سلَّطت عدة وكالات ومواقع عالمية الضوء على مجزرة القيادة العامة التي وقعت اليوم في السودان، مشيرة إلى أن كل المؤشرات تؤكد تشابهها مع مذبحة رابعة العدوية، حيث اختلف المكان والمسميات، إلا أن العنصر المشترك بين المجزرتين هو وجود العسكر ورغبته في الاستئثار بالسلطة. وقالت وكالة رويترز، إن هناك مشاهد فوضوية تم بثها لأشخاص يركضون في الشوارع مع استمرار تردد أصوات إطلاق النار وآخرين يهرعون لنقل الجرحى، مشيرة إلى أن الاتهامات موجهة إلى المجلس العسكري الحاكم بفض الاعتصام وارتكاب مجزرة. الانقلاب مرفوض وأشارت الوكالة إلى أن ما يريده المتظاهرون أن يدير المدنيون الفترة الانتقالية وقيادة البلاد التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة إلى الديمقراطية، وهو ما كان يطالب به أيضا رافضو الانقلاب في مصر. ويتناوب آلاف الشبان والشابات الاعتصام خارج مبنى وزارة الدفاع، بؤرة الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي بدأت في ديسمبر، وقالت لجنة أطباء السودان المركزية المعارضة إن أعداد الضحايا في تزايد. بشاعة العسكر ونقلت الوكالة عن تجمع المهنيين السودانيين، وهو الجماعة الرئيسية المنظمة للاحتجاج، قوله: “يقوم المجلس العسكري الانقلابي الآن بإبراز وجهه القميء من خلال إحضاره قوات نظامية بعدد ضخم جدًا لميدان الاعتصام للقيام بعملية فض ممنهج لاعتصامنا الباسل أمام القيادة العامة"، وحث الشعب السوداني على التوجه إلى مقر الاعتصام لمساعدة المحتجين هناك. ونقلت الوكالة عن السفير البريطاني في الخرطوم قوله، إنه سمع إطلاق نار كثيف لأكثر من ساعة من مقر إقامته، وإنه يشعر بقلق بالغ، وكتب على حسابه على تويتر "لا مبرر لمثل هذا الهجوم.. يجب أن يتوقف ذلك الآن". ووصفت السفارة الأمريكية في الخرطوم الهجوم على الاعتصام بأنه خطأ، وقالت إنه يتعين أن يتوقف. وكتبت السفارة على حسابها على تويتر: “المسئولية تقع على عاتق المجلس العسكري. المجلس العسكري لا يمكنه قيادة شعب السودان بشكل مسئول”. العاصمة تحترق وأظهرت لقطات تلفزيونية دخانًا يتصاعد من خيام أحرقت فيما يبدو أثناء مداهمة قوات الأمن، وتدفق المحتجون على شوارع الخرطوم ومدينة أم درمان على الضفة الأخرى لنهر النيل بعد أن انتشرت أنباء الهجوم، وقال شهود إن المحتجين أغلقوا طرقًا بالحجارة والإطارات المشتعلة. وأظهر تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي أحد المحتجين يسقط على الأرض ويصرخ من الألم بعد إصابته بذخيرة حية فيما يبدو. ورأى شاهد من رويترز القوات وبينها قوات مكافحة الشغب وأفراد من قوة الدعم السريع وهي تلوح بعصي في وسط الخرطوم والطرق القريبة، في محاولة لمنع الناس من الوصول لمكان الاحتجاج، وتم إغلاق الجسور على النيل التي تربط عدة مناطق بالعاصمة السودانية. مطالب بالديمقراطية ومن جانبها سلطت هيئة الإذاعة البريطانية الضوء على المجزرة بقولها، إن هناك رفضًا كبيرًا لما جرى في السودان اليوم من قبل المجلس العسكري، مشيرة إلى تناقل مغردين فيديوهات لمحتجين وهم يركضون مرددين شعارات “مدنية مدنية”. وتصدر هاشتاج جديد بعنوان #مجزره_القياده_العامه لائحة الهاشتاجات الأكثر تداولا على مستوى العالم، مسجلا أكثر من 50 ألف تغريدة، وجاءت تعليقات المغردين في مجملها منددة بفض الاعتصام، إذ وصفوا ما حدث فجر الاثنين ب”المجزرة” وبالانقلاب العسكري. ثورة مضادة واعتبر كثيرون فض الاعتصام بأنه تمهيد لثورة مضادة تنهي أحلام السودانيين بالتغيير، واتهموا المجلس العسكري بإشعال نار العنف في البلاد. وفي هذا السياق، قال الكاتب الكويتي نواف بدر: “حزين جدا على السودان الذي انقلب فيه العسكر على الإرادة الشعبية، وفي آخر أيام شهر رمضان الذي حرم فيه القتال يقوم العسكر بقتل أبناء الشعب السوداني”. وفي حين نشر المغرد عبد الرحيم خليفة صورة تظهر مصابين ممددين في أروقة المستشفيات، وأرفقها بالتعليق التالي: “ليلة الغدر في ميدان الاعتصام الثورة مستمرة والقصاص خيار الشعب”. وتتزامن التطورات الأخيرة مع انتهاء مهلة الاتحاد الإفريقي للمجلس العسكري بالسودان من أجل نقل السلطة للمدنيين. عصيان مدني وحمّل تجمع المهنيين السودانيين المجلس العسكري المسئولية كاملة عن عملية فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم. ودعا إلى إعلان العصيان المدني الشامل لإسقاط المجلس. كما وجهت قوى الحرية والتغيير نداءات للمحتجين إلى مواصلة الاعتصام لإسقاط ما وصفته بيد البطش والغدر. بين مصر والسودان ولم تخل تعليقات البعض من عقد مقارنات بين أحداث السودان اليوم وما وقع في 14 أغسطس 2013 بمصر، حيث مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وعلق عصام أحمد: “لن تنجح مجزرة رابعة السودان في إفشال الثورة.. كل الشوارع ستشتعل وعلى المجلس العسكري أن يستعد للرحيل”. أما موقع “روسيا اليوم” فأشار إلى تصريحات القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، كمال كرار، والتي قال فيها إن ما حدث هو مجزرة بكل ما تحمله الكلمة، والمجلس الانقلابي يتحمل مسئوليتها وسيعاقب عليها، وإن الدماء التي سالت في ساحة الاعتصام بالقيادة العامة وأحياء الخرطوم، تكتب سطورا جديدة في صفحات الثورة التي ستنتصر رغم أنف المجلس ومليشيات الدعم السريع، والعصيان المدني ينطلق الآن، والثورة تشتعل، ونحن إلى النصر ماضون”.