لقد كان طريق الحرير القديم سببا في الخير كما سببا أيضا في الشقاء لعالمنا الإسلامي والعربي، فهل سيسير طريق الحرير الجديد علي منوال الطريق القديم. إن مطلع الألفية الثالثة شهد الكثير من الحديث عن إحياء طريق الحرير القديم الذي كان يربط الحضارات القديمة في الصين والهند وبلاد فارس والشرق الأوسط وأوروبا قبل اثنين وعشرين قرنا من الزمان. وعزز هذه الفكرة تلك التغيرات التي طرأت في العقد الأخير من الألفية المنتهية وشهدت انهيار ما كان يسمى ب"الإتحاد السوفيتي" وكذا سقوط " سور برلين" وبالتالي انتهاء الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والإتحاد السوفيتي، وهو الأمر الذي دفع الصين إلي تبني مبادرة بإقامة جسر قاري أوروأسيوي جديد وجعلته في قمة أولوياتها بل ووضعت برنامجا قويا للإسراع بتنفيذ الجزء الخاص بها من هذا الجسر، وذكرت الصين في تدليلها علي جهودها في هذا الشأن أن هذا الطريق هو مدخل الصين إلي عصر اقتصاد الجسور البرية بعد أن تجاوزت عصر اقتصاد الأنهار وعصر اقتصاد الشواطئ. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل صدر تقرير عن مجلة EIR أعده ليندون وهيلجا لاروش للدفاع عن فكرة هذا الجسر باعتباره أعظم برامج الإصلاح الإقتصادي في العالم في القرن الواحد والعشرين وأن بإمكان هذا المشروع أن يعيد الحيوية والنشاط إلي الإقتصاد العالمي علي غرار ما قام به الرئيس الأمريكي روزفلت في أعقاب الكساد الكبير لاستعادة حيوية الاقتصاد الأمريكي. فهل يكون هذا المشروع هو طوق النجاة للعالم الذي يترنح من جراء أزمة اقتصادية عصفت بمعظم كبريات البنوك والشركات في أمريكا وأوروبا وتركت آثارها علي الشرقين الأوسط والأدنى. ان الأمر يدعونا لدراسة وتحليل المفهوم والخطط الصينية الأوروبية لإحياء طريق الحرير القديم خاصة أن الشرق الأوسط يمثل جزءا رئيسيا من هذا الطريق. لكننا يجب أن نشير إلي أن الطريق القديم كما كان سببا في ازدهار حركة التجارة والثقافة والمعرفة بين دول العالم القديم، كان سببا في شقاء العالم الإسلامي حين سلكته جحافل التتار بقيادة جنكيز خان ودمرت معظم البلاد الإسلامية في بلاد ما وراء النهرين وبلاد الشام قبل أن تتوقف مغامرتهم علي يد المصريين بقيادة سيف الدين قطز. وفي هذا الشأن نود أن نتناول فكرة المشروع الصيني والمشروع الأوروبي المعروف ب " ليندون لاروش" للوصول إلي الآثار المباشرة وغير المباشرة علي منطقتنا وسواء كانت سلبية أو إيجابية. وسنوالي تقديم ذلك في حلقات قادمة.