لقّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا درسا قاسيا أمس الثلاثاء، حيث فضح أردوغان سياسة دول الغرب في دعم دول الانقلاب العسكري، رغم شعارات الديمقراطية المزيفة التي ترفعها هذه الدول. وقال أردوغان – في خطاب ألقاه أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان التركي في العاصمة أنقرة، خلال تعليقه على دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للانقلاب في فنزويلا – : “هل فنزويلا إحدى ولاياتك؟ كيف تقول لشخص جاء بالانتخابات إلى الرئاسة ارحل”. وأضاف: كيف لك أن تُسلّم منصب الرئاسة لشخص لم يخض الانتخابات الرئاسية (في إشارة لرئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو)؟ أين الديمقراطية؟ وأين ديمقراطيتكم؟ هل يوجد مثل هذ التعامل؟ هل يمكن قبول ذلك؟ ونقلت وكالة “الأناضول” عن أردوغان قوله: “ها هو الاتحاد الأوروبي، إن حقيقته أصبحت واضحة.. أين الديمقراطية، تنادون بالديمقراطية وصناديق الاقتراع وبعدها تعملون بالحيلة والإجبار على قلب الحكومة”. وقال الرئيس التركي: “اعلموا أننا لا نقبل بعالم يسوده حق القوة بل نقبل بعالم يسوده قوة الحق”. ديمقراطية الانقلابات وفي أكبر فضيحة لازدواجية دول أوروبا وأمريكا حول النداء بالدميقراطية ودعم الانقلابات العسكرية، كررت دول أوروبا نفس المشهد الذي فعلته مع الرئيس محمد مرسي في مصر، مع الرئيس الفنزويلي؛ حيث أعلنت العديد من دول الاتحاد الأوروبي، اعترافها بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، رئيسا مؤقتا للبلاد، وحثته على إجراء انتخابات رئاسية جديدة. ومن بين هذه الدول بريطانيا وإسبانيا وفرنسا والسويد وألمانيا وليتوانيا وجمهورية التشيك والدنمارك والنمسا وهولندا. وجاء هذا الإعلان عقب انتهاء مهلة ال8 أيام التي أعطتها دول في الاتحاد الأوروبي للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإجراء انتخابات في البلاد. وفي 23 يناير المنصرم، أعلن غوايدو، نفسه “رئيسا مؤقتا” للبلاد، وعلى الفور أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية دعمها للانقلاب، وتوالت بعدها أوروبا في دعمه؛ الأمر الذي أدى لإعلان الرئيس مادورو، قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، متهما إياها ب”تدبير محاولة انقلاب” ضده. وسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بزعيم المعارضة “رئيسا انتقاليا”، وتبعته كل من كندا، وكولومبيا، وبيرو، والإكوادور، وباراغواي، والبرازيل، وشيلي، وبنما، والأرجنتين، وكوستاريكا، وغواتيمالا. وبالمقابل أيدت كل من تركيا وروسيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو، الذي أدى قبل أيام اليمين الدستورية رئيسا لفترة جديدة تمتد ل6 سنوات. دعمتها أمريكا ونشر تقرير على موقع “ساسا بوست” أنه على عكس ما يروج الجنرالات الانقلابيون في كل الدنيا وعلى مدار التاريخ لانقلاباتهم التي تأتي لحماية الشعوب وتأكيد استقلال القرار الوطني، يخبرنا التاريخ أن الانقلابات العسكرية خاصة في الدول المؤثرة تأتي غالبًا برعاية خارجية، وأحيانًا بتخطيط وتدبير كامل من قبل المخابرات الأجنبية خاصة الأمريكية ، كما حدث في مصر على يد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي الذي دعمته أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية والكيان الصهيوني. وقال التقرير إن أهم ما يميز هذه المجموعة من الانقلابات هو بروز الدور الأمريكي خلالها بوضوح، وتفاصيل التدخل الأمريكي ليست من تكهنات الصحافة أو حتى تحليلات السياسة ولا حتى من شهادات التاريخ بل إنها حتى ليست من مذكرات واعترافات شخصية فقط، المميز فى هذه الانقلابات أن المخابرات الأمريكية قد أفرجت عن وثائق تفيد تورطها في هذه الانقلابات بل إنها قدمت اعتذارًا علنيًّا عن بعضها كما في انقلاب جواتيمالا. ومن بين هذه الانقلابات بخلاف الانقلاب العسكري المعروف في مصر الذي خططت وأيدته أمريكا وأووربا: (1) 1953: الانقلاب على حكومة مصدق في إيران في 1941 تم إجبار شاه إيران رضا بهلوي على التنازل لولده محمد (الذى خلعته الثورة الإيرانية عام 1979) وواجه الوريث الجديد احتجاجات واسعة قادتها الجبهة الوطنية التي طالبت عبر محمد مصدق – أحد رموزها – بعدة مطالب ديمقراطية منها تأميم النفط، وكان رد الشاه هو الرفض لاعتبارات دولية بغض النظر عن الفقر المدقع للشعب وإهدار ثرواته لصالح الشركات الغربية وعلى رأسها شركة النفط الإنجليزية الإيرانية، ومع اغتيال رئيس الوزراء المدعوم من الشاه الرافض للتأميم في 7 مارس 1951 توالت أعمال الشغب حتى أبريل من نفس العام، ففي 28 أبريل تم اختيار محمد مصدق كرئيس للوزراء من البرلمان بأغلبية كبرى. كان وصول محمد مصدق إلى رئاسة الوزراء في إيران مشفوعًا بدعم شعبي كبير؛ ولكن يبقى تأميم صناعة النفط الإيرانية على يد مصدق هي النقطة الأبرز في سياسة حكومته؛ حيث كان البريطانيون يسيطرون عليها منذ 1913 من خلال شركة النفط الأنجلو – إيرانية "بريتش بيتروليم حاليًا"، ولم تُرض سياسات مصدق بريطانياوالولاياتالمتحدة بالطبع، فتم تأسيس العملية أجاكس "التي كُشِف عن تفاصيلها لاحقًا"، والتي قادها كرميت روزفلت، ضابط الاستخبارات الأمريكي، الذي يُعد المهندس الحقيقي لعملية الانقلاب. واعتمدت خطة روزفلت على عدة محاور، أولها قيادة حصار دولي على إيران بدعوى أنها انتهكت حقوق الإنجليز عبر تأميمها للنفط، الأمر الذي تسبب في سوء الحياة الاقتصادية في إيران، أما الخطوة الثانية فاعتمدت على تأليب الرأي العام داخليًّا وخارجيًّا ضد مصدق باعتباره المسئول عن تردي الأوضاع في إيران، أما الخطوة الثالثة فكان الضغط على حلفائه السياسيين وحتى رجال الدين من أجل رفع دعمهم له، وأخيرًا إشاعة الفوضى في الشارع وافتعال تصادمات بين أنصار مصدق وخصومه عبر تسيير مظاهرات ناهضة له وتسليحها بأسلحة خفيفة. وفي أغسطس من عام 1953؛ هرب الشاه إلى إيطاليا، وقبل هروبه اتخذ قرارين، الأول: عزل محمد مصدق، والثاني: تعيين الجنرال فضل الله زاهدي بدلًا عنه، ورفض البرلمان الامتثال لأوامر الشاة فنزل زاهدي بالجيش إلى الشوارع، وتم رشوة الضباط المسئولين عن تأمين مصدق وقام زاهدي بقصف منزل مصدق وسط العاصمة طهران، وألقى القبض عليه وتمت محاكمته أمام محكمة صورية وأُصدِر الحكم عليه بالإعدام، ولكنه خُفِّفَ إلى حكم انفرادي لمدة ثلاث سنوات خوفًا من رد فعل أنصاره ثمَّ الإقامة الجبرية مدى الحياة. (2) 1954 : الانقلاب العسكري في جواتيمالا يشعل حربًا أهلية (3) 1961 : الانقلاب العسكري في الكونغو الديمقراطية "كينشاسا" وقتل الرئيس الشرعي (4) 1963 :انقلاب في الدومنيكان ثم تدخل عسكري لمنع الثورة على الانقلاب رفائيل تروخيو (5) 1963: انقلاب في جنوب فيتنام برعاية أمريكية