قبرص التركية بموجب القرار الصادر في نوفمبر ..1983 من هذه الدول الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبعض دول الاتحاد الأوروبي. وبعض الدول العربية والإسلامية.. حيث افتتحت هذه الدول مكاتب تمثيل دبلوماسي وتجاري بها لجمهورية قبرص التركية الشمالية. واعترفت بجواز سفرها. وتبادلت معها زيارات الوفود الرسمية علي أعلي مستوي.. هكذا بدأت دول العالم في فتح قنوات الاتصال الدبلوماسي والتعاون التجاري مع قبرص التركية.. إلا مصر!.. مازالت حتي الآن تغلق أبوابها في وجه القبارصة الأتراك.. ترفض استقبالهم.. ولا تعترف بجوازات سفرهم.. وتشارك في الحصار التجاري والاقتصادي والبحري والجوي والعزلة السياسية المفروضة علي دولتهم.. وكأن حسني مبارك مازال في السلطة. والحكومة المصرية مازالت ترعي مصالح أسرته في اليونان وقبرص اليونانية..!! - أليس غريبا أن تكون أبواب مصر مفتوحة لاستقبال الإسرائيليين.. ومغلقة في وجه القبارصة الأتراك..؟!! - أليس غريبا ألا نسمح لأبناء القبارصة الأتراك بالدراسة في الأزهر الشريف.. وهم شعب مسلم..؟ - لماذا لا يقوم د. علي جمعة مفتي الديار المصرية بزيارة قبرص التركية.. كما سبق أن زار القدس..؟ - لماذا لا نرسل وفدا من مشايخ الأزهر الشريف الي قبرص التركية المسلمة لزيارتها وإلقاء الدروس الدينية في مساجدها.. أليست مصر دولة رائدة في العالم الإسلامي. وعليها دور يجب أن تؤديه..؟ *** لقد اخترت القضية القبرصية كمثال لأحد الملفات الهامة في العلاقات المصرية التركية. التي تستحق أن تفتح ويعاد النظر فيها علي ضوء المصلحة المصرية. وتمشيا مع الموقف الدولي الذي أخذ في التحول باتجاه الاعتراف بدولة قبرص التركية.. - فإذا كانت كل من باكستان وأذربيجان والكويت والإمارات العربية المتحدة وعمان والولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا. وعشرات الدول الأخري في كافة أنحاء العالم قد افتتحت مكاتب تمثيل بها لقبرص التركية... فلماذا تصر مصر حتي الآن علي عدم افتتاح مكتب تمثيل لقبرص التركية..؟ - إنني أطالب رئيس الجمهورية د. محمد مرسي بأن يعلن عن افتتاح مكتب تمثيل لقبرص التركية في القاهرة.. خلال الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الي مصر السبت القادم.. - يجب أن نفتح أرضنا وبلادنا لأخوتنا الأتراك وللقبارصة الأتراك.. لأن مصلحة مصر مع تركيا الصاعدة وليست مع اليونان التي تواجه شبح الإفلاس.. ولا مع قبرص اليونانية التي أوشكت علي الإفلاس. وذهبت للاقتراض من البنك المركزي الأوروبي باعتبارها عضوا في الاتحاد الأوروبي. ففرض عليها خطة تقشف قاسية.. لا أحد يعلم إذا كانت ستستطيع الالتزام بها أم لا..؟!! - مصلحتنا مع من؟.. مع المفلسين الذين يبحثون عن أحد يقرضهم؟.. أم مع أخوتنا الأتراك الذين لم يتخلوا عنا وقت الشدة. ولم يسحبوا استثماراتهم من مصر في فترة الفوضي والانفلات التي أعقبت ثورة 25يناير. بل أضافوا اليها المزيد حتي بلغ عدد المشروعات التركية في مصر الآن أكثر من 300 مشروع يعمل بها نحو 50ألف عامل مصري. باستثمارات تصل الي 1500مليون دولار..! *** - لعل الدعم التركي المتواصل للاقتصاد المصري. وتبادل الزيارات بين القاهرة وأنقرة علي أعلي مستوي.. جعل اليونانيين يشعرون بالقلق. فجاء الي القاهرة يوم 18 أكتوبر الماضي الرئيس اليوناني كارلوس بابوليوس ليذكرنا بأن الاستثمارات اليونانية في مصر 145 مشروعا بقيمة 1500 مليون يورو. وقال في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس مرسي إنه اتفق مع الرئيس مرسي علي زيادة حجم الاستثمارات اليونانية في مصر الي 5 أضعاف حجمها الحالي..!!!! - السؤال هو: من أين؟.. إذا كانت خزائن الدولة اليونانية فارغة تماما.. ولكي تحصل اليونان علي دفعة جديدة من القرض الأوروبي. اضطر البرلمان اليوناني يوم الأربعاء الماضي الي الموافقة علي حزمة تقشف جديدة لتوفير 16 مليار يورو خلال 4 سنوات كشرط لازم للحصول علي القرض الجديد.. هذا الشرط فرضه علي اليونان كل من صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي.. فكيف يعقل أن اليونان ستضاعف استثماراتها في مصر الي 5 أضعاف..؟ - في المقابل فإن الاقتصاد التركي أصبح يشغل المرتبة 17 بين أقوي اقتصاديات العالم. والمرتبة السادسة علي مستوي أوروبا.. وحجم احتياطي تركيا من النقد الأجنبي وصل الي 105 مليارات دولار.. كما أصبحت تركيا تحقق الآن أعلي معدل نمو اقتصادي في العالم بعد الصين.. - ألا يستحق ذلك منا أن نوثق علاقتنا مع تركيا. وأن نعيد النظر في بعض مواقفنا السياسية التي تغضب الأتراك. مثل موقفنا من القضية القبرصية.. أم أن مصلحة أسرة مبارك ستظل فوق مصلحة مصر..؟!