دعوات شعبية لمقاطعة الأعمال الفنية.. وحملات إلكترونية تقاوم "هوس الدراما" CNN تنتقد ارتفاع التكلفة رغم معاناة الاقتصاد.. ومطالب بوضع "حد أقصى" لأجور الفنانين عادل إمام يتقاضى 12 مليونا فى "ناجى عطا الله" و7 ملايين لأحمد السقا وكريم عبد العزيز على عبد المنعم: لا بد من تكتل إنتاجى لمواجهة الأجور الفلكية للنجوم.. وعلى الجمهور لفظ الأعمال الهابطة مروة جمال 70 مسلسلا تليفزيونيا للعرض فى شهر رمضان الكريم، هى حصيلة الإنتاج الدرامى طوال الأشهر الماضية، لكن الغريب والذى لفت نظر الكثير من المشاهدين أن القنوات التليفزيونية نفسها التى كانت تصرخ وتولول على عجلة الإنتاج طوال العام الماضى والتى كانت تحذر المواطنين من إفلاس مصر وانهيار اقتصادها، والتى تذيع فى رمضان إعلانات تحث المواطنين على التبرع للمستشفيات والمرضى والأيتام هى القنوات نفسها التى تعرض كل يوم، بل وكل ساعة "بروموهات" عشرات القنوات التى اشترتها لتعرضها وتلتهم نصيبها من كعكة الإعلانات، وهى أيضا القنوات نفسها التى لا تتورع عن تداول ميزانيات هذه المسلسلات وأجور أبطالها. وفى مفاجأة غير متوقعة على الإطلاق؛ بلغ الإنتاج الدرامى هذا العام ذروته ب70 مسلسلا، بميزانيات وصلت إلى مليار و180 مليون جنيه، كان النصيب الأكبر منها لأجور الفنانين. فى السطور القادمة تفاصيل هذه الميزانيات. أما عن تفاصيل تلك الأرقام، فهى كالتالى: فرقة ناجى عطا الله 70 مليون جنيه، خطوط حمراء 42 مليون جنيه، باب الخلق 40 مليون جنيه، الخواجة عبد القادر 40 مليون جنيه، فى غمضة عين 26 مليون جنيه، مع سبق الإصرار 35 مليون جنيه، الأخت تريز 25 مليون جنيه، كيد النسا "الجزء الثانى" 25 مليون جنيه، عرفة البحر 35 مليون جنيه، كاريوكا 20 مليون جنيه، الرجل العناب 15 مليون جنيه، سيدنا السيد 23 مليون جنيه، فيرتيجو 25 مليون جنيه، سر علنى 22 مليون جنيه، الصفعة 25 مليون جنيه، زى الورد 38 مليون جنيه، البلطجى 18 مليون جنيه، الإخوة الأعداء 32 مليون جنيه، نابليون والمحروسة 35 مليون جنيه، الزوجة الرابعة 22 مليون جنيه، الهروب 36 مليون جنيه، فرح العمدة 18 مليون جنيه، طرف تالت 22 مليون جنيه، قضية معالى الوزيرة 20 مليون جنيه، خرم إبرة 25 مليون جنيه، رقم مجهول 12 مليون جنيه، حكايات بنات 18 مليون جنيه، 9 جامعة الدول 5 ملايين جنيه، ابن النظام 22 مليون جنيه، ابن موت 25 مليون جنيه، لسه بدرى 12 مليون جنيه، الباب فى الباب 10 ملايين جنيه، عروسة يا هو 5 ملايين جنيه، أم الصابرين 15 مليون جنيه، كان يا مكان 15 مليون جنيه، ويأتى النهار 15 مليون جنيه، ورد وشوك 15 مليون جنيه، النار والطين 17 مليون جنيه، بنات فى بنات 18 مليون جنيه، الأبعدية 40 مليون جنيه، مدرسة الأحلام 15 مليون جنيه، طيرى يا طيارة 18 مليون جنيه، البنسيون 6 ملايين جنيه، الوهم 15 مليون جنيه، أشجار النار 5 ملايين جنيه، راسين فى الحلال 8 ملايين جنيه، بفعل فاعل 18 مليون جنيه، مولد وصاحبه غايب 30 مليون جنيه، حارة خمس نجوم 20 مليون جنيه، هرم الست رئيسه 4 ملايين، الإمام الغزالى 15 مليون جنيه، البحر والعطشان 20 مليون جنيه، الخفافيش 25 مليون جنيه، الصقر شاهين 18 مليون جنيه. CNN ترصد وكانت شبكة CNN الأمريكية قد أكدت فى تقرير لها نشرته مؤخرا أن تكلفة المسلسلات المصرية التى يتم عرضها فى شهر رمضان الحالى تخطت حاجز المليار جنيه، ويعد هذا الإنتاج وفقا لCNN هو الأكبر فى تاريخ الدراما المصرية ويمثل عودة قوية بعد فترة ركود طويلة وصلت إلى حد ال18 شهرا التى لحقت ثورة 25 يناير، وجاء فى التقرير أيضا أنه فى ظل الظروف الاقتصادية السيئة التى تمر بها مصر اعتبر الكثير من أبناء الشعب الرقم الذى تم إنفاقه على المسلسلات الرمضانية مبالغا فيه ولا يتماشى مع الأحوال الاقتصادية المصرية، خاصة فى مرحلة الركود الاقتصادى بعد الثورة. أجور النجوم ومن أبرز الانتقادات التى طالت المنتجين القائمين على صناعة الدراما فى مصر مؤخرا، أن النسبة الأكبر من هذه الميزانيات الضخمة غالبا ما تستقر فى جيوب النجوم الذين وصلت أجور الكثيرين منهم لأرقام مستفزة جدا، وهو الانتقاد نفسه الذى طالهم هذا العام أيضا، فبعدما زعم الكثير من نجوم الدراما بأنهم على استعداد لتقليص أجورهم مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة فى مصر بعد الثورة، فوجئنا بحصولهم على الأجور الخيالية نفسها، فأجر الفنان عادل إمام بلغ 12 مليون جنيه نظير مشاركته فى مسلسل "فرقة ناجى عطا الله"، وهو أجر الفنان محمود عبد العزيز نفسه عن مسلسله "باب الخلق"، وتقاضى محمد سعد عن مسلسل "شمس الأنصارى" 7 ملايين جنيه، ووصل أجر كريم عبد العزيز عن مسلسله "الهروب" 7 ملايين جنيه وهو الأجر نفسه الذى تقاضاه أحمد السقا عن مسلسله "خطوط حمراء"، بينما تتراوح أجور إلهام شاهين ويسرا وليلى علوى ما بين 5 و7 ملايين جنيه، وتحصل هيفاء وهبى مقابل مسلسلها "مولد وصاحبه غايب" على 7 ملايين جنيه، الفنانة أنغام حصلت على 8 ملايين نظير مشاركتها الدرامية الأولى بمسلسل "فى غمضة عين"، ويتراوح أجر نور الشريف ويحيى الفخرانى ما بين 7 و8 ملايين، كما يتراوح أجر الفنانين شريف منير وهند صبرى ونيللى كريم ما بين 4 و6 ملايين جنيه عن مسلسلات "الصفعة" و"فيرتيجو" و"ذات". دعوات مقاطعة مواقع التواصل الاجتماعى دخلت على الخط بكثير من الحملات التى تدعو إلى مقاطعة تلك الأعمال، ومن أبرزها حملة "هنقاطع" التى يقول القائمون عليها إن رمضان تحول من شهر للعبادة إلى شهر يتنافس فيه أفراد الأسرة على مشاهدة المسلسلات وبرامج الكاميرا الخفية، فى حين أنه لو تم إنفاق هذه المبالغ على برامج دعم الفقراء أو محدودى أو على البرامج الهادفة التى تزيد من وعى الشباب والأسر بأهمية وقيمة شهر رمضان، وهذا لا يعنى الوقوف ضد الفن الذى نريده فنا هادفا ولا سيما فى هذا الشهر الكريم، بينما تقول حملة "مقاطعة مسلسلات رمضان 2012" لأعضائها: كل المسلسلات سيتم إعادتها بعد رمضان وتستطيع مشاهدة حلقاتها فى أى وقت على "يوتيوب" لكن ثواب صلاة التراويح والتهجد وقيام الليل وختم القرآن الكريم لا يمكن إدراكه بعد شهر رمضان الكريم. وبالفكر نفسه جاءت حملة "لا تفسد صيامك" بمنطق آخر يعتمد على مهاجمة صناع المسلسلات الذين يستعينون فى أعمالهم براقصات وممثلات يرتدين ملابس عارية، مبدين تعجبهم الشديد من عرض هذه الأعمال فى شهر رمضان وتقول الحملة لأعضائها إن لم يحرص هؤلاء على صيامك فلا تفسده أنت بمشاهدة مثل هذه الأعمال أو حتى المشاهد، بينما تتبنى حملة "حرام" وجهة نظر مختلفة ظهرت على صفحتها الرئيسية من خلال كلمات بسيطة "حرام والله الممثلين ياخدوا مليار و180 مليون جنيه ونص الشعب تحت خط الفقر ومش لاقى ياكل ولو تعب بيموت لأنه مش قادر يتعالج احنا لازم نوجه لصناع المسلسلات دى ضربة قوية ونخسرهم ملايينهم بمقاطعة مسلسلاتهم، فيها إيه يعنى لو استبدلنا المسلسلات بمشاهدة برامج الدعاة الهادفة أظن هتفرق معانا كتير". وتعجبت الحملة من اعتماد بعض المسلسلات بشكل رئيسى على الرقص والتمايل والتحدث عن العلاقات الغرامية بين الشباب والبنات على أنها أمر طبيعى جدا، وطالبت أعضاءها بعدم متابعة أى عمل يتعارض مع قيمنا وأخلاقنا كمجتمعات عربية إسلامية، وتداول الناشطون على تويتر صورة مكتوب عليها "هذا الشخص مقاطع جميع المسلسلات الرمضانية ولن أضيع وقتى فى هذا التفاهات، عرف أهلك وأقاربك إن الناس دى بتشتغلنا". الأزهر الشريف وليس الرأى العام فقط هو من استشعر المشكلة التى يجنيها المجتمع من تلك المسلسلات التى يكون بعضها هادفا والآخر فارغا من أى مضمون أو فكر، بل يحتوى على قيم وعادات تسيئ للمجتمع؛ فقد استنكر غالبية علماء الأزهر الشريف مثل هذه الأشكال الفنية التى تضيع الوقت وتفسد الأخلاق فى أحيانا كثيرة يقول الدكتور عبد المعطى بيومى -عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف-: مشاهدة غالبية المسلسلات التى تعرض فى شهر رمضان حرام شرعا لما تتضمنه من مشاهد تتنافى مع العبادة ولا حرج من مشاهدة الهادف منها بالقدر المعقول الذى لا يؤثر على الأخلاق والقيم ولا يشغل العبد عن ربه فى هذا الشهر الفضيل. كما استنكر مجمع البحوث الإسلامية التسابق الملحوظ بين الأوساط الفنية لعرض أكبر كمّ من المسلسلات فى هذا الشهر الكريم، مؤكدا ضرورة أن يملأ العبد أيامه بالعبادة والأعمال الصالحة وليس بمشاهدة الكم الأكبر من المسلسلات الرمضانية. أعمال هادفة من جانبه، أكد الناقد الفنى على عبد المنعم أنه لا توجد أدنى مشكلة اقتصادية من إنتاج مسلسلات بهذه التكلفة العالية وحتى نكون واقعيين لا يوجد على وجه الكرة الأرضية منتج فنى يمنح أمواله وملايينه للفقراء بدلا من أن ينفقها على إنتاج المسلسلات، ولكن هذا لا يتعارض مع أنه ينتج أعمالا ترتقى بالذوق العام المصرى وتحافظ على عادات وتقاليد وقواعد هذا المجتمع كمجتمع شرقى إسلامى. وأكد عبد المنعم أن نظام الحكم الجديد فى مصر الثورة لا يستهدف مطلقا القضاء على صناعة الفن فى مصر، والشعب نفسه يريد أن يرى إنتاجا فنيا محترما وهادفا ولا أقصد بكلمة هادف أن يكون عملا يحمل الكثير من الرؤى والأفكار، بل أقصد أيضا أى عمل كوميدى خفيف قائم على الكوميديا الراقية بعيدا عن الابتذال، ولكن المشكلة أننا إذا نظرنا لغالبية مسلسلات رمضان بنظرة فنية خالصة سنجد أغلبها دون المستوى وهذه المشكلة تقع على عاتق الفنان والمشاهد الأول لأنه ارتضى على نفسه واسمه وتاريخه تقديم أعمال بهذا المستوى الفنى الضحل، أما المشاهد فلأنه يتابع هذه الأعمال على الرغم من انتقاده الشديد لها وخير مثال على هذا الأمر الجزء الثانى من مسلسل "كيد النسا"؛ فالناس كانت تشاهد وتنتقد بدلا من أن تقاطع مما شجع المنتج على تقديم جزء ثان من هذا الفن الهابط والذى يعد من أسوأ إنتاج الدراما المصرية، لذلك نعمل جاهدين على رفع الوعى العام للمشاهد بطريقة شعبية غير رسمية على الاطلاق ونقول له "خدبالك العمل ده بيهينك، ده بيرتقى بذوقك، وهكذا؛ لأن الأعمال السيئة ستختفى فورا إذا ما رفع وعى الجمهور وقاطعها. مسئولية المشاهد وأبدى الناقد الفنى اتفاقه مع وجهة النظر التى تقول إن شهر رمضان مخصص للعبادات ولا مجال فيه لمشاهدة هذا الزخم الدرامى قائلا: هذا الرأى سليم جدا، لكن تنفيذه لن يكون بقرار حكومى، بل سيتم من قاعدة الهرم لقمته؛ بمعنى أن المشاهد يقنن مشاهداته فى رمضان لأقصى درجة فيفهم المنتج أن رمضان لم يعد يمثل منفذا لتسويق أعمالهم فيكفون عن تكريس إنتاجهم لهذا الشهر، وبعيدا عن الجانب الدينى لا بد من ترشيد وإعادة توزيع الإنتاج الدرامى على كل شهور السنة لأن تكديسها فى شهر واحد يحقق خسائر فادحة لعشرات المسلسلات التى لا يلتفت لها أحد، فى حين أنها لو عرضت فى وقت آخر ووسط منافسة أقل قد تحقق نجاحات تذكر . وانتقد على عبد المنعم اقتطاع أجر النجم للجزء الأكبر من ميزانية العمل قائلا: للأسف الشديد نظم الإنتاج المتبعة فى مصر تتيح للنجم أن يتسلط ويطلب ما يشاء من أجر، بل يملى شروطه على المنتجين بحجة أنه فلان الذى يتصدر اسمه أفيشات أى عمل فنى يشارك فيه، والمشكلة الحقيقية فى أن هؤلاء النجوم يأخذون أجورا لا تتناسب مع العائد المادى لأعمالهم، مما يتطلب وقفة جادة للمنتجين يشكلون من خلالها جبهة أو تكتلا ويضعون حدا أقصى لأجر نجوم رمضان، وقتها سيستجيب الفنان؛ لأن البديل الذى أمامه هو الجلوس فى المنزل بلا عمل، وقد حدث مثل هذا الأمر فى هوليوود حينما أعلن عمال المونتاج إضرابا عاما عن العمل لتدنى رواتبهم فاستجاب لهم المنتجون ولكن للأسف الشديد لم يظهر بعد فى الأوساط الفنية المصرية مثل هذه التكتلات التى تهدف للارتقاء بالصناعة ومعالجة نقاط الضعف فيها.