أكد سياسيون وقانونيون أن خارطة طريق الانقلاب العسكري الدموي تجاهلت منذ اللحظة الأولى لانقلاب 3 يوليو، خيار رفض التعديلات الدستورية التي تعدها لجنة الخمسين الانقلابية على الدستور المستفتي عليه من الشعب، مشيرين إلى أن هذا الكلام أكده مجددا وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمي في أسبانيا الذي قال إن الاستفتاء على التعديلات الدستورية في ديسمبر ثم انتخابات برلمانية في فبراير ومارس ثم انتخابات رئاسية في بداية الصيف المقبل، مشددين على أن استبعاد الانقلابين لأن تأتي نتيجة الاستفتاء على تعديلاتهم الدستورية ب"لا" يؤكد أنهم يجهزون لعملية تزوير ممنهجة لإدارة الشعب المصري خاصة بعدما اتسعت دائرة رافضي الانقلاب الدموي. وأكد السياسيون والقانونيون ل"الحرية والعدالة" أن ما يعلنه الانقلابيون يكشف نية مبيتة لتمرير الاستفتاء في جميع الأحوال عن طريق تزوير الإرادة الشعبية بنفس الحيل والأساليب التي كان يتبعاه نظام المخلوع مبارك الذي عاد ليحكم من جديد بعد 3 يوليو، مشيرين إلى أنه في ظل الانقلاب لن تشهد مصر أي استحقاقات انتخابية أو استفتاءات نزيهة ولن توجد فيها أي ضمانات كما كان يحدث من قبل في ظل قانون مباشرة الحقوق السياسية وفي ظل الرئيس المنتخب والشرعي لمصر د.محمد مرسي. واعتبروا أن تصريحات الانقلابيين عن الخارطة المزعومة هي للاستهلاك العالمي فقط، لأنها واقعيا خارطة فاشلة تصدر من معسكر فاشل ومرعوب ويعرف أنه سيسقط قريباً وسيحاسبه الشعب على جرائمه البشعة والوحشية لذلك فهو يبحث عن تحصينات لنفسه ولقادته، مطالبين مؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب الدموي إلى استمرار الحراك الثوري وعدم الالتفات لمسار استفتاء بديمقراطية شكلية وغير حقيقية. ديمقراطية شكلية في البداية قال عبد الحميد بركات - عضو مجلس الشورى ونائب رئيس حزب العمل الجديد - إن خطاب وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمي بأسبانيا في حديثه عن خارطة طريق الانقلاب لم يذكر من قريب أو بعيد خيار رفض الاستفتاء والتصويت عليه بلا وهذا ليس نهجا جديدا، فتصريحات الانقلابيين منذ اللحظة الأولى ببيان الانقلاب في 3 يوليو كشف أن قادة الانقلاب قد قدروا أن الأمور تسير وفق هذه الخريطة وإرادة الانقلاب، وليس وفق إرادة الشعب . وأضاف بركاته أنه منذ الانقلاب على الشرعية الدستورية والقانونية في 3 يوليو وحتى تصريح فهمي بأسبانيا، لم يذكر أحد الانقلابيين طيلة الفترة السابقة أن الاستفتاء قد يرفض، لأنه لو رفض ستعود اللعبة إلى المربع صفر، وهذا المسار لم يوضع أصلا بالحسبان، مما يعني وجود نية مسبقة لتزوير الاستفتاء كما كان يفعل بعهد المخلوع مبارك ومن قبله. وتابع: فنحن رأينا في استفتاء 19 مارس 2011 أول ممارسة ديمقراطية حقيقية معبرة عن إرادة الناخبين وتم بمشاركة حقيقية منهم وبنسب معقولة وطبيعية، أما الاستفتاءات بعهد مبارك المخلوع والأنظمة السابقة له لم يكن فيها ناخبين والنتيجة معلومة مسبقا وهي 99.9 % لأن البطاقات كانت تسود من رجال قريبين من الحاكم سواء بحكم الاتحاد الاشتراكي أو الحزب الوطني المنحل فكلها شهدت أثناء حكم هذه الأحزاب الاستبدادية استفتاءات مزورة، والآن سلطة الانقلاب تسير على نفس سياسات مبارك ونظامه، لأن الانقلاب وحكم العسكر هو بذاته عودة للنظام السابق الفاسد والمزور، وهي أنظمة تؤمن بديمقراطية شكلية يتم فيها انتخابات واستفتاءات مزورة لصالحه والاسم والظاهر فقط دوليا أن هناك استحقاقات ديمقراطية تجرى. واعتبر عضو مجلس الشورى، أن تجاهل مسار رفض التعديلات الدستورية من لجنة الخمسين الانقلابية بالاستفتاء - إن جاء واستمر الانقلاب لحينها- يعكس نية مبيتة للتزوير بأي طريقة كانت، ليقال أن الشعب وافق عليها وسيتعمد الانقلاب أن تكون الموافقة بنسبة عالية لا تقل عن 80 % ليقال أنها أعلى من النسبة التي وافقت على الدستور الشرعي للبلاد وهي 64 % لأنه كان استفتاء نزيه في ظل مؤسسات منتخبة، مشددا على وجوب التحسب للنية المسبقة لتزوير الاستفتاء، فلو نجح الانقلاب في تمرير الاستفتاء دون تصدي الشعب للتزوير فسوف تجري عقبه تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتعود "ريما لعادتها القديمة" بنظام مبارك وأسوأ. وأوضح أن التيار الإسلامي والقوى الرافضة للانقلاب لا يمكن أن تصمت إذا تم الاستفتاء بالتزوير، فابتداء إذا لم يسقط الانقلاب قبل الاستفتاء واستمر وجوده لحين إجراء الاستفتاء ، فلن يقبل الشعب تزوير الإرادة الشعبية مهما كانت الأمور، فلابد من فضح التزوير بشتى السبل، ودراسة خيارات المقاطعة للاستفتاء أو المشاركة لفضح التزوير بناء على ما سيتم رصده من معطيات وضمانات أولية، بمعنى لو تم الاستفتاء بناء على قانون مباشرة الحقوق السياسية القائم والذي يضمن الفزر باللجان الفرعية كما تم بالانتخابات الرئاسية فهنا يتم دراسة خيار المشاركة بالاستفتاء، أما لو تم تغيير قانون مباشرة الحقوق السياسية وإلغاء هذه الضمانة فهنا خيار المقاطعة هو الأفضل حيث تتأكد نية التزوير بلا ضمانات، وعلينا انتزاع حقوقنا انتزاعا. وأشار بركات إلى أنه من المتوقع من الانقلابيين أي شيء ويظهر أمامنا رغبتهم بإصدار قوانين مقيدة للحريات مثل "قانون التظاهر" و"مكافحة الإرهاب" و"حماية تصرفات كبار المسئولين" وفقا لأهواءهم، لذلك يصعب توقع إجراء استفتاء بضمانات، وأي تعديلات على قوانين الانتخابات ستظهر بالفترة المقبلة على أي حال، لافتاً إلى أن مسألة تزوير الاستفتاء ستكون مفضوحة أمام المؤسسات الحقوقية والمدنية ولو تم التزوير ستكون مهزلة أمام العالم ولن يسمح رافضي الانقلاب بتزوير إرادتهم نهائيا وفي جميع الأحوال. تزوير الإرادة الشعبية من جانبه يرى المستشار محمد عوض - رئيس محكمة استئناف الإسكندرية - أن خطاب وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمي ورموز الانقلاب بدون ذكر خيار رفض الاستفتاء وأن تأتي النتيجة "بلا"، والحديث عن خارطة الطريق الانقلابية كما وضعت متتابعة تؤكد نية مسبقة لتمرير الاستفتاء في ظل غيبة أي شكل من أشكال الرقابة، وستعود مصر فيما يخص بالاستفتاءات والانتخابات لما كانت عليه الحال والوضع في عهد المخلوع حسني مبارك لأن فعليا من يحكم مصر حاليا هو نظام مبارك، وانقلاب 3 يوليو من المتوقع أن ينتهج نفس نهجه في إجراء استفتاء غير نزيه وكلاهما يسير على نفس المسار بل ما يحدث بمصرالآن أشد وأنكى، ومتوقع أن يسير انقلاب يوليو على نفس نهج المخلوع مبارك ليس في الاستفتاء فقط بل في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. ونبه عوض، إلى أن مسألة تزوير الإرادة الشعبية في ظل الأنظمة الاستبدادية بالاستحقاقات الانتخابية تنطوي على حجج وحيل مختلفة تستطيع التحايل على إرادة الناخبين الحقيقية حتى بوجود إشراف قضائي كما حدث بانتخابات 2005 و2010 ومنها مثلا عن طريق قضية كشوف الناخبين، أو تحجيم وتقليص صلاحيات ودور القضاة بجعله مقتصرا فقط على مراقبة عملية التصويت فقط ومنع تدخلهم في قضية هي الأهم وهي إعلان النتائج. وأشار إلى أنه في ظل هذا الانقلاب لا يرجى منه استفتاء نزيه أو انتخابات برلمانية أو رئاسية نزيهه، وأداء سلطة الانقلابيين الدمويين تكشف عزمهم على السير بمسارهم الذي وضعوه بل إنهم واثقين من قدرتهم على تمرير الاستفتاء بسهولة ثم إجراء الانتخابات وجميع معارضيهم بالسجون، ويبقى بالملعب فقط مؤيدي الانقلاب أمام أنفسهم بلا منافسين من الأصل فالمنافسين بين مقتول ومصاب ومعتقل. وتوقف رئيس محكمة استئناف الإسكندرية ، عند قضية أن الرئيس مرسي المنتخب في نظامه الشرعي كانت ستجرى الانتخابات البرلمانية خلال شهرين لكن هذا المسار رفضه الانقلاب وانقلب عليه لأن سلطة الانقلاب ومؤيديها لا يريدون نظاما ديمقراطيا حقيقيا ولا محاسبة ولا مساءلة، وبقايا نظام المخلوع مبارك هو من أحدث الانقلاب وقاموا به للحفاظ على مكتسبات وامتيازات خاصة بهم ولضمان استمراريتها بتأييد أمريكي إسرائيلي خليجي، لذا الانقلاب لا يرجى منه نزاهة باستفتاءات أو انتخابات. وأوضح أن الاستفتاءات والانتخابات بنظام مبارك كانت تقوم بالأساس على دور اللجنة العليا للانتخابات وتعد لها الصلاحيات الأوسع للدور الشامل للأمر برمته وتعلن هي النتيجة مرة واحدة، واللجنة العليا تتحكم بموضوع الرقابة، كما حدث بقضية المحاكمة الهزلية للرئيس الشرعي حين أعطوا محامي الانقلاب تصاريح والمدعين بالحق المدني على قتل اثنين بينما فقط تصاريح لخمس محامين للدفاع عن 15 متهما، والظن بأن هناك استفتاءات نزيهه في ظل انقلاب أمر لن يحدث على الإطلاق، فالسلطة الانقلابية لديها أساليب للتحايل أشد وأنكى من أيام المخلوع، فمبارك كان يمنع الناخبين الآن هناك قتل للناخبين واعتقال، وممارسة سلطة الانقلاب تفوق كل أنواع التنكيل بلا ضابط ولا رابط ولا مراعاة لحقوق الإنسان ولا حرمة لامرأة ولا طفل ولا مراعاة لأدلة ثبوت للمتهمين ولا محاكمات عادلة. المقاطعة وطالب عوض، جميع رافضي الانقلاب بمقاطعة الاستفتاءات والانتخابات التي ستجرى في ظل الانقلاب، واستمرار الحراك الثوري وفعالياته السلمية ضد الانقلاب ولا يشغلوا أنفسهم بأي استحقاقات انتخابية تحت سلطة الانقلاب، لأن أي مشاركة فيها ستكون بمثابة تزيين لصورة الانقلاب وستضفي على الاستفتاء شرعية رغم عدم وجود ضمانات لنزاهته بما يؤكد أنه سيتم تزويره، لكن المقاطعة والحراك الثوري أجدى وسيعجل بزوال الانقلاب. وأضاف: أناشد الجميع بعدم المشاركة لأن هذه الاستحقاقات ستزور والمشاركة هي اعتراف ضمني بالانقلاب وإجراءاته، ولابد من عدم الاعتراف بها تماما لأنها بلا ضمانات والمشاركة تكسب الانقلاب شرعية أمام الخارج، وستجري الاستحقاقات بنفس أدوات وأركان نظام المخلوع بالسلطة كما حدث بانتخابات 2005 و2010 وما قبلها. ولفت عوض إلى أن سلطة الانقلاب بالرغم مما يبدو من ثقة كبيرة لديها في قدرتها على تمرير الاستفتاء وما يليه من بنود بخارطة الطريق كما أرادوا هم إلا أن هذه الثقة مجرد ادعاء وتبطن داخلها أنهم بحالة رعب شديد بدليل سعيهم المستمر والمتزايد لإصدار قوانين وفقرات للتحصين سواء لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ثم للمؤسسة العسكرية ثم للوزراء وكبار المسئولين مما يكشف أنهم مرعوبين من الملاحقة القضائية، وليس لديهم ثقة كاملة، وإلا لما طلبوا تحصين أفعال كبار المسئولين التي ب"بحسن نية، وهو مطلب غير موجود بتاريخ القضاء المصري وغير موجود بالعالم كله، مما يكشف أن معسكر الانقلاب ينهار وأن الانقلابيين مرعوبين من محاكمتهم وإيداعهم بالسجون، ومتخوفين من أن تصدر ضدهم أحكام خاصة بجرائم حبس واعتقالات ونهب أموال الشعب حيث تم ضخ مساعدات خليجية بدون أثر، وهم يعلمون جيدا ما ارتكبوه ولذلك يطلبوا التحصين وهم على وعي بأنهم مقبلين على انهيار اقتصادي سيؤدي لإزاحتهم. وأوضح رئيس محكمة استئناف الإسكندرية أن الانقلاب يشهد حالة من التخبط فيما يخص خارطة الطريق، فقد قالوا باتجاه لإجراء الانتخابات الرئاسية أولا ثم تراجعوا عنه بالتأكيد على إجراء الانتخابات البرلمانية أولا مما يكشف أن أمورا تجري خلف الكواليس تحركها القوى الدولية والإقليمية فيما يخص المرشح للرئاسة ومن هو تحديدا وكيف سيتم التسويق له وتوفير الوقت الكافي لذلك. وطالب عوض، الثوار برفض أي مرشح ذو خلفية عسكرية أو ينتمي للنظام السابق أيا كان هذا الشخص والتمسك بعودة الشرعية المتمثلة في عودة الرئيس مرسي رئيسا للبلاد كخطوة أولى تليها خطوات. خارطة فاشلة أما عمرو عبد الهادي - عضو جبهة الضمير - فيرى أن تصريحات وزير خارجية الانقلاب في مجملها هي للاستهلاك العالمي، لتحسين صورة الانقلاب بالزعم أمام الخارج بأن خارطة الطريق تسير وأن الأمور جيدة على عكس الواقع، فالحقيقة هو فشل متوقع لخارطة الطريق، وهي أصلا خارطة بلا معالم ولا توقيتات واضحة، وكشف ذلك تخبط وتناقضات خطاب مسئولي الانقلاب أنفسهم، وهذه التوقيتات المعلن عنها مؤخرا من وزير خارجية الانقلاب أو غيره بحكومة الانقلاب تأتي طبقا للضغط العالمي، ومحاولة التسريع بالإجراءات يدل على فشل اقتصادي مما دفعهم لسرعة إيجاد حكومة جديدة تمكنهم من طلب مساعدات اقتصادية أكبر، لأن القائمة حكومة غير شرعية. وأكد عبد الهادي، أن هذه الخارطة الانقلابية ستواجه فشلا منه قلة الأعداد المشاركة بالاستفتاء بعكس الاستحقاقات الانتخابية الشرعية المعبرة عن الشعب، وسيثبت أثناءه أن هناك أقلية مسلحة انقلبت على حق أغلبية سلمية. وحول عدم ذكر الانقلاب لخيار رفض الاستفتاء نبه عبد الهادي، إلى أن أي استفتاء سيجهز له سيمرر "على قديمه" مثلما كان يحدث أيام المخلوع مبارك بلا شفافية ولا إجراءات محترمة، ولا نتيجة حقيقية ولا أي ضمانات عالمية أو داخلية وتأتي النتيجة التي يريدها الانقلاب لنفسه.