خسائر الاعتصامات تجاوزت 130 مليون جنيه.. والإضرابات "تحبس" القطارات بالساعات الحوادث تراجعت بنسبة 71%.. وننقل 1.2 مليون مواطن يوميا 3 مليارات جنيه لتطوير منظومة الأمان.. والباعة الجائلون الأكثر استخداما لفرامل الخطر حوار: إبراهيم على على شاكلة ضجيج القطارات، لا يكاد تمر أسابيع أو أيام، حتى تطل بين الحين والآخر مشاكل السكك الحديدية بعضها متراكمة وأخرى وليدة اللحظة، لكنها غالبا ما تثير أزمة فى الشارع المصرى لارتباط وسيلة النقل هذه بتحركات ملايين المصريين يوميا. وشهد الأسبوع الماضى حالة من الاستياء فى أوساط ركاب السكة الحديد بسبب الزحام الشديد وتأخر القطارات وعدم انتظام مواعيد الرحلات وندرة التذاكر وتسرب بعضها للسوق السوداء، ليتزامن ذلك مع وقوع حادث تصادم قطارين بمنطقة البدرشين، ليعيد للأذهان مرة أخرى ذكرى حوادث القطارات المأساوية التى حصدت أرواح المئات من الأبرياء. "الحرية والعدالة" التقت المهندس هانى حجاب -رئيس هيئة السكة الحديد- وواجهته بتلك المشكلات، وكشف بدوره عن تفاصيل أشبه بصافرة الإنذار حول أسباب أزمة السكك الحديدية فى البلاد. وإلى نص الحوار: كثيرا ما يربط المسئولون أى أزمة تتعرض لها سلامة وأمان السكك الحديدية بضعف الإمكانات.. فما ردكم؟ لا على الإطلاق، فالخطة الاستثمارية للعام المالى 2012/2013، تصل لنحو 3 مليارات جنيه. وسيتم توجيه هذه الاستثمارات لاستكمال تنفيذ مشروعات قائمة وبدء مشروعات جديدة فى مجال كهربة الإشارات وتحويلها من إشارات ميكانيكية إلى إلكترونية، وهو الأمر الذى يضاعف من معدلات الأمان. كما تشمل الخطة استكمال تنفيذ مشروع تطوير المزلقانات والمحطات والأرصفة، ورفع كفاءة العربات، وشراء عربات جديدة، وكل هذا يؤكد أن الإمكانات المادية لن تكون عائقا فى سبيل رفع معدلات الأمان على خطوط السكة الحديد. كيف تشارك السكة الحديد فى الحد من مشكلة الزحام والاختناق المرورى تنفيذا لبرنامج ال100 يوم الأولى التى وعد بها الرئيس مرسى؟ لا شك أن السكة الحديد تساهم فى هذا بالفعل؛ فهى تنقل يوميا ما يزيد عن 1.2 مليون مواطن، معظمهم من فئة محدودى الدخل، ونقل هذا العدد عن طريق شبكات الطرق كان سيحتاج إلى أساطيل من السيارات والأتوبيسات والميكروباصات التى كانت ستؤدى إلى تدمير شبكات الطرق، واستنزاف الوقود المدعم وزيادة معدلات الزحام المرورى والتلوث. واستكمالا لدور السكة الحديد فى هذا الشأن فقد تقرر تشغيل قطار جديد يتحرك يوميا من بنها الساعة "6.10" صباحا متجها للقاهرة، ثم يعود فى تمام الساعة "2.30" ظهرا من القاهرةلبنها، ليربط بذلك سكان مدينة بنها بالقليوبية بمحطتى مترو شبرا الخيمة والشهداء، ويخفف الضغط نسبيا عن باقى وسائل النقل الجماعى. شهد الأسبوع الماضى حالة شديدة من الارتباك عاشتها السكة الحديد، وزاد من خطورتها وقوع حادث تصادم قطارين بالبدرشين.. فما تفسيركم لذلك؟ أتفق معك أن الأسبوع الأول من رمضان شهد حالة من عدم الاستقرار، وهذا يرجع إلى مواكبة حدوث عدد كبير من المشكلات فى الوقت نفسه؛ حيث شهد عددا من خطوط السكة الحديد اعتصام الأهالى للمطالبة بحل مشكلات انقطاع المياه والكهرباء فى عدد من محافظات الجمهورية، وهذه أمور ليس للسكة الحديد أى دخل بها، وأدت إلى تعطيل "وحبس" العديد من القطارات لساعات طويلة. والقطارات تعمل وفقا لجداول تشغيل معدة سلفا، ويتم صرف التذاكر على أساسها، وتأخير وصول القطارات يؤدى إلى تأخير انطلاقها، ومن ثم يحدث زحام شديد على الأرصفة وارتباك فى الحركة. يضاف إلى ذلك الاعتصام الذى قام به بعض السائقين للمطالبة بزيادة بدل المخاطر وتحسين مستوى دخولهم، وجاءت مشكلة حادث قطار البدرشين لتزيد من تعقيد المشكلة؛ حيث تسببت فى توقف حركة قطارات الصعيد لفترات طويلة، وهو الأمر الذى أدى إلى تذمر وغضب الركاب فى محطة مصر، وبالطبع عندهم حق فى ذلك، ونحن فى السكة الحديد واحتراما لحقوق الركاب قمنا بالإعلان فى الإذاعة الداخلية عن تأخر وصول القطارات أكثر من مرة، وأعلنا كذلك عن الاستعداد لرد قيمة التذاكر لمن يرغب فى ذلك، وبالفعل تم رد مبلغ 860 ألف جنيه لعدد 28 ألف تذكرة. تردد أن هناك قصورا فى تطبيق معايير السلامة والأمان مما تسبب فى حادث البدرشين.. فما ردكم؟ الحقيقة أن هناك سوء فهم وراء وقوع هذا الحادث، حيث إن ركاب القطار رقم 162، الذى كان يتم تخزينه لفترة مؤقتة وقصيرة فى محطة البدرشين لحين مرور قطار القاهرةسوهاج رقم 990، اعترضوا على تخزين قطارهم. وهؤلاء الركاب افترضوا خطأ أنه تم تخزين قطارهم بدعوى أنه قطار "الغلابة" على حد وصف بعضهم، ومن ثم قاموا بالتعبير عن غضبهم بوضع فلنكات خشبية وأجسام خرسانية وحديدية على القضبان، مما أدى إلى اصطدام القطار رقم 990 بها وخروج 3 عربات عن القضبان ليصطدموا بدورهم بقطار الفيومالجيزة رقم 147، الذى كان متوقفا على الرصيف المقابل.وهذا الحادث يتحمل مسئوليته المواطنون الذين عبروا عن غضبهم بتصرفات غير مسئولة كادت تؤدى إلى كارثة. والسكة الحديد لا تصنف القطارات على أن هذا للغلابة وذلك للأغنياء، ونتعامل مع ركاب الدرجة الثالثة والمميزة على أنهم مواطنون من الدرجة الأولى لهم كل الحقوق الواجبة. وعمليات تنظيم عبور القطارات والتخزين مجرد عملية تنظيمية يتم تنفيذها منذ عشرات السنين، ووفقا لمعيار واحد ومحدد، وهو أن القطار البطىء يتم تخزينه ليمر القطار السريع، والقطار السريع يتم تخزينه ليمر القطار الأسرع.. وهكذا. ولماذا لم يقم مراقب الأبراج بإبلاغ سائق القطار رقم 990 بأنه تم وضع حواجز على القضبان حتى يتوقف؟ 6 دقائق فقط كانت تفصل القطار عن مكان الحادث، وهى فترة غير كافية لتجنبه على الإطلاق، وهنا أريد أن أؤكد أن هذا الحادث لم يقع نتيجة لخطأ فنى من جانب العاملين بالهيئة، وإنما نتيجة لمؤثرات خارجة عن إرادتنا.ومع ذلك فإن الهيئة تطبق دائما معايير سلامة المسير بكل دقة لرفع معدلات الأمان وتجنب وقوع الحوادث، وهنا لن نقول إننا حققنا كل ما نريد لكن وبلغة الأرقام فإننا نحقق تقدما ملموسا فى هذا الشأن. فطبقا للتقارير الأخيرة فإن حوادث القطارات كانت قد بلغت عام 2009 نحو 395 حادثة، تراجعت عام 2010 بمعدل 14%، لتسجل 341 حادثة، ثم انخفضت عام 2011 بنسبة 71%، لتسجل 98 حادثة فقط، معظمها يرجع لسلوكيات خاطئة من المواطنين، خاصة خلال عمليات العبور العشوائى لمزلقانات السكة الحديد. ما معايير الأمان التى يتم تطبيقها للحفاظ على أرواح الركاب؟ من أهم أولويات الهيئة تحقيق سلامة المسير، وهذا يتم من خلال إجراء الصيانة الدورية للقطارات والعربات بورش الهيئة ومراجعة كافة أجزائها، خاصة الفرامل وانسيابية حركة العجل، بجانب مراجعة القطار فى أثناء المسير من خلال نُظّار المحطات ومراقبى الأبراج وفنيى الصيانة. بعد حادث قطار الصعيد الذى أتت النيران على معظم عرباته أعلن رجال أعمال عن تبرعهم بأجهزة لرفع معدلات الأمان.. فأين ذهبت هذه التبرعات؟ سمعنا مثلكم عن هذه الوعود والتبرعات، لكن لم يتم تنفيذ أى منها على أرض الواقع، ولم يتبرع أى من رجال الأعمال بأى شىء يذكر للسكة الحديد حتى الآن. وقامت هيئة السكك الحديدية على نفقاتها بشراء أجهزة تليفون محمولة لسائقى القطارات ومساعديهم، بالإضافة لتطوير شبكة الاتصالات اللاسلكية المتصلة بغرفة التحكم الرئيسية للتواصل مع سائقى ورؤساء القطارات على مدار الساعة، واكتشاف أى عطل مفاجئ أو مشكلة طارئة خلال دقائق معدودة والتعامل معها على الفور. هل توجد وسيلة ما يتمكن من خلالها الراكب بالاتصال بالسائق أو رئيس القطار فى الإبلاغ عن حدوث مشكلة معينة؟ حتى هذه اللحظة لا يوجد، لكنّ هناك مرورا دوريا من رئيس القطار والمحصل، وأى مشكلة يتم اكتشافها يتم التعامل معها فى أسرع وقت، بالإضافة إلى أن أى عربة من عربات القطار مزودة بفرامل خطر يمكن للراكب حين استشعاره خطرا داهما أن يستخدمها ويوقف القطار، ولكن للأسف نجد الباعة الجائلين هم الأكثر استخداما لفرامل الخطر لا لشىء سوى لإجبار القطار على التوقف فى الأماكن التى يريدون النزول فيها.تردد أن "موقد غاز" كان وراء حادث قطار الصعيد.. فما الإجراءات التى يتم اتخاذها لتجنب تكراره؟ تأمين القطار لا يقتصر فقط على الاطمئنان على مكوناته من آلات ومعدات ولكن أيضا من خلال تطبيق اشتراطات الدفاع المدنى والحريق والأمن الصناعى، التى تبدأ بعدم السماح بمرور تلك الأدوات مع الركاب، ومنع التدخين أو استخدام المواد الملتهبة والقابلة للاشتعال، مرورا بتزويد عربات القطار بطفايات الحريق، وانتهاء بتدريب جميع العاملين بالقطار من سائق ومحصل ومساعد وعامل النظافة وحتى رئيس القطار على كيفية مكافحة الحرائق باستخدام تلك الطفايات. ولماذا لا يتم تركيب أجهزة إطفاء ذاتى فى العربات؟ عربات القطار من الداخل وطبقا لمواصفات تصنيعها غير مهيأة لتركيب شبكات الإطفاء الذاتى، لكن هذا لا يمنع أن يتم بحث مدى إمكانية تطبيقه فى العربات الجديدة التى سيتم التعاقد على شرائها.غالبا ما تثير المزلقانات أزمات بين الحين والآخر.. فهل هناك خطط للحد من هذه الأزمات؟ يتم حاليا تنفيذ مشروع كبير لتطوير 242 مزلقانا بتكلفة 400 مليون جنيه، والهدف الرئيسى من المشروع هو زيادة منظومة السلامة والأمان بها؛ حيث تشمل عمليات التطوير رصف مداخلها ومخارجها، وزيادة الإضاءة، وإنشاء غرفة خاصة بالخفير، وإنشاء أسوار، وتركيب أجهزة إنذار صوتية وضوئية للتنبيه بعبور القطارات.