بعد النجاحات السابقة التي حققها الأديب المصري الشاب محمد صلاح العزب - في مؤلفات مثل المجموعة القصصية "لونه أزرق بطريقة محزنة"، ورواية "سرير الرجل الإيطالي" ورواية "سرداب طويل يجبرك سقفه على الانحناء"، وأخيرا رواية "وقوف متكرر" التي صدرت منها أكثر من طبعة حققت مبيعات كبيرة - عاد الكاتب الموهوب إلى الساحة الأدبية مؤخرا برواية جديدة هي "سيدي براني"، والتي صدرت عن دار الشروق. و"سيدي براني" كما نعلم هي مدينة مصرية تقع على الحدود بين مصر وليبيا. في هذه المدينة تدور أحداث هذه الرواية في إطار أقرب للواقعية السحرية التي تستدعي التراث الصوفي والحكي الشعبي من خلال شخصيات تحيا لكي تحكي عن حياتها، لكنها لا تعيشها. فالجد الذي يعيش 13 حياة مختلفة عبر أزمان وأماكن متغيرة يحكي حكايته لسمعان الذي يحكي بدوره حكايات لحفيده الذي لا يشهد إلا جانبا من حياة جده الأخيرة، فيحمل كل الحكايات إلى حياته الجديدة. وبينما التزم الكاتب في أحداث الرواية بأماكن حقيقية منها القاهرة وسيدي براني وباريس، تأتي الأحداث والأزمان متخيلة، ومن هنا يحدث المزج بين الحقيقة والخيال. وقد بدأ الكاتب محمد صلاح العزب العمل في هذه الرواية منذ عام 2003، لكنها لم تكن أبدا أول عمل ينشر له، فقد سبقتها الأعمال التي ذكرناها في بداية هذا المقال حيث اكتملت كتابتها وتم نشرها بالفعل، بينما المؤلف لم يكمل "سيدي براني" بعد، حيث ظل يعمل عليها ويطور فيها إلى أن خرجت بصورتها النهائية. وكان اسم هذه الرواية في الأصل "صلاة العزلة"، لكن المؤلف قام بتغيير الاسم إلى "سيدي براني". ونظرا لطول المدة التي استغرقها المؤلف في إعداد هذا العمل، فقد جاءت هذه الرواية بحجم كبير يعادل 3 أضعاف أي رواية من أعماله السابقة. كذلك اهتم المؤلف بالبناء الدرامي واللغوي للرواية، وقام بتطويره أكثر من مرة حتى يمكنه استيعاب الفترة الزمنية الممتدة والأماكن المختلفة التي تدور فيها أحداث هذا العمل الأدبي.