“المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”، كيان إرهابي دشنه السفيه السيسي ليحل محل وزارة الإعلام التي سقطت مع صفوت الشريف، وزير المخلوع مبارك، ويترأسها الصحفي سيئ السمعة مكرم محمد أحمد، أحد أذرع العسكر، لتكميم الأفواه الرافضة لحكم الجنرالات، والذي أعلن في نوفمبر الماضي عن المسوّدة النهائية لمشروع تحت مسمى “لائحة الجزاءات”، التي تشمل القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الرافضة للتطبيل للعسكر، أو التي تطبل ولكنها قد تغرد أحيانًا خارج السرب. وعقب إصدار مسودة اللائحة، أعلن مئات الإعلاميين والصحفيين والشخصيات العامة عن اعتراضهم عليها، حيث وقّع أكثر من 600 إعلامي وصحفي على بيان يؤكد رفضهم لتلك اللائحة جملة وتفصيلا، وقدم صحفيون مذكرة إلى “المجلس الأعلى للإعلام” وإلى “مجلس الدولة”، وهو جهة قضائية تتبع القضاء الإداري، اعتراضًا على لائحة الجزاءات التي أقرها كيان مكرم الإرهابي. مشروع قمعي وعلى الرغم من حالة الرفض الواسعة، إلا أن هيئة مكتب المجلس الأعلى للإعلام وافقت على اللائحة خلال اجتماعها الأخير، نهاية ديسمبر الماضي، وطلب المجلس من نقابتي الصحفيين والإعلاميين حضور اجتماعه المقبل لأخذ رأيهما في اللائحة قبل إقرارها نهائيًا، وأبدى مكرم إصرارًا كبيرًا على موقفه، وزعم أن مشروع لائحة الجزاءات الجديدة يكفل حرية الإعلام، كما يحفظ حقوق القراء والمشاهدين في الحصول على خدمة إعلامية منضبطة. وتعليقًا على هذه اللائحة، قال نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش: إن هذه الخطوة “تأتي امتدادًا طبيعيًّا ومكملًا لقوانين خنق حرية الصحافة التي أقرها مجلس النواب مؤخرًا”، مضيفًا أن هذه اللائحة “تغلق في وجه المصريين آخر مساحة متاحة للتعبير عن الرأي، وتصادر مهنة الإعلام والصحافة بشكل نهائي”. من جانبه قال الباحث الحقوقي أحمد الإمام: إن هذه اللائحة “شهدت نقلة نوعية في قمع حرية التعبير، حيث تضمنت بنودًا تهدف إلى تكميم الأفواه التي ما زالت تنتقد النظام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت المتنفس الوحيد للمصريين، حيث ساوت اللائحة بين صفحات التواصل الاجتماعي الشخصية ووسائل الإعلام التقليدية، كالقنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية”. أعمدة الاستبداد من جانبه أكد المتخصص في علم الاجتماع السياسي، الدكتور سيف الدين المرصفاوي، أن السفيه السيسي اعتمد على مجموعة من الإعلاميين والصحفيين الذين لهم صلات بالأجهزة الأمنية، في جهازي المخابرات والأمن الوطني، وجميعهم لهم موقف عدائي ليس من جماعة الإخوان فقط وإنما من كل التوجهات الإسلامية. وأوضح المرصفاوي أن السفيه السيسي يعلم جيدًا خطورة الإعلام، ويعتبره أحد أسلحة حروب الجيل الرابع، ولذلك كان حريصًا على السيطرة عليه إما بالإغراءات أو الترهيب، واعتمد في ذلك على مجموعة من “حراس معابد المستبدين”، في مقدمتهم مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين السابق، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام، والذي يقوم الآن بدور وزير الإعلام بعد إلغاء الوزارة في آخر تشكيل وزاري، لافتا إلى أنه من الشخصيات التي لها علاقات وثيقة للغاية بجهازي المخابرات والأمن الوطني. وأشار المرصفاوي إلى أن أسامة هيكل، وزير الإعلام خلال فترة المجلس العسكري، والذي يرأس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان الحالي، كان محررًا عسكريًّا لجريدة الوفد، وهو يمثل مع مكرم وياسر رزق رئيس تحرير الأخبار، ومصطفى بكري عضو البرلمان، وضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، خماسيًا مهمًّا في تنفيذ توجهات السفيه السيسي، سواء في المجال التشريعي أو السياسي أو الصحفي أو التجميلي. وأوضح المرصفاوي أن الفريق المسيطر على الساحة الإعلامية يخالف القواعد المهنية والأعراف الصحفية، ويطوع الوسائل الإعلامية لخدمة قائد الانقلاب وترسيخ دولته، ولدى هؤلاء قدرة على تغيير الحقائق وتجميل القبيح على مدار الساعة.