الفن والواقع لا ينفصلان أبداً، فالأعمال السينمائية والدرامية ما هى إلا انعكاس لحياتنا اليومية بحلوها ومرها، فالقضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية وغيرها ليست أبداً بمنأى عن الفن، ولا سيما أن الكثير من الفنانين يحملون على عاتقهم هموم الوطن، فبعضهم وقف فى الميادين خلال ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والبعض الآخر غنى أجمل الأغنيات الوطنية لمصر التى أشعلت حماس الملايين ودفعهم لاستكمال المشاركة السياسية، وغيرهم عبّروا فى أعمالهم السينمائية عن الكثير من قضايا المجتمع، ليؤكدوا أن دورهم لم يقتصر على أغنية أو عمل سينمائى، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك لينطلقوا فى سباق الانتخابات البرلمانية، واضعين خططاً ترمى إلى التنمية والإصلاح والنظرة المستقبلية إلى الحال الأفضل لبلادهم. يأتى على رأس هؤلاء الفنانين، المخرج المتميز خالد يوسف الذى كشف عن نيته خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة عن دائرة كفر شكر بمحافظة القليوبية "مسقط رأسه"، ملبياً دعوة أهل بلده، وقد أعرب يوسف عن سعيه من خلال تلك الخطوة إلى الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير، ونقل هموم أهل " كفر شكر" إلى المسئولين، وتقديم خدمات اجتماعية وصحية وثقافية لسكان المنطقة، مؤكداً أن السينما هى عشقه الأول، وسيبذل كل ما لديه لإصدار تشريعات تعيد السينما إلى مجدها. أما الفنانة هند عاكف فقد أنهت إجراءات الكشف الطبي وتقدمت بأوراق ترشحها لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بشكل مستقل عن دائرة الخليفة، وقالت إن برنامجها الانتخابى يهدف إلى الدفاع عن قضايا مصر القومية، ومراقبة أداء الحكومة، وتقديم استجوابات ضد الوزراء المقصرين، كما تعتزم عاكف خدمة أبناء دائرتها والرقى بمستواهم، وستقف وقفة جادة لحل مشاكل سكان المقابر الذين لا يجدون ملاذاً غير مجاورة الموتى!! ولم تنس عاكف قضايا التعليم التى حرصت أن تكون على رأس أولوياتها حال فوزها فى انتخابات البرلمان. ولم يتردد الفنان حمدى الوزير، في خوض سباق الانتخابات البرلمانية، بعد أن طالبه محبوه بتمثيل دائرة "المناخ" ببورسعيد "مسقط رأسه"، حيث رأى الوزير أن مشاكل أهل دائرة المناخ متعددة، وتعانى الإهمال من قبل المسئولين، وأهلها فى حكم "المنسيين"، ولذلك ناشده أهلها ببورسعيد ترشيح نفسه وتوصيل أصواتهم للمسئولين بالدولة، فعقد الوزير العزم على تقديم أوراق ترشحه للانتخابات بعد تفكير عميق، ساعياً لتحقيق أحلام أهل بلده. فى الوقت ذاته أعلنت الفنانة الاستعراضية سما المصرى خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على المقعد الفردى مستقل عن دائرة الأزبكية، وأطلقت فيديو كليب خلال سفرها مؤخراً إلى هولندا تحت عنوان "البرلمان" لتؤكد جدية الخطوة التى ترمى إلى خدمة المرأة، ومساعدتها فى نيل حقوقها وإصدار تشريعات تخدم قضاياها، مؤكدة على دور المرأة فى الحياة السياسية، بعد أن أثبتت قدراتها على الصمود فى وجه الإخوان إبان ثورة 30 يونيو. وكانت الفنانة تيسير فهمى قد أعلنت عقب ثورة 25 يناير ترشحها للانتخابات باسم حزبها "المساواة والتنمية" عن دائرة قصر النيل، داعية إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم الفنى، ودعم الشباب وخلق روح الاستثمار لديه، وتحقيق المساواة بكافة أنواعها فى كافة الحقوق دون تمييز، وكان من المرجح أن تقدم أوراقها للترشح للمرة الثانية، بعد أن لوحظ وجود صورها على ملصقات دعاية لحزب "تيار الاستقلال" بجانب مؤسسيه، إلا أن هناك بعض الأنباء التي تواردت مؤخراً عن عدم ترشحها. ويبدو أن السياسة تجرى فى عروق "إسلام خليل" مؤلف أغنيات شعبان عبد الرحيم بدءاً من "أنا بكره إسرائيل" حتى أغنية "عايزين يقتلونى" التى رد بها شعبولا على تهديدات داعش له بالقتل، وانتهى خليل مؤخراً من إجراءات الكشف الطبي، وأصر على دخول الحياة النيابية ممثلاً عن دائرة منشأة القناطر "مستقل"، وذلك من أجل تحقيق أحلام البسطاء والفقراء من أهل منطقته الذين يعتز بهم كثيراً ويثق فى حبهم له، وأعرب خليل عن أمله فى دخول وجوه جديدة إلى معترك الحياة النيابية، رافضاً رموز العهد البائد من "فلول الحزب الوطنى" أو "جماعة الإخوان المسلمين"، مؤكداً على سعيه إلى تمرير قانون يساعد الفن حتى لا يتم حظر أى عمل فنى إلا إذا كان يدمر عقل وفكر المشاهد، أما العمل الفنى الذى يستحق عرضه فسيقف بشدة فى سبيل خروجه للنور. يذكر أن الفنان إسلام خليل قد كتب مؤخراً كلمات أغنية "البرلمان" لشعبان عبد الرحيم، التى نصح خلالها جموع الشعب المصري باختيار المرشح المناسب، لأن اختياره سيحدد مصير هذا البلد، ويعتبر خليل من المؤلفين الحريصين على تقديم كلمات تتناسب مع متغيرات الأحداث والظروف بالبلاد بطابع شعبى يكاد يكون السهل الممتنع. أما المطرب ومؤلف الأغانى مصطفى كامل، نقيب المهن الموسيقية، فقد تقدم بأوراق ترشحه للبرلمان على قوائم حزب "المصريين الأحرار" عن دائرة مصر القديمة، "فئات"، مؤكداً عزمه على خدمة أهل مصر القديمة حال فوزه، والمساهمة فى إصدار تشريعات خاصة بالغناء تخدم الأغنية المصرية والمطربين. وقدّم كامل فى بنود برنامجه الانتخابى عدة نقاط أهمها "التأمين الصحي على الموسيقيين، تلك المشكلة واجهته داخل النقابة، وتوفير دخل للموسيقيين يضمن لهم حياة كريمة، وزيادة معاشهم، والعمل على وجود نادٍ للموسيقيين فى كل محافظة من محافظات مصر". يذكر أن مصطفى كامل قد كتب أوبريت تسلم الأيادى الذى أحدث ضجة واسعة، وانتشاراً كبيراً فى مصر والعالم العربى بعد انتهاء حكم جماعة الإخوان لمصر وعزل محمد مرسى عام 2013. جدير بالذكر أن خوض الفنانين للحياة النيابية ليس بجديد، فقد كان الفنان الراحل محمود المليجى ضمن أعضاء مجلس الشورى، وكذلك موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، والنجمة القديرة أمينة رزق والفنانة مديحة يسرى، وكانت المطربة فايدة كامل حرم وزير الداخلية الأسبق نبوي إسماعيل عضواً فى مجلس الشعب فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، كما كان الفنان القدير حمدى أحمد نائباً فى البرلمان عام 1979.