ما أغنى هذا البلد بأهراماته فمخطيء من يظن اننا نملك 3 اهرامات من حجر فقط ..فهناك الالاف من الاهرامات الاخرى من لحم ودم وموهبة. امس فقدت مصر هرما عظيما اخر... رحل نور الشريف... رجل اثر في حياة الملايين. لا تكاد تمر لحظة إلا وتذكر له مشهدا او لقطة.. فمن ينسى دور المحقق في فيلم "سونيا والمجنون" الذي كان دورا ثانيا اختاره بإرادته على الرغم من ترشيحه لدور البطولة لكنه ابدع فيه ليعطي درسا ان الفنان لا يملك الا ان يبدع اولا والبطولة تأتي ثانيا. او دوره في مسلسل "عمر بن عبد العزيز" الذي اتقنه لدرجة اني كلما تذكرت مشهد اللحظات الاخيرة ابكي، حيث انك في 30 حلقة رأيته شابا وأقنعك ،ورأيته تقيا وأقنعك،ورأيته حازما وأقنعك، ورأيته خاشعا فبكيت معه من خشية الله. الحاج متولي مثل اعلى وحلم لكل رجل يتمنى ان يصبح مثله لما فيه من مكر وذكاء وسياسة وحزم. اتقن الدور لدرجة ارتفاع نسبة الزواج الثاني في مصر هذه السنة. عبدالغفور البرعي مثال للطموح المقاتل في سبيل النجاح، فيلم "الصرخة" رمز من رموز السينما المصرية... ابداع تمثيلي صرف... مجهود عقلي وبدني ونفسي غير عادي. مشهد النهاية ممكن ان تصنفه كثورة او كتحذير لكل ظالم ان كان افرادا او حكومات بان صرخة الاخرس هي انتقام و كارثة فتجنبوها. "حبيبي دائما" جوهرة الرومانسيه في تاج السينما المصرية الانفتاح عرضه لنا في اكثر من صورة مبدعة في" زمن حاتم زهران" العملي الوصولي و "سواق الاتوبيس" المواطن المطحون في زمن الانفتاح والنوري الشريف قانونا والفاسد عمليا في فيلم "اهل القمة". كوميديا "غريب في بيتي" و حكمة "الزمار" والمفرط في مبادئه في "شوارع من نار" و المتمسك بمبادئه في"اخر الرجال المحترمين" والمستهتر الذي يتحول لبطل في فيلم "القطار" والطيب الساذج لدرجة البله في "صراع الاحفاد" وعندما تحول قسوة الدنيا الجبان الى وحش في فيلم"اقوى الرجال" ، المتنور وحربه مع المتشددين في "المصير" "ناجي العلي" المناضل المغضوب عليه من الانظمه كلها.. الثوري بلا مظاهرات ..المقاتل بورقه وقلم رصاص . نور الشريف صاحب ضحكة مرحة ومميزة تجبرك على الابتسام معه ودمعة متأرجحة في عينه تدفع دموعك لتنسكب قبله. تاريخ السينما كله محفوظ في عقله وبضع قطرات منه سكبها في برنامج تليفزيوني يراه المتخصصون توثيقا حقيقيا لتطور الفن السينمائي من كل الاوجه اخراجا وتصويراوديكورا وتمثيلا..الخ . على الرغم من ان دراسته الاساسية فنون مسرحية الا ان العدد ليس كثيرا على الرغم من عظمة القيمة فمن ينسى "يا غوله عينك حمرا" و" يا مسافر وحدك". ان استطعت ان تلخص الفن كاملا في مقالة حينها يمكن تلخيص نور الشريف. هرم اخر سقط يا بلدي