أجمل ما في الكون أن يكون للمرء صديق عزيز يعتبره في منزلة الأخ الذي لم تلده أمه، ويبوح له بكل ما لا يستطيع قوله لأفراد أسرته من أراء وانتقادات وأسرار ومشاعر. هل لديك مثل هذه الصديقة وتعتزين بها كثيرا؟ لكن ماذا لو اكتشفت في وقت ما أن أعز صديقاتك تخفي عنك أمرا؟ هل ستصابين بصدمة وتعتقدين أن صديقتك الأقرب إلى نفسك لا تثق بك بما يكفي لذلك تخفي عنك أسرارها؟ والأهم من ذلك هل ستتغير نظرتك إلى صديقتك بعد معرفتك بذلك السر؟ لقد أصبحنا في عالم لا يمكن إخفاء شيء فيه، ففي النهاية ستصلك الأخبار من هنا أو هناك، وتعرفي عن صديقتك أمرا لم تصارحك أبدا به، وأبقته خافيا عليك إلى أن سمعتِ به من مصادر أخرى بعيدا عنها. لكن قبل أن تتسرعي وتتهمي صديقتك بخيانة الثقة وبعدم الثقة بك، حاولي الاحتفاظ بهدوئك قليلا وتحلي بالصبر في تعاملك مع صديقتك، وحاولي ألا تأخذي الأمر على محمل شخصي. فربما تكون هناك مجموعة من الأسباب خلف صمت صديقتك وعدم مبادرتها بإخبارك بسرها. ومن هذه الأسباب المحتملة: - ربما يكون الكلام الذي تناقله النمامون ووصل إليك ليس صحيحا على الإطلاق، وهذا يعني أنه ليس هناك سر أصلا لدى صديقتك كي تخفيه عنك أو تخبرك به. - وإذا كان ما سمعتِ صحيحا، فربما شعور صديقتك بالحرج هو ما دفعها إلى عدم إشراكك في سرها، وخاصة إذا كانت تظن أن لا أحد سواها يعرف السر، ولا تدرك أن الموضوع قد أصبح مادة تتناقلها الألسن - الاحتمال الأخير هو أن تكون ثقة صديقتك بك ليست قوية بما يكفي وأنها تخوفت من البوح لك بسرها خشية ألا تحتفظي به وتخبري آخرين به. وبالطبع فإن إخفاء الأسرار بين الأصدقاء الحقيقيين قد يشكل نقطة مراجعة للعلاقة نفسها، وقد يؤدي مع الوقت إلى انهيارها تماما نظرا لاهتزاز الثقة بين الجانبين. وعلى العكس تماما مشاركة الأسرار بين الأصدقاء وعدم إخفاء كل منهم شيئا عن الآخر، يزيدهم اقترابا من بعضهم البعض. إذن عليك أن تبدئي في دراسة كل الاحتمالات السابق ذكرها، واحدا تلو الآخر بعناية، وإذا تأكد لك بما لا يدع مجالا للشك أن السبب الوحيد وراء إخفاء صديقتك لسرها عنك هو عدم ثقتها الكافية بك، إذن فعليك في هذه الحالة أيضا ألا تصبي غضبك على رأسها، بل ابدئي بمحاسبة نفسك أولا. انظري في ماضي علاقتك بصديقتك، وتذكري جيدا وواجهي نفسك: كم مرة خذلتها عندما كانت بحاجة إليك؟ هل تعرفين عن نفسك عدم القدرة على الاحتفاظ بسر، لأن دائما ما في قلبك يخرج على لسانك بمنتهى التلقائية وبدون تفكير؟ هل سبق وأفشيت سرها ولو بدون قصد للآخرين، فتسببتِ لها في مشكلة؟ إذا تأكدت أن صديقتك كانت لديها أسباب وجيهة تدفعها لعدم الثقة بك، وائتمانك على أسرارها، فعليك في هذه الحالة أن تفكري جديا في إعادة بناء الثقة مرة أخرى بينك وبين صديقتك التي تحبينها وتحبك، ولكن هذه المرة عليك أن تكوني عند حسن ظنها، وتثبتي لها أنك قد تعلمت من أخطائك، ولن تكرريها مرة أخرى. وبداية من هذه اللحظة، عليك أن تكوني مثالا للصديقة الحقيقية التي تؤتمن على أسرار أصدقائها، ولا تفشيها أبدا بقصد أو بدون قصد. لكن لو انفعلت بشكل سريع، دون أن تواجهي نفسك أولا بأخطائك، وقررت التشاجر مع صديقتك واتهامها بإهانة صداقتكما، والإصرار على الغضب منها بسبب إخفائها الأمر عنك، فتأكدي أنك بذلك ستخسرين صديقتك العزيزة إلى الأبد، وقد لا تُجدي أي جهود من جانبك فيما بعد لاستعادتها.