بزيارة خجولة سجل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حضوره في تونس مستترًا عن أنظار الشارع التونسي المشتعل على الزيارة، وحطت طائرته في مطار لم يعلن عنه واقتصرت أجندته على لقاء الرئيس الباجي قايد السبسي ليقدم له جزيل الشكر والامتنان لذلك المعروف الذي رفع الرئيس التونسي لمنزلة الأب، وذلك فقط هو كل ما رشح من معلومات ونتائج حول الزيارة المقتضبة. كان يكفي إعلان الديوان العام الملكي السعودي اعتزام ولي العهد زيارة تونس حتى ينتفض المجتمع التونسي عن بكرة أبيه من برلمانيين وسياسيين وناشطين وصحفيين، معلنين رفضهم استقبال الرجل المنشار، حسب ما تصفه شهادات مسرح الجريمة التي شهدت قتل أحد أنبل مواطني بلده الصحفي المغدور جمال خاشقجي. والحال أ كل عواصم العالم باستثناء شركاته وشركائه في الإمارات والمنامة والقاهرة تتشارك الشارع التونسي الأجواء نفسها رفضا لجولة تشي بالهدف المعلوم تجميل الوجه القبيح لسياسات الأمير الطائش. ولعل ذلك ما حاولت منظمة هيومن رايتس ووتش تأكيده له في رسالة وجهتها لابن سلمان بشخصه وصفته وعبر فضاء تويتر قالت له إن يد العدالة ليست قصيرة وإنها قد تطاله في الأرجنتين بنهاية جولته التي يذهب إليها وذلك بعد تغريدة سابقة حذرته فيها من السفر إلى هناك لتلميع صورته.
بيد أن النفط السعودي دائما ما يلعب دوره ففي أكبر هبوط يومي منذ ما يزيد على 3 سنوات انخفضت أسعار النفط بنسبة تصل إلى 30% لتنتعش السوق الأمريكية ويتهاوى الاقتصاد السعودي وذلك فيما يطلق عليه من جانب بعض المراقبين ثمن السكوت الأمريكي على الجريمة، لكنها بحسب آخرين ليست إلى جولة واحدة على حلبة تلعب فيها المملكة تحت هذه القيادة دور المتلقي دائما للكمات الذي ربما لا يدري من أي جانب سوف تأتيه اللكمة القادمة. قناة “مكملين” سلطت عبر برنامج “قصة اليوم” الضوء على جولة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الخارجية وكيف حولت جريمة خاشقجي النظر إلى العديد من الجرائم المرتكبة تحت وطأة سياساته في المنطقة. وقال الدكتور نظير الكندوري، المحلل السياسي إن زيارة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي إلى تونس زادت من قتامة صورته ولم تنجح في تلميعها. وأضاف الكندوري أن ابن سلمان كان يسعى إلى تلميع صورته من خلال جولة خارجية للدول التي تدور في فلك المملكة كالبحرين والإمارات ومصر وحاول أن يذهب إلى تونس باعتبارها رمزية لثورات الربيع العربي لكنه فوجئ برفض شعبي واسع ما دفعه للمغادرة سريعا إلى الأرجنتين. وأوضح الكندوري أن الدول التي زارها لا توجد فيها أرادة شعبية تعبر عن مواطنيها وزيارته لها لن يكون لها جدوى في تحسين صورته المشوهة عقب مقتل خاشقجي. من جانبه استبعد الكاتب الصحفي السعودي مرزوق العتيبي، نجاح غطاء دونالد ترامب الرئيس الأمريكي في حماية ابن سلمان مؤكدا أنه لن يكتفي برفع إنتاج النفط فقط وسيكون هناك محاولات أخرى لابتزاز ابن سلمان مقابل الصمت. وقال العتيبي إن المال السعودي قد يحدد مواقف الغرب تجاه المملكة لفترة معينة لكن اغتيال جمال خاشقجي أصبحت رأي عام تهم الصحافة الدولية، مضيفا أن ابن سلمان أصبح عدوا للصحافة ومفلسا من الناحية الأخلاقية ولا يحظى بأي احترام دولي. وأضاف العتيبي أن ابن سمان لا يملك رؤية اقتصادية ويتبع سياسات متهورة ستؤدي حال استمراره إلى تدهور الاقتصاد السعودي في ظل تململ الشعب السعودي من قراراته الأخيرة.